الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
مجالسنا سجل حافل ومليء بالأحداث لأنواع من الحكايات والذكريات والتجارب الثرية ذات الأبعاد الرائعة.
سكن في فلته الجديدة ، فرح كثيرا ، كعادتنا في مثل هذه المناسبات ، دعوة عامة للأهل والأقارب والأصدقاء في وليمة دسمة ، خرج الجميع باركوا له في منزلة ، اللهم اجعله منزلا مباركا .
والدة الطاعن في السن لا تسعه الفرحة ، في هذا البيت الجديد ، أيضا بارك لابنه وتمنى أن يكون سعيدا في بيته وحياته ، وكعادة الكبار ليس لهم من دنياهم الآن إلا الذكريات التي بقيت في ذاكرتهم تؤنسهم في خلوتهم إذا فرغوا من عبادتهم .
والده ليس له أصدقاء كثر، ولا يخرج من البيت إلا قليلا ، لأن اصحابه وأبناؤه يأتون إليه في هذا البيت الجديد ، ابنه صاحب البت ، يبذل قصارى جهده ليوفر له في هذا البيت الجديد كل ما يؤنسه ويدخل السرور عليه ، وهذا مبدأ اتخذه منذ نعومة اضافره ، لأنه يعتبر ذلك استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) إذا بره هذا تدينا وعبادة .
قد أجامل أحيانا في بعض الأمور أو أتصنع فعلها ، ولكن عند الحقيقة تتضح النوايا ، في صباح يوم من الأيام الأولى له في البيت الجديد ، مر على والدة كعادته صباح كل يوم وهو خارج للعمل ، وإذا بالسأم والضجر يظهران على محياه ، استفسر منه ، ما الأمر .؟ كأن والدة متضايق من أمر ما ، ما الأمر ياابي .؟ فرد عليه ، أريد بقره اربطها في هذا ( الحوش الفسيح ، نحلب ، ونشرب لبن ) ، وبلا أدنى تردد ، قال : ابرك الساعات ، وأفيدك يا أبي ، أن احد الزملاء لدية بقرة يريد أن يبيعها ، وفي المساء وصلت سيارة تقل البقرة ، فأنزلها السائق ، وكان في استقبالها مع والده ، وادخل البقرة ، وكان قد اعد لها مكانا في الفناء ذي البلاط الغالي الثمن ، وجلب لها ماتشتهي من البرسيم الفاخر.
بدأ الوالد يمارس هوايته كل صباح يحلب ويتذوق طعم اللبن ، لكن قديكون تقدم العمر قد منعه من شرب اللبن ومشتقاته ، أو أن الملل من هذه البقرة قد تسرب إليه ، ففي صباح اليوم السابع لهذه البقرة ، وهي في هذه (الفلة ) الجميلة ، وفي كنف هذا الرجل الوقور يرعاها كل يوم ، استوقف ولده وهو خارج للعمل ، وإذا به متضايق جدا ، فقال له ولده ، ما بك ياوالدي .؟
فقال الوالد : هذه البقرة عصية ( اقلعه أو بعها لا أريدها )
فقال الابن بكل رحبة وصدر وعدم تضجر وهو يبتسم : ابشر يا ابي ، وهناك شخص من الزملاء قد طلبها مني ، وفي المساء حضرت السيارة وأخذتها إلى السوق ، وهنا ك تم بيعها .
كم من لسرور ادخله هذا الابن على والده .؟ من خلال جلبه لهذه البقرة .؟ وكم من السرور ادخله عليه ، عندما باعها وأبعدها عنه .؟
هذه نوع من البر الحقيقي لوالدينا ، ان تبرهم حال حاجتهم ، ولو كان ذلك ضد رغباتنا ، حتى ولو سكنا أفخم القصور . وطلبوا منا ان نحضر لهم ( بقرة ).. تمهل قد يطلب منك احد والديك اكبر هذا ، فماذا ستصنع .؟
للحديث بقية ..
عبد الله العياده