[شاكر الحصني]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :
ففي شريعة الاسلام فقهيات لايعرفها الا الراسخون في العلم وفيه ادلة واحكام لايعلمها الا اهل الذكرالعارفون بقواعد الشريعة ومقاصدها
في الاسلام قواعد واصول تبنى عليها الأحكام والفتوى في أي امر من الامور والنوازل
فما من شيءٍ في الشريعة الإسلامية إلا وهو راجعٌ إلى مسألة الذرائع سدًّا أو فتحًا
فالمُحرَّمات ذريعةٌ إلى النار، والواجبات والسنن ذريعةٌ إلى الجنة، فما أدى إلى الجنة من الذرائع فُتِح، وما أدى إلى النار سُدَّ
فهذه القاعدة يطبقها الفقهاء إذا تعارَضت مفسدةٌ ومصلحة فإن كانت المفسدةُ أقوى وجبَ درؤُها وهذا ما يُسمَّى سدَّ الذرائع ، وإن كانت المصلحةُ أقوى وجبَ اختيارُها وهذا ما يُسمَّى فتح الذرائع
فهذه القاعدة عمل بها العلماء منذ القدم الى يومنا هذا وهي قاعدةٌ ثابتةٌ بالشرع والعقل فمن الشرع قوله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فنهى الله سبحانه عن سبِّ آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتَّب عليه مفسدةٌ أعظم منها وهي سبُّ المشركين اللهَ عز وجل وهذا دليلٌ على منع الجائز إذا كان يُفضِي إلى محرَّم
ومنه قول الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) وقول الله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) فالنظرُ في حدِّ ذاته مُباح ولكن لما كان نظرُ الرجال إلى النساء ونظرُ النساء إلى الرجال وسيلةً قد تُفضِي إلى الفتنة أمر الله بغضِّ البصر إلى غير المحارم
وقد جاء في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله إياكم والجلوسَ في الطرقات فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُدٌّ نتحدَّث فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقَّه قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله قال: غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فالجلوس في الطرقات مُباح ولكنه إذا كان سبيلاً إلى النظر إلى ما حرَّم الله أو وقوع الأذى فإنه يُمنع سدًّا لذريعة المخالفة لأوامر الله ونواهيه
و من جهة العقل هانحن نمنع أطفالنا من تناوُل الحلوى سدًّا لذريعة التسوُّس ويُمنعُ قطع إشارات المرور سدًّا لذريعة الحوادث وتُمنعُ السرعة الجنونية سدًّا لذريعة الهلاك ويُمنعُ استهلاك العقاقير إلا بوصف الطبيب سدًّا لذريعة الوقوع في الخطر
كل هذه احكام مبنية على قاعدة سد الذرائع وإلا فالحلوى والجلوس في الطرقات والنظر في اصله حلال لكن حينما افضى استخدامهما في غير محله الى مفسدة هنا كان التمييز بين الحلال والحرام وعلى هذا يقاس العديد من الاحكام الشرعية فى كل زمان
إن سوء فهم البعض من عامة الناس لهذه القاعدة المهمة من دين الله تعالى جعل فئام من الناس يقصرون المحرمات على ما جاءت به النصوص فلا يقتنعون بمنعٍ أو تحريمٍٍ يخرج عن هذا النص
حتى اصبح البعض يتكلم بردود يلجأ فيها الى استخدام العقل مبطلاً النقل من الكتاب والسنة ليخوض في دين الله ويقول على الله بغير علم
اما متكئ على قاعدة فتح الذرائع في الوقت الذي من المصلحة العامة للأمة ان يكون الحكم في تلك المسألة هو سد الذرائع
او يكون مستدلاً على قاعدة سد الذرائع في الوقت الذي من المصلحة العامة للأمة ان يكون الحكم في تلك المسألة هو فتح الذرائع
فليتق الله من يخوض في هذه المسائل بغير علم اما متحدث بها او مروجا لها مصدقا لمايسمعه مما وافق هوى في نفسه
فلايحق للخائضين بغيرعلم ان يسيطيروا في جهلهم على دقائق الأمور من دين الله تعالى دون جليلها ويحدثوا فتنة في المجتمع هم بغنىً عنها مادام اهل العقد والحل موجودون من اهل العلم والولاة المعتبرين
اما بعد : ففي بلادنا المباركة بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية كثر الخوض في مسائل تخالف ماعليه المجتمع السعودي بفطرته الدينية الصافية
خاض بها الخائضون بعقولهم القاصره التي يرون فيها جواز هذه المسائل يزعمون انه لانص صريح نزل بتحريمها كمثل قيادة المرأة للسيارة او الاختلاط وغيره الكثير من الدعوات النسائية التي يتشدق بها البعض لتجر بلادنا الى الفتنة التى حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله بقوله ماتركت بعدي فتنة اضرعلى الرجال من النساء فااتقوا فتنة الدنيا واتقوا فتنة النساء فان اول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء
لهذا فالتفصيل في هذه المسائل ليس من حق الصحفي في صحيفته او كاتب جاهل في امور الشرع في موقعه او منتداه ومدونته وليس من حق من يسمي نفسه ناشط او ناشطة حقوقي
بل هو موكول لأهل العلم الشرعي فقط ومن هو أدرى بفقه السياسة الشرعية الصالحة
فعلينا عباد الله ان لانلتفت لهذه الدعوات الباطلة بل علينا أن نتمسك بالوحيين الكتاب والسنة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بل فلنعض عليها بالنواجذ حتى لانسقط في وحل التغريب والتغيير الى الأسوا ثم الانجراف الى الهاوية باسم التقدم والمدنية الغير منضبطة
وعلينا ان تكون ثقتنا باقوال علماؤنا المدعومة بالدليل اقوى من ان تزعزعها بطانات لاتريد الخير
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ولاتقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد

الشيخ/ فهد عبدالرحمن السرداح