[أبو سليمان الحامد]

يكثر التداول بين الناس معلومة هامة جدا , وهي أن من مسّ أعراض الناس فسوف يُمسُّ عِرضُه جزاء وفاقاً , وكما قيل : دقّة بدقَّة , ولو زدتَ لزاد السقّا ,,
وقد بحثت عن مستند شرعي لهذا الأمر فلم أجد إلا أمرين :
الأول : الحديث الشريف :" كما تدين تُدان " .
الثاني : قول الشافعي رحمه الله :
إن الزنى دينٌ فإن أقرضتَه ,,, كان الوفا من أهلك بيتك فاعلمِ
مَنْ يزْنِ يُزْنَ به ولو بجدارِه ,,, إن كنتَ يا هذا لبياً فافهــمِ

وقد تأملت الأمر فوجدتُ المستندَ ضعيفا , والحجة بائرة لا تقوم , وذلك أن الحديث ضعيف , بل وموضوع في بعض الروايات كما ذكر ذلك السخاوي في المقاصد الحسنة ,
وعلى فرض صحته , فهو لفظ عام ليس فيه تنصيص على أن من زنا ببنت الناس أو غازلها مثلا فسوف يقع ذلك على عرضه ومحارمه !
وقصارى لفظ الحديث ( إن صح ) أنه كما قال سبحانه : " من يعمل سوءا يجزَ به "

وأما قول الشافعي فهو موجود في ديوانه , وليس بالضرورة أن يكون صحيح النسبة إليه , ففي الديوان كثير من التجميع مما ينسب للشافعي وغيره , وعلى فرض صحته فالشافعي عالم مجتهد , وليس نبيا مرسلا , وليس بالضرورة أن يكون قوله حقا لا مرية فيه .
قد يقول قائل : لماذا أنت معترض على ذلك , وهل لديك حجة في رده ؟
فأجيب : بأن القول المذكور أعلاه يصادم نصا شرعيا صحيحا صريحا لا مرية فيه ولا جدال , وهو قول الحق تبارك وتعالى : "{ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } (164) سورة الأنعام , وقال سبحانه : {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } (15) سورة الإسراء .
وقال سبحانه : {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى , وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى , أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } سورة النجم .
فهذه نصوص محكمة من كتاب الله تعالى بألا تزر وازرة وزر أخرى , وما ربك بظلام للعبيد , فهل يعاقب الفاسق على فسقه بوقوع الأذى والانتهاك على زوجه أو أخته وهي الطاهرة العفيفة التي لم تعلم بما اقترفه ذلك الرجل البائس ؟؟
كلا والله , وربنا سبحانه أرحم وأعدل من أن يعاقب إنسانا بجريرة غيره .

فهلا توقفنا عن نشر مثل الأغلوطة بارك الله فيكم .

والتحذير من الفواحش لا يكون بمخالفة كلام الله تعالى , وإنما له طرقه الشرعية من الوعظ والتخويف والتربية السليمة .

وأتمنى ممن يجد مستندا علميا صحيحا لهذه المقولة أن يتحفنا بها , شريطة أن يجد مخرجا سليما للآيات الكريمة .

وصلى الله على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .