بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » هذا الدعاء يا أولي الألباب !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 26-08-2011, 02:55 PM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
هذا الدعاء يا أولي الألباب !




أخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم أن عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عند دعاء ليلة القدر وماذا تقول ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " قولي : اللهم إنك عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي " .

هذا الحديث الشريف يعرفه الجميع , ويتردد صداه هذه الأيام بكثرة , ولكن هناك سؤال يدور في أعماقي وأنا أردد هذا الحديث الشريف :
هذا النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه يعلم عظمة هذه الليلة المباركة ( ليلة القدر ) , ويعلم قيمة الذكر والدعاء فيها , ومع ذلك فَلَمْ يُرْشِدْ زوجَه وحبيبتَه وغاليتَه أمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلا بهذا الدعاء الموجز العظيم .

فهل كان هذا الدعاء الشريف أقصر قدرا من ليلة القدر ؟؟

كلا والله , وحاشا لسيد البشرية صلى الله عليه وسلم أن يتبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير , ولكنه نور النبوة , وسراج الرسالة الذي يخرج من مشكاة الوحي لتُخْرِجَ لنا دعاء جامعاً عظيما يجمع خيري الدنيا والآخرة {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى , إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (4) سورة النجم .
فأي خير أعظم مِنْ أن يعفوَ الله عنك فيكفِّرَ عنك سيئاتك ؟
إنك إن دخلت في هذا العفو الإلهي العظيم فإنك ضمنت خيري الدنيا والآخرة , لأن من عُفيَ له عن ذنوبه فقد اكتسب لذة الطاعة والمعيشة في الدنيا , واكتسب النجاة والسلامة في الآخرة .
إنك إذا دخلتَ في هذا العفو العظيم فقد نزلت عليك النعمة التي نزلت على المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما خاطبه ربه : " {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة .
هذا العفو هو العفو الإلهي العظيم عن بعض الصحابة الأكرمين في غزوة أحد : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (155) سورة آل عمران .
فهل نستصغر هذا الدعاء النبوي الشريف ؟؟

إنني أقرأ هذا الحديث وأنا أنظر حال الناس في هذا الزمن وتهافتهم لبعض المساجد الذين يطيلون دعاء القنوت والختمات , ويكثرون من البكاء والنحيب , وخاصة في الليالي التي يرجى فيها ليلة القدر !
هل إطالة الدعاء والصراخ هو هدي النبوة الشريف ؟
أين هؤلاء من الدعاء الموجز بجوامع الكلم ؟
لماذا يتهافت الناس طلبا للدعاء ولا يتهافتون طلبا لسماع كلام الله تعالى يتلى ؟
الناس يتخابرون عن الختمات , وأحسن المساجد قنوتاً , ولم يستشعروا أن أعظم صلاة الليل هو في سماع القرآن يتلى " يا أيها المزمل , قم الليل إلا قليلا , نصفَه أو انقص منه قليلا , أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا "
إن قيام الليل في رمضان أو غيره يقصد منه الصلاة أولا , وتلاوة القرآن , وليس كثرة الدعاء بالقنوت .
نعم الدعاء مطلوب , ولكن أين يكون ذلك ؟
يكون في السجود , وأثناء اتصال الإنسان بربه , والدعاء يكون بالصلاة ذاتها , وقراءة القرآن نفسِه , ولو لم يدعُ بحرف واحد , قال تعالى : "{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر .
فالقنوت هنا طول القيام بالصلاة , ولهذا قال سبحانه : ساجداً وقائما ..
وهذا الساجد القائم يقدم أعمالا قلبية عظيمة من الخوف والرجاء .

أنا لا أعترض على الدعاء وسؤال الله تعالى في الثلث الأخير من الليل , ولكني أنتقد المظاهر التالية :
1. إطالة القنوت أو دعاء الختمة مع تقصير الصلاة من قبل بعض الأئمة , وكأن الغرض من صلاة التراويح هو الدعاء وليس الصلاة .
2. حرص كثير من الناس على دعاء القنوت أكثر من حرصهم على الصلاة نفسها , وعلى سماع تلاوة كتاب الله , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم . فهذا القيام هل هو دعاء وقنوت ؟ أم هو صلاة وقراءة قرآن وسجود ؟
3. خشوع كثير من الناس أثناء القنوت أكثر من خشوعهم أثناء تلاوة القرآن , وسماع كلام الله يتلى , وهذا عجز ظاهر , فكلام الله تعالى أولى بالحرص والتدبر والخشوع {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (23) سورة الزمر .
4. بعض الأئمة لا يلقي اهتماما لقراءة القرآن , فيقرأ مما تيسر دون ترتيب , ودون اهتمام للتجويد ومواضع التدبر , ولكنه يهتم كثيرا بالدعاء والقنوت , واستحضار الأدعية الغريبة لأنها تجذب الناس في نظره !

وفي الختام ,
ما أجمل أن نتخذ من مشكاة النبوة دليلا وسبيلا للحق والعبادة الحقة , فكلام الله تعالى أولى بالخشوع والسماع .
وأنصح كل قارئ بما كتبه العلامة بكر أبو زيد رحمه الله في رسالته العظيمة : تصحيح الدعاء , وأنصح بعض الأئمة الشباب , فهم أولى الناس بذلك .

أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا , وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع مجيب .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد , وآلِه وصحبه أجمعين .

كتبه : علي بن سليمان الحامد
26 / 9 / 1432 هـ .

__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)