[أبو سليمان الحامد]

ثقافة العُري

كنتُ أقرأ وردي اليومي من كتاب الله تعالى , فوصلت إلى الوجه الثالث من سورة الأعراف فاستوقفتني آيات عظيمة تتحدث عن امتنان الله على عباده ( بني آدم ) بنعمة الستر والصيانة واللباس الحسن فتأملت حال كثير من شبابنا ذكوراً وإناثاً واستعاضتهم العري بدل الستر والصيانة , فاستبدلوا الذي أدنى بالذي هو خير .

أترككم مع الآيات الكريمة لأعود بعدها لأستكمل وقفتي التأملية :
قال الله تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (26-32 ) سورة الأعراف
فالآيات الكريمة تتحدث عن نعمة الله على بني آدم بأن جعل لهم لباسا يواري سوءاتهم أي يغطي عوراتهم فلا تظهر أمام الناس , ثم بيّنَ سبحانه أن التعري ونزع اللباس إنما هو من سبيل الشيطان ومنهجه , فهو الذي فتن الأبوين لينزعا عنهما لباسها وتظهر عوراتهما وهما في الجنة .
فأيُّ عُرْيٍ يُظْهِرُه ابنُ آدمَ في هذه الحياة إنما هو من سبيل الشيطان ومسلَكِه , أما الستر والصيانة واللباس الحسن فهو منهج رباني إلهي اختاره الله تعالى لنا في حياتنا الدنيا والأخرى .
إذن ما بال كثير من الشباب والفتَيات يذهبون إلى سبيل الشيطان فيُظهِرون شيئا من سوءاتهم أمام الناس في الأسواق , والحفلات والأماكن العامة ,لتظهرَ لنا ملابسُ الميدي , وطيحني وسامحني .. الخ من المتردية والنطيحة ؟؟
وأخص بذلك الفتيات اللاتي يتسابقن في الحفلات والأعراس على إظهار مفاتن أجسادهن من الصدور والنحور والأذرع والسيقان بل وحتى ما فوق ذلك , وكأنهن بذلك ينتهجن مسلك الشيطان الذي ارتضاه لهن عدوُّهن اللدود !!
جاء في الحديث الصحيح : صنفان من أهل النار لم أرهما ... نساء كاسيات عاريات .. الحديث

فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أن هؤلاء النساء كاسيات ولكنهنّ كالعاريات لما يظهر من سوءاتهنَّ فكأنهن غير لابسات .

قد تسأل سائلة : أنا أحب أن ألبس الجميل وأتزين , فلماذا تشددون علينا ؟

فالجواب :

أن الله تعالى بين في الآيات السابقات أنه أمرنا بأخذ الزينة , واستنكر سبحانه على مَنْ حَرَّم الزينة على عباده {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ , قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} إذن , فالستر والصيانة لا تنافي الزينة والجمال التي أمر الله بهما .

ولكن هل من معتبر ومدّكِر ؟؟