|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
25-07-2005, 04:37 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 3
|
المرأة الأُمّة التي اهتز الجواء لفقدها
في مساء يوم الثلاثاء الموافق 13/06/1426هـ شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى لوقوع حادث شنيع على طريق حائل السريع (( طريق الخدمة)) الذي يربط بين بريدة وأوثال بمنطقة القصيم وكان ضحايا هذا الحادث الأليم أمّ وولدها وزوجته ومن الطرف الآخر شاب في مقتبل العمر رحمهم الله جميعاً بلمح البصر أسرة كاملة ، وتقوّضت أركان بيت تغمره السعادة و الألفة والمحبة.
دعوني أحدثكم عن فقيدتنا لطيفة إبراهيم الرشيد المكناة ((أم صالح الأحمد ) والملقبة (( بصلفة )) وتعني (( القوية النشيطة التي تحسن إدارة الأمور)) إنها الأم ، بل إنها (( أمّة)) حلقاً وديناً وحباً للخير ، إنها رمز البر والتقوى والورع ، إنها خنساء هذا العصر ، ربّت أولادها على الفضيلة والخلق القويم ، ربتهم على حب الوطن وحب الأمة الإسلامية جمعاء ، أعدّتهم للمجد ، كان قلبها يتفطر كمداً على ما آلت إليه أمتنا من مصائب، كانت تلهج بالدعاء الحار أن ينقذ الله هذه الأمّة وهي تتابع الأخبار على التلفاز وهي الآن تعود للتراب ، وليس في ذلك بدع فكلّنا للتراب ، ولكن الذي يبقى هو الذكر الحميد ، فإذا كانت الحياة كأس شراب فنحن بقية هذا الشراب ، رحمك الله يا أمنا وما عساي أقول:- عدت للأصل رغبة في الغياب ******* واحتواك التراب بنت التراب كلنا للثرى نعود ويبقى ****** طيب الذكر للسجايا العذاب فكأن الحياة كأس شراب ****** نحن فيها بقية من شراب ليس غريباً أن تبكيها أوثال ، ليس غريباً أن يبكيها الصغار والكبار ، ليس غريباً أن يبكيها النساء والرجال والعامل والخادمة واليتيم والفقير والمسكين وابن السبيل ، فقد كانت أم الجميع ، يعرف الجميع فضلها ، وتعرف المنطقة مكانتها ، ويشهد الفضل بفضلها:ـ بكيتُ ، ولم أملك عليّ إبائيا **** لعمرك ما أرخصتُ قبلُ بكائيا بكيتك لا ضعفاً وإن أوهن المصاب *** فيك تجلدي وأوهى قناتيا ولا من أسىً وإن صدّع الأسى ***** حناياي تصديعاً وحزن فؤاديا ولا من حذار البن أبكي وإن يكن **** فراقك مقضيّا ومثواك نائيا ولكنّني أبكي لعجزي فما استطعتُ *** ردّ جميل أو أكون المفاديا كانت رحمها الله لا يفوتها صوم الاثنين والخميس وأيام النوافل كالبيض وعرفة وعاشوراء .......... اشتهرت ليس بما لها ولا بجاهها وإنما بحبها للناس وقضائها حوائجهم إنها لا تسمع بمريض أو بجنازة حتى تسارع لتواسي هؤلاء الناس ولو كانوا غير ذي قربى . تقطع مئات الكيلومترات حتى تزور مريضاً أو تواسي أسرة في مصاب. كل الذين عرفوها وسمعوا بها بكوها بكاءً ذرفت فيها الدموع والدعاء لها ولابنها وزوجته بالمغفرة. لقد كانت تسعد كل من حولها بكرمها وابتسامتها الحلوة وكلامها اللطيف، حكيمة في تصرفاتها تدير بيتها بنفسها وتجلب كل ما يحتاجه المنزل بنفسها وكان المنزل آية في السعادة والمحبة والألفة بين بناتها الخمس وأولاها الأربعة وكان أحدهم الذي قضى نحبه في هذا الحادث المؤلم. كانت في طريق العودة من بريدة إلى أوثال تُعدُّ لوازم وليمة لأولادها في تلك الليلة ليلة الأربعاء ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى فوق كل إرادة ، وعسى أن تكون وليمتها في جنات الخلد بين الحور العين. لقد مضت إلى ما وعدها ربها من خير وبركة ، مضت طاهرة الأثواب لم تبق روضة إلا اشتهت أنها قبرها. امتلأ المسجد بالمصلين عليها في صلاة الظهر من يوم الأربعاء الموافق 14/06/1426هـ حتى أن كثيراً من محبيها لم يستطع الصلاة في المسجد، فصلوا عليها في المقبرة على دفعات ثلاث. لقد شيعتها القلوب الصادقة والعيون الدامعة ، وتواصلت السيارات من المسجد إلى المقبرة يحملون هذه المرأة الشامخة مع ولدها وزوجته و ازدحمت المقبرة بالناس وضاقت بما رحبت. حينما تجلس مع هذه المرأة تحس بالأنسة والسعادة وكانت رحمها الله محبة للأطفال ويبادلونها حباً بحب. تروي أم محمد المُغسِّلة لها بأنها عندما رفعت غطاءها لتُغسِّلها انبعث منها ريح أطيب من المسك ، فنادت أبناءها الحاضرين وأطلعتهم على ذلك ليروا ما آلت إليه والدتهم فانشرحت صدورهم لذلك المنظر الذي لا يمكن أن يكون إلا لأولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. لقد اهتزت أوثال لفقد هذه ((الأمَّة)) وجميع البلدان المجاورة لها وبدأوا يتحدثون فيها بالمجالس والكل يترحم عليهم ويحزن لفقدان هذه المرأة (الأمَّة) كانت امرأة ليست كالنساء وقتها كله مشغول بإدخال السعادة على الآخرين بكل ما تملك شعارها (( تبسمك في وجه أخيك صدقة)) ولعلها أخذت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه (( بأن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله أن تدخل البسمة على وجه أخيك المسلم)) أدخلت هذه المرأة البسمات على كثير من المنازل داخل بلدها وخارجه، وقد توافد الناس من معارفها وأقاربها في أمريكا وفي مصر وفي الخليج وفي كل مكان داخل المملكة وخارجها حضروا ليقدموا التعازي لأولادها. إنهالت الناس على مدى ثلاثة أيام من كل مكان لتقديم التعازي. وهم يبكون ويبتهلون إلى الله عز وجل أن يرحم هذه المرأة وابنها وزوجته رحمة واسعة وأن يجعلهم في عليين ، وأن يجعل كل ما قدمته هذه المرأة (الأمَّة) زاداً لها إلى الجنة ، وأن يرحمهم الله برحمته ويسكنهم فسيح جناته ويصبر أولادها وبناتها وجميع أحبابها ومن بكوها. وأن يرحمنا الله وجميع المسلمين إذا صرنا إلى ما صاروا إليه. وإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقلم الأستاذ إبراهيم بن صالح الدسيماني عضو المجلس البلدي بمحافظة عيون الجواء E- mail: maitqq@yahoo.com |
الإشارات المرجعية |
|
|