|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
11-09-2005, 01:59 AM | #1 |
كاتب متميّز
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 250
|
أدخل لتتعرف على ملامح المستقبل
التبشير بالصعود الإسلامي في مواجهة خيبات الأمل وحالة الإحباط
25-7-2005 في الكتاب العديد من الملاحظات والمؤشرات الواقعية التي يصعب الإلمام بها في هذه القراءة، وهو في المحصلة جهد جديد نوعي مختلف يمثل رؤية فكرية تجمع بين عدة جوانب: قراءة الواقع وتحليل المتغيرات الحالية والبحث من خلالها عن الطريق إلى المستقبل، جملة من الملاحظات والأفكار في التعامل مع الكثير من القضايا، نوع جديد من الكتابة الإسلامية يمكن أن يمثل مدخلا لعلم مستقبليات إسلامي يهتم أكثر بعنصر التخطيط الفكري المنهجي بقلم محمد أبو رمان هل يمكن وسط هذا الزحام من الأحداث والأوضاع التي تثير لدى الناس -في العالم الإسلامي- حالة من خيبة الأمل والإحباط أن نتوقع ولادة مرحلة جديدة تمثل حالة متقدمة لا متراجعة؟.. هذا ما يحاول المفكر الإسلامي السعودي محمد الأحمري أن يقوله للإنسان العربي في كتابه "ملامح المستقبل"، والجديد في كتاب الأحمري -في سياق الأدب الإسلامي- أنه يؤسس رؤيته على حقائق الواقع الموضوعية وليس فقط على الوحي والأدلة الشرعية. فالأحمري المفكر لا يكتفي برصد الواقع ومؤشراته لكنه يخضعها لمنطق حركة التاريخ الكلية التي تلملم الظواهر الجزئية المترامية هنا وهناك لتجعل منها مسارا عاما، قد لا يظهر للوهلة الأولى للواقعيين "المتشائمين" الذين يغرقون في تحليل مؤشرات الواقع ودلالاته فتحجب أبصارهم عن الملاحظات الذكية والمتسترة التي يمكن أن تكون أقوى وأشد دلالة في كثير من الأحيان من سطح الاحداث السياسية وجولات وصولات الإعلام والدعاية!، وربما يعجز الواعظون والفقهاء الورعون عن ملاحقة مؤشرات الصعود الإسلامي؛ لأنهم ببساطة ينشغلون بالخطأ وتصعب عليهم الانحرافات ويراقبون المعاصي كبيرها وصغيرها ويرون الناس دوما من سيء إلى أسوأ، والغريب أنّ الأيدلوجيين المتحمسين ليسوا أحسن حال من أهل التقوى في قراءة التوقعات المستقبلية، فالأيدلوجيون يستسلمون لفكرة أو تصور مغلق يرى العالم من خلال ربح وخسارة فريق أو فصيل صغير ينتمي له. إذن الأحمري يلتقط خيوط المستقبل من الحاضر، ويحاول أن يصوغ منها ملامح الزمن القادم، وهو وإن كان متفائلا من خلال مؤشرات عديدة سنذكرها، إلا أنه ينطلق بذلك من وظيفة المفكر الحقيقي الذي يفتح للناس أبواب الأمل بعيدا عن الروح المتجهمة، ويقرأ اللحظة الراهنة في سياقها التاريخي العام فينعتق من التحليل السياسي العابر إلى المنطق العام الذي يحكم سنن التاريخ ودورته. وقد يؤخذ على الكاتب أن مقاربته تتناول عوامل الصعود الإسلامي دون أن تناقش معوقات ذلك والعلل الذاتية التي تحول دون تحقيق هذا الصعود، وهذا النقد صحيح تماما، ولكن ربما لم يكن ذلك هدف الكاتب الذي وجد الكثير من الكتب والدراسات التي تتحدث عن معوقات الصعود، فآثر أن يتحدث هو في الجانب الآخر لإحداث شيء من التوازن، أو لأن حركة وديناميكية الصعود ستتكفل بمعالجة المعيقات والكوابح الذاتية والموضوعية. الكتاب يمتاز بلغة رشيقة تجمع بين جمال العبارة وسلاسة الأفكار ووضوحها وتنقل القاريء دون عناء وانقطاع بين فقرات الكتاب وعناوينه ليجد نفسه محاطا بالعديد من الملاحظات والوقائع والمؤشرات التي يجلبها له الكاتب من الواقع ويحللها ويتوصل من خلالها إلى أننا أمام مرحلة جديدة من الصعود الإسلامي تبدو ملامحها الأولى من خلال مفارقة غريبة وهي أنّ فكرة المستقبل عند كل من العالم الإسلامي والغربي من خلال المسار الشعبي العام مختلفة؛ فالمخيلة الشعبية الغربية يستولي عليها اليأس والقنوط الشعبي وفقدان الأمل من المستقبل، أما في العالم الإسلامي فنشاهد ولادة هاجس جماعي فاعل ومؤثر، يحيط بالمخيلة الإسلامية المعاصرة من التفاؤل والأمل بالمستقبل، لم يسبق له أن وجد بهذه الكفاءة والـتأثير، فهذه الحالة النفسية أو الدوافع الروحية الممتزجة بطاقة فكرية واقتصادية تخرج الإنسان من عبثية اللحظة القصيرة، وتتجاوز الخطط التنموية لتكون عقائد تصنع طريقتها لبلوغ مآربها. وفي طريق التبشير بالصعود الإسلامي ينبه الأحمري إلى خطأ يقع فيه عدد كبير من الإسلاميين، وهو محاكمة المستقبل وفق ماض متخيل لأن ما قد يحدث لن يكون على صورة ذلك الماضي، فتخيل المستقبل الجيد وفق شكل سابق هو نوع من تقييد الفكر، وفقر في مخيلة الإنسان المعاصر، سببها ضعف الفكرة لدى من يرسم الصورة فيريد أن يجعل المستقبل البعيد على نمط الماضي البعيد.كما يرى الكاتب إلى أن غضب الغرب وخوفهم من الإسلام ليس بسبب حملات إرهابية فقط، ولا ملكية الثروة، بل لأن المسلمين يمثلون مشروعا وتحديا روحيا وثقافيا وحضاريا لا يستسلم ولا يفكر في الاستسلام للحتمية الليبرالية، كما لم يستسلم للجبرية الشيوعية من قبل، وعنده شخصية رافضة للذوبان. ومن المؤشرات الأولية على الصعود الإسلامي اليوم أنه لا يوجد دولة على هذا الكوكب تخلو من مسلمين نشيطين، فقد كان تعداد المسلمين لا يتجاوز سبع البشر قبل 100 عام، أما اليوم فأصبحوا خمس سكان العالم، وهذا التزايد في عدد السكان يصاحبه حركة وحياة غير مسبوقة منذ قرون، تدفع إلى التساؤل: ماذا يحدث؟ ويأتي الجواب من المؤرخ اليهودي كلود كاهن إذ يقول:" ثمة ظاهرة تسترعي الانتباه في كل مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي، ألا وهي قدرة المسلمين على النهوض من كبوتهم. ذلك أن التاريخ الذي صنعه في بداية الأمر نفر قليل من أناس منعزلين قد أصبح العمل المشترك لمجموعة من الشعوب انتسبت إلى الإسلام على مر الزمن". * العولمة غيمة العصر وغرمه: من شروط الصعود الإسلامي اليوم الاستفادة من العولمة لتحقيق مكاسب عديدة لمسلمين، فهناك من يختزل العولمة في رقصة أو شركة أو في حادثة الحادي عشر من أيلول كأنموذج لما يمكن للعولمة أن تضر به العالم. لكن هناك جوانب أخرى عديدة في العولمة يمكن الاستفادة منها، والعلاقة الواسعة في العالم ليست خسارة إلا للمفلسين من الأفكار والأخلاق والمعرفة والمغامرة أو للمضطرين والقانطين والبائسين، وحتى لو افترضنا تصديق القائلين بأننا نملك الخيار أن نكون متعولمين أو لا نكون، فالخيار الأنسب أن نقبل بقوة وقناعة على وسائل العولمة ونملأها بما ينفع الناس، ونجلب منها خير ما فيها، أما الانغلاق على أنفسنا يجعلنا مادة لنجاح عولمة غيرنا لنا، ونصبح ثروة لمن يغزونا، والانغلاق عن العالم أشبه بحالة المريض بالاكتئاب، حيث يجنح المصاب به إلى الوحدة والحزن، والشك في الناس والخوف منهم. * الوعي العام المشترك: لقد وصلنا في هذه الحقبة في العالم الإسلامي إلى مرحلة خطرة في مسيرة الأمم والحضارات، ألا وهي مسألة الوعي العام المشترك، وهذا المستوى من الوعي والتماسك صنعته ظروف داخلية وخارجية عديدة في مختلف بلاد العالم الإسلامي، ومن هذه الظروف حركة التمرد على الدين والحركة الشيوعية والليبرالية في العالم الإسلامي التي أنتجت التيارات الأكثر التزاما ويقينية وتماسكا على الأهداف الدينية، والحركة الماركسية ساهمت في صناعة موقف إيماني عميق مضاد لها، وقد زاد المسلمين حرصا وتفانيا لدينهم مواقف المتطرفين من اليهود والنصارى، إذ ساهمت هذه المواقف في العودة إلى الذات ومركبات الهوية المسلمة. * الإعلام في مواجهة الإرهاب الغربي: أصبح الإعلام سلاح الضعفاء وأصبح مرعبا ضد الإرهابيين في العالم، مما يضطر قوى الإرهاب إلى قتل الذين ينشرون الحقيقة ومحاصرتهم واعتقالهم كما تفعل قوات الإرهاب الصهيوني مع الصحفيين والمصورين. ولهذا فليس من الصحيح أن نعتبر الإعلام دائما عدوا. ففي الأيام الأولى للحرب على العراق بلغ عدد الذين اشتركوا في قناة الجزيرة خمسة ملايين مشترك، بسبب الشك في المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام الغربية, وهذا مؤشر في تحول الثقة والمصداقية. * عالم جديد يتشكل: القوى الكبرى اليوم تجعل العالم أشبة بالغابة الموحشة من ممارساتها الفظيعة، من جشع الاحتلال والاستخفاف بالضعفاء وقتلهم، وتصعد فيه العنصرية وحروب الأديان وحروب الأسواق وحروب النفوذ وحروب المغانم الكبيرة، عالم يقتل الأسرى ولا يسأل القاتل لم قتل، حتى لو استسلم الأسير في "قلعة جانجي" يقتل، وهو في عربات الأسر يقتل، ولو كان بعيدا في قرية على حدود إيران والعراق كالمجزرة التي أقيمت لأنصار الإسلام في أول الحرب على العراق بالقصف الجوي الأميركي، فقط لأنهم يختلفون مع الموالين في كردستان.. هذا السلوك يدفع إلى إيجاد نظام عالمي عادل يضمن حقوق الضعفاء والناس ويعزز حالة السلم والأمن في مواجهة حالة الفوضى الحالية. ومن المفارقات التي يمكن قراءتها اليوم هي أن القاعدة المسلم سابقا أن مجتمعات المسلمين منغلقة ومجتمعات الغربيين منفتحة واليوم تغير الحال فأصبح الغربي يشعر بشعور الغني المحسود فيغلق منافذ داره.. فالغرب يحاصر نفسه قبل أن يحاصره خصومه، فالانفتاح ثمرة للشعور بالقوة والعزة أما العزلة فهي نتيجة للشعور بالضعف، فعندما صعد الغرب صعوده الأخير تلقاه المسلمون بالهروب منه وبالعزلة والمفاصلة والتهرب والاستنكار، بينما يتسع العالم الإسلامي اليوم ويبتلع سكانه مساحتهم الأرضية ويمتدون لغيرها وتضيق عليهم الأفاق، ويطلق الكاتب في هذا السياق دعوة إلى الانفتاح من الواضح أنها موجهة لبعض الفتاوى الدينية التي تضع قيودا على الانفتاح والمؤسسات السياسية التي تضع قيودا على الحريات فهو يطالب بحق الإنسان المسلم في أن يعيش في عالم لا يغلق في وجهه بكل وسيلة. * بناء تحالفات عالمية: هناك الكثير من المؤشرات والبيانات التي تؤكد وجود حالة من الصدام الغربي- الغربي سواء بين أوروبا وأميركا الجنوبية والشمالية وتفجر للمشكلة الصهيونية في الغرب تدفع إلى حالة من القلق عند عدد كبير من المثقفين والسياسيين هناك. أما الذين يسرهم وضع جميع المخالفين في صندوق واحد سياسي أو ثقافي أو ديني يصعب عليهم رؤية الحق ومعرفة المصلحة الشرعية في تصرفاتهم، فالموقف الشرعي مصلحي أي عملي والموقف الأيدلوجي موقف جامد. وهنا من الواضح أن الكاتب يدعو إلى تحالف عالمي يشكل المسلمون فيه قطب الرحى يقوم على التوافق بين المصالح السياسية، وهي فكرة إسلامية متقدمة تتجاوز الانغلاق الأيدلوجي عند كثير من الإسلاميين. * نهاية جاذبية الغرب الفكرية: العديد من الرؤى الغربية اليوم تقول أن عصر النظريات الإنسانية الكبرى قد ولى وهذه النزعة التي تقرر نهاية النظريات ونهاية التاريخ ونهاية الأفكار والاستسلام الجبري للمستقبل هي ملامح مهمة في حياة عصر مختلف عن عصر التطلع والكتابة والتفاؤل، وهي نذير ركود فكري كبير، يتبعه ركود في جوانب الحياة. وأصبح ينتشر في الثقافة الغربية اليوم أكثر مما مضى فكر الحزن والسياسة الاحترافية وموت الثقافة الأدبية كما يذكر أحد المؤرخين والمراقبين للفكر الأميركي، وهي ملامح الشيخوخة والحنين إلى ماض يذهب بعيدا. * أخيرا: في الكتاب العديد من الملاحظات والمؤشرات الواقعية التي يصعب الإلمام بها في هذه القراءة، وهو في المحصلة جهد جديد نوعي مختلف يمثل رؤية فكرية تجمع بين عدة جوانب: قراءة الواقع وتحليل المتغيرات الحالية والبحث من خلالها عن الطريق إلى المستقبل، جملة من الملاحظات والأفكار في التعامل مع الكثير من القضايا، نوع جديد من الكتابة الإسلامية يمكن أن يمثل مدخلا لعلم مستقبليات إسلامي يهتم أكثر بعنصر التخطيط الفكري المنهجي. |
الإشارات المرجعية |
|
|