[الـصـمـصـام]

في وقت الظلمات لا يجد المرء أجل و لا أفضل من أن يطلب النور ، و أفضل النور و أعلاه هو النور المستمد من الله تعالى ، إذ أنه نورٌ لا يُمكن أن يخبو و لا يضعف ( والله متم نوره و لو كره الكافرون ) ، نور ظاهر قاهر مهما خطط لإطفائه .

و في هذه الحياة و نحن في ظلمات العادات السيئة ، و موروثات الجهالة ، و ظلمة المعصية ، نحتاج إلى نور إلهي رباني يبدد هذه الظلمات كلها ، و يجعل الحياة كلها تسير على نسق رباني يريده الله ، فيشرق الضياء على الحياة و تشع أنوار الهداية على قلب المرء ابتداء ، ثم يتسلل ذلك النور ظاهراً على جوارحه و سمته و هديه و مجتمعه ، و كل ما كثر هؤلاء ازدادت الأنوار و عم الضياء .. ضياء الحق و الهدى .

إن لحظات النور التي أعنيها هي تلك اللحظات التي يعيشها عبدالله و تعيشها أمة الله ، في تلاوة متدبرة متأنية لسورة النور ، التي أنزلها الله و فرضها و أنزل فيها آيات بينات ، هذه السورة التي امتدحها الله و أثنى عليها في مطلعها ، فأي قلب غفل عن آياتها و حكمها بعد ثناء الله تعالى عليها ثناءً خاصًا ، فهو قلب يحتاج إلى مراجعة و تصحيح و كلنا كذلك ..

لما تقرأ في هذه السورة و تتأمل و تتدبر في المواضيع التي تناولتها ، تجد أن غالب الآيات تعالج كثيراً من مشاكلنا اليوم خصوصًا في مسألة حماية الأعراض ، فتناولت في أولها تشريع أحكام الزنا ، و الزنا كما هو معلوم انتهاك للعرض و الحرمات ، ثم بعد ذلك تناولت السورة القذف و أحكامه ، و القذف خدش في العرض ، ثم تناولت تلك الحادثة الكبرى و المصيبة العظمى التي تولاها أهل النفاق لإيذاء عرض أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ..

و جاء بعد ذا الكلام عن الله و عن نوره سبحانه و تعالى ، ثم عن المنافقين ، و بين ثنايا هذه المواضيع جملة من الأخبار و الأسرار و الحكم و الأنوار التي تضيء لنا حياتنا و ما بعد مماتنا ، سورة النور بقراءتها تشعر أنك تتطلع إلى وصايا ربانية خاصة ، في كل مرة تقرأ تجد العجب العجاب ، و لكن هذه العجائب لا تتجلى لك إلا بإحياء التدبر ، و إعمال العقل و الفكر أثناء القراءة ، و هذا هو الذي يكشف لك أنوار الهداية الربانية ، و يُطلعك على الحق بنور من الله ..

كان من دعاء النبي - صلى الله عليه و سلم - : ( اللهم ! اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، واجعل في سمعي نورا ، واجعل في بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا . اللهم ! أعطني نورا )

أخوكم / عبدالله