[غربة غريب]

أيها الأحبة :
إن من تأمل واقع الأمة الغابرة من خلافة راشدة ودولة إسلامية ومن عاش فيها ممن لهم الأمر والنهي من علماء ربانيين وسلاطين مابين صالحين وطالحين ،
وسَبَرَ حال كل من هؤلاء الصنفين المسمّين بولاة الأمر كما هو أصح التفاسير بقول الحق تبارك وتعالى ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ)) ،
وجد أن لابد من مسيرتهم من خلاف واقع بينهم قل أو كثر امتحانا للعلماء ليبنوا الحق الذي على رقابهم ،
واستوجب على العلماء الإنكار بقدر المنكر إن كان ظاهراً قد أُشرِب قلوب الناس حبه كان الإنكار ظاهراً،
وان كان باطناً ليس ملاحظ أمام العامة من الناس وجب الإنكار باطناً ،
وهذا فقه علماء السلف من صالحين الأمة وعلمائهم البررة ، وصلاح العلماء والأمراء به صلاح الدنيا والآخرة معاً كما قرره العلماء ،
ومع صلاح بعض سلاطين الدول الإسلامية قديماً ما بعد الخلفاء الأربعة مروراً بالأموية والعباسية والعثمانية إلا أن المنكر وقع منهم فانتصب العلماء ببيانه للناس وكشف عواره لايخافون في الله لومة لائم ،
ان عَظُم المنكر عَظُم تعب السلف للإنكار عليه ظاهراً وباطناً
" مثال ذلك فتنة الإمام أحمد وكيف تراجع العلماء كلهم في عصره وأخذوا بالرخصة إلا أنه ثبت وحده وعندئذ لايجوز له الرخصة لتوقف الفتوى عليه بخلق القرآن "
وان كان ذلك السلطان قد ضُلل عليه الحق من الجهمية الضُللال ،
وظهر أقوام في زمن الإمام سمّوهم بالخوارج وأفتوا بحبسهم وسجنهم بل بقتلهم !! وهي الحال مع العلماء في كل عصر ومِصر ، وما أشبه الليلة بالبارحة !!

وقد قال بن القيم في ذلك
فصل

في بيان كذبهم ورميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج
وبيان شبههم المحقق بالخوارج

ومن العجائب أنهم قالوا لمن *** قد دان بالآثار والقرآن

أنتم بذا مثل الخوارج إنهم *** أخذوا الظواهر ما اهتدوا لمعان

فانظر إلى ذا البهت هذا وصفهم *** نسبوا إليه شيعة الإيمان

سلو على سنن الرسول وحزبه *** سيفيه سيف يد وسيف لسان

خرجوا عليهم مثل ما خرج الأولى *** من قبلهم بالغي والعدوان

والله ما كان الخوارج هكذا *** وهم البغاة أئمة الطغيان

كفرتم أصحاب سنته وهم *** فساق ملته فمن يلحاني

ان قلت هم خير وأهدى منكم *** والله ما الفئتان مستويان

شتان بين مكفر بالسنة الــ *** عليا وبين مكفر العصيان

ومن العجب في هذه الأزمنة التي هي زمن القبض على الدين ، فإنه كالقابض على جمر ،

وإن من التناقض الذي لابد من بيانه ويعرفه كل من خالطت النباهة عقله
ظهور حكام وأمراء يأمرون الناس بإتباع العلماء الموكلين بالفتوى بعد تخصيص لجنة دائمةٍ لهم وللشعب ،
وأن الدولة بأكملها تتبع أقوالهم ونوازل الأمة واقفة على فتواهم ، ونحن أول المتبعين لهم أيها الشعب الكريم !!

ثم تجد المخالفة صريحة الظهور ، مكفهرة المنظر !!

وإن اليوم الوطني القادم بمنكراته ومعاصيه لله ورسوله جهرتاً ،
قد قام علماء الجزيرة العربية بإنكاره حق قيام من زمن الإمام محمد بن إبراهيم إلى يومنا هذا ،
واللجنة الدائمة أنكرته ومع ذلك تجد أصحاب المشالح من المسؤلين وغيرهم ليست ملزمة عليهم فتاوى علماء البلد الأثبات !! الذين نُصّبوا لأجل سياسة الناس سياسة شرعية ،
إذن فالناس لاعتب عليهم بالمخالفة ، إذا كان ربُّ البيت بالدف ضارباً ...

فهَب أن له مدخلاً حلالاً ذلك اليوم ، أليس يُقام فيه الحفلات الغنائية والاختلاط المحرم وصرف الملايين وغيرها الكثير ،
كما حدث في العام الماضي من اختلاط ورقص تكلم عنه جميع شعوب الدول العربية !!
والقاعدة الشرعية تقول ( الوسائل لها حكم المقاصد ) المقصد حرام فوسيلته حرام أيضاً ،

وخوفي على هذا المنكر أن فيكبر ويشيب عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، ويسكت البعض أو يحلله ممن ينتسبون لأهل العلم بقصد المصلحة !! ،
فيكون عيداً جاهلياً بحق ويقولون لنا الأبناء بعد سنين اعتادوا عليه (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) .

واللهُ تعالى أعلم
ما كان من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ فمني والشيطان وأستغفر الله العظيم .

طبتم ، وعذراً على الإطالة .

أخوكم

غربة غريب
17 - 10 - 1432 هـ