[ظامي]

الذين يعتقدون أن بريدة ملكا لهم

بريدة ، تلك المدينة الرائعة ، التي نشربها في أعماقنا كل صباح ، نرتشفها حتى تسكن الوريد ، نبتهل أن تبقى عظيمة ، نسعى بالقض والقضيض أن تظل شامخة ، وهي وإن مرت بها عواصف مدمرة فإن إيمانها يبقيها دائما كما هي ، بل يزيدها بريقا وصلابة ...
وبريدة العظيمة ليست حديثا لي الآن فهي وإن سكنت فؤادي ، فإن لها مني أكثر من كلمات وسطور تعد على أصابع اليد ، فهي لي بمثابة الأم الرؤوم ، تلك هي دائما في نفس كل ( بريداوي )

• إن ما يحز بالنفس كثيرا أن نرى ونشاهد من جعلوا أنفسهم أوصياء على بريدة ، بل وعلى أهل بريدة ، فيعطون لأنفسهم الحق في مصادرة كل ما يخالفهم ( هم ) ، ويحاولون مع ثلتهم وحشدهم ، ترسيخ مفهوم الأحادية ، وهم وإن صرخوا عاليا برفض الحركية والتي هي رمز للصحوة الطيبة ، إلا أنهم بأفعالهم يرتكبون أهم ما يتهم به الحركيون ، وهو مصادرة الآخر ، مستندين إلى مبدأ ( إن لم تكن معي فأنت ضدي ) ، وهم ينطلقون من طريق ( ما أريكم إلا ما أرى ) ، فالأمور الدينية والشرعية هي ما يفهمونه ويدركونه ، لا ما يقره أهل العلم المعروفين ، وهم وإن كان الدين عندهم ملازما إلا أنهم بدؤوا يرفضون ( التشدد ) ! – وما أدراك ما التشدد - !
• وهم إن تحدثوا عن الأمور الاجتماعية ، فإن مايوافق هواهم وإن كان فيه مخالفة شرعية ، فإنهم يروجون له ويؤكدون أن ثمة فرق بين العبادة والعادة ، وتلك عادة وليست عبادة ! وإن تكن تلك الأمور لا تطربهم فإن كثيرا من الأدلة العقلية مستندة إلى مجموعة من أمثلة المستشرقين أو المتعلمنين ستكون بادية بوضوح بين كلماتهم !
• ومن الطريف أن هؤلاء الأوصياء قريبون من أصحاب مذهب ( عبادة الأشخاص ) فهم إن أطربهم الشخص لأي سبب ، فثق بأنه سيكون المنزه عن النقد والتلميح والتصريح وكل ما قد يسيء إليه بنظرهم حتى ولو كانت كتابة اسمه بطريقة غريبة ! فالنقد عندهم سيكون ذما ، والحديث عن الشخص سيكون غيبة ، ومناقشة مقاله ستكون غيرة وحسدا ، وماذا لو نقلت خبرا لا يروقهم ؟ ثق أن ذلك سيكون بمثابة جريمة كبرى ترتكبها في حياتك !
• إنهم وفي كل تصرفاتهم تلك ينسبون ما يفعلون إلى بريدة ، وينسبون ما تعارضهم فيه إلى كرهك لبريدة ! بل ربما يتجاوز ذلك إلى اتهامك في شخصك وتجريحك ، والنيل منك ! طبعا بعد أن يجردوك من كل شيء يجعلك قريبا من بريدة ! هذه أمثلة بسيطة وواضحة ...
• وهؤلاء يتمتعون بالتعاضد والتنسيق والنفوذ ، ولا غرابة في ذلك فإن القلة لا يجعلها متواجدة غير العمل الدؤوب ، وإن كانت تلك المجموعة ماهي إلا قالب ثلج ستفتك به أشعة الشمس صباحا ، إلا أنهم لايزالون حتى اللحظة يقلقون مسامع اهل بريدة الحقيقيين والذين ينتمون إليها بكل متناقضاتها ...
• إن هؤلاء بنسبتهم أفعالهم إلى عشقهم الأبدي لبريدة ولأهل بريدة ماهم إلا مرض كبير في خاصرتها ، وهم وإن لم يعلموا ماهم إلا خنجر يطعن به ظهرها ، إنهم يخالفون فطرة الاختلاف والتناقض ليحلوا مكانها ما يودنه من تصفيق الناس لأفكارهم فقط وجعل خلق الله في طريق واحد ...
• إن في بريدة علماء ومفكرون ومثقفون وفنانون ومبدعون و .. و... وهؤلاء ليسوا بحاجة إلى أن تدافع عنهم بسلاطة لسان ، وبمسح الآخر ، وإنما هم بحاجة ماسة إلى تشجيعهم ، ودعمهم ، وهم بحاجة إلى الملاحظات ، والنقد ، والوقوف أمامهم في أخطائهم ، لأن ذلك وحده يطورهم ويجعلهم أكثر صلابة ، وأكثر تهيؤا لمواجهة الحياة المفتوحة لكل التيارات ...
• لقد علم العلمانيون والمتعلمنون أن النقد الجارح هو سبيل النجاح ، فبدؤوا يطرحون أفكارا مخالفة للدين أو لعادات المجتمع ، لتثور ثائرة الناس فتترسخ أسماؤهم في أذهان الخلق ، بل وصورهم كذلك ! أليس بوسع هؤلاء الأوصياء على بريدة وأهلها أن يستفيدوا من ذلك ويتفهموا أن النقد – ومهما كان جارحا وحادا – فهو من أبرز وسائل النجاح ؟
• إن كل الذين يعشقون بريدة بصدق ، والذين لا يفعلون فعل هؤلاء الأدعياء ، ليسوا مقصودين في هذه الكلمات ، ومرحبا بكم في حوار