[أبـو خـبـيـب]

بسم الله الرحمن الرحيم

صاغ كاتب اسمه (جاك جريفين) قصة بعنوان:

(((لا بأس يا بني.. الكل يقومون بذلك)))

جاء فيها:

كان "جوني" في السادسة من عمره حينما قبض رجال المرور على والده بسبب مخالفة مرورية وهو معه.

وضع والده مبلغ عشرين دولاراً في يد الضابط أثناء إعطائه رخصة القيادة، وسارت الأمور على ما يرام، فالتفت الأب إلى ابنه وقال:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




كان "جوني" في الثامنة من العمر حينما حضر اجتماع مجلس عائلته الذي انعقد لاختيار أفضل الوسائل للتحايل على قوائم ضريبة الدخل الكبيرة، وبعد نهاية الاجتماع العائلي التفت الأب إلى ابنه وقال:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




كان "جوني" في التاسعة من العمر حينما ذهب مع أمه إلى مهرجان، وكانت تذاكر الحضور قد نفدت، فأخرجت الأم ورقة من فئة خمسة دولارات، حصلت بعدها على التذاكر، وحينما جلست مع ابنها على مقعديهما قالت:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




كان "جوني" في الخامسة عشرة من عمره حينما لعب في فريق مدرسته لكرة القدم، وقد علمه المدرب أساليب المراوغة وإعاقبة لاعبي الفريق الآخر بشد القميص أو عرقلة الركض دون أن يتنبه الحكم ، ثم قال المدرب لجوني:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




كان "جوني" في السادسة عشرة من عمره حينما عمل في إحدى البقالات في وظيفة محددة وهي: وضع الفاكهة والخضروات الجيدة في أعلى الصندوق، والرديئة في اسفلها ، وكان المسؤول يقول له:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




كان "جوني" في الثامنة عشرة حينما تقدم لإحدى الجامعات مع صديق له، لم يكن جوني متفوقاً في مستواه الدراسي، بينما كان صديقه من المتفوقين، ولكن النتيجة كانت قبول "جوني" في الجامعة دون صديقة المتفوق، قال والدا جوني له:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




التقى "جوني" بشخص يبيع إجابات أسئلة الامتحان على أمثاله من الطلاب غير المتفوقين ، فاشترى منه الإجابات وسمع منه الطرق الملتوية التي يمكن استخدامها للغش أثناء أداء الاختبار :D ، وقال له مطمئناً:

::لا بأس يا بني..الكل يقوم بذلك::




وحينما بدأ الاختبار بدأ "جوني" في تنفيذ الطرق الملتوية للغش! فرآه الأستاذ المراقب :D ، وكانت النتيجة التي لم يكن يتوقعها ، حرمانه من الاختبار وطرده من الجامعة..!!

ذهب إلى منزله حزينا، وأخبر أبويه بما جرى له، فصرخا في وجهه بلهجة واحدة: كيف فعلت هذا يا "جوني"، ليس الغش من طبيعة منزلنا ولا عائلتنا؟ يا له من عمل سيء قمت به يا جوني!

نظر إلى أبويه صامتاً، وقد بدت على وجهه علامات دهشة كبيرة ، وأخذ يقلب عينيه بين والديه، وهو يتذكر صوراً ماضية للعائلة ، كان من أبرزها صورة العشرين دولاراً التي دسها والده في يد ضابط المرور لدفع العقوبة عنه، وصورة العائلة وهي مجتمعة تناقش أنجح الوسائل للتحايل على ضريبة الدخل، وحينما طال صمته صرخ والده قائلاً:

لماذ تفعل ذلك يا جوني؟ كيف تجرأت على عمل تسيء به إلى سمعة عائلتك؟


التفت إلى والده وقال _بصوت حزين_:

::لا بأس يا أبي..الكل يقوم بذلك::

شعر الأب بالحرج، ونظر إلى وجه زوجته الذي بدا عليه الحرج أيضاً، وقال لولده:
كلا يا ولدي، ليس صحيحاً أن الكل يقوم بذلك، ودنا من ولده وقبل جبينه قائلاً: موقفك هذا يا بني يعلمنا نحن الكبار درساً مهماً لا يمكن أن ننساه.









إنها قصة ذات دلالة واضحة تؤكد خطورة دور الأسرة والمجتمع في التربية والتوجيه، وخطورة غفلة المربين عن الآثار السلبية المدمرة التي تتركها أفعالهم السيئة في نفوس الأجيال الناشئة.

إن الأب أو الأستاذ أو الداعية أو المدير المسؤول يجني جناية كبيرة على الأمة حين يقول لمن يلي أمرهم: لا تكذبوا، ثم يكذب.

لا خير في أحرف تأتي منمقة.............على اللسان إذا لم تصف أفكارُ



هذا المقال منقول من كتاب (بشروا ولا تنفروا) للدكتور: عبد الرحمن العشماوي.





وننتظر منكم إتحافنا بتعليقاتكم الراائعة..

:D :D