صور من مجالسنا .. ( 4 ) من سير العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صور من مجالسنا .. ( 4 )
من سير العلماء .
مجالسنا سجل حافل ومليء بالأحداث لأنواع من الحكايات والذكريات والتجارب الثرية ذات الأبعاد الرائعة .
من يتأمل سير العلماء الربانيين يجد فيها أفعالا تفوق التصور
صبر
بذل
إيثار
مسامحة
حرص على العلم
وبذل الغالي والنفيس من اجل بلوغه والحصول عليه
ويتشابه العلماء في سيرهم قديما وحديثا .
انقل لك صورا مختصرة عن بعض هولاء المصابيح ، ومن سأذكرهم يعتبرون من المعاصرين ، إلا أنهم انتقلوا للدار الآخرة ، نسأل الله لنا ولهم الرحمة ..
الحرص على العلم : يحدث أحد طلبة العلم الذين زاروا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في دكانه الذي يصلح فيه الساعات ، وأخذه مكانا لطلب العلم وبذله ، يقول هذا الطالب ، سألت الشيخ عن مسألة فأشار إلى احد الكتب وقال هاته فأخذت الكتاب وقبل أن أعطيه الشيخ فتحته فسقط منه قصاصة جريده ، فيها صورة لاعب رياضي مطموسة ، فقلت للشيخ : ما الذي أتى بهذه القصاصة هنا يا شيخ ، قد تكون أتت بطريق الخطأ .؟
فقال الشيخ : لا ، ولكن في يوم من الايام احتجت إلى ورقة لأخرج حديثا واكتب عليها ، فلم أجد، ولم يكن لدي مال لاشتري ، فخرجت للشارع ، فوجدت قصاصة جريدة على صورة اللاعب فطمست الصورة وكتبت ما أريد عليها , ( ؟! )
ومن صور البذل عند العلماء ، كنت في مجلس احد المشائخ فسمعته يقول هذه القصة عن الشيخ العلامة : صالح بن احمد الخريصي ، وهو من علماء بريده المشهورين .
كان للشيخ مزرعة في أرياف بريده الغربية ، وقد وكل عليها رجل متمرس في الزراعة يدير شئونها ، وفي يوم من الأيام ، بينما كان الشيخ في مجلس العلم في المسجد ، حضر إليه وكيل المزرعة وسلم عليه ثم أعطاه مبلغاً من المال ، قال له إن هذا صافي نتاج المزرعة فأخذه الشيخ منه ولم يعده و وضعه تحت الفراش الذي يجلس عليه ، فاستغرب الوكيل من هذا التصرف ، لم يعده ولم يسأله عنه ، فجلس الوكيل منتظراً نهاية الدرس ،
ولما انتهى الدرس وإذ برجل يظهر أنه من البادية ، يسلم على الشيخ وهو يقول : محتاج و صاحب عيال و علي دين ، وكلام نحو هذا ، فما كان من الشيخ إلا أن سحب المبلغ الذي تحت الفراش الذي احضره وكيل المزرعة وأعطاه إياه ، وهو لا يعلم كم مقداره .
أما سمو الأخلاق لدى بعض العلماء ، انقل لك هذا المشهد الذي حدث إمامي .
في يوم من الأيام كنت أصلي العصر في الجامع الكبير في مدينة بريده قبل البناء الحديث وكان إمامه فضيلة الشيخ / محمد بن على السعوي ( رحمه الله رحمة واسعة ) لما قضيت الصلاة وانصرف الشيخ للخروج استوقفه رجل ليسلم عليه ، وكان مع الرجل ابن له صغير ـ والمسجد لا زال مكتظ بالمصلين ـ فقبل الرجل رأس الشيخ إكراماً له والشيخ يحاول ان يبعد رأسه عنه ، فأصر الرجل على تقبيل رأسه ، والطفل يرى ما يصنع والده ، التفت الشيخ للصبي ليسلم عليه ، فطبق الصبي ما فعل والده تماما ، محاولا أن يقبل رأس الشيخ مثل والده ، وبما انه صغير وقصير جداً، مسك أطراف شماغ الشيخ ليتسلق إلى رأسه فانجذب الشماغ مع الطاقية وسقطا بيد الغلام ، فتعرى رأس الشيخ وسط ذهول والده ، كل ذلك والناس يرون هذا المشهد ، فهم الرجل بضرب ابنه ، فمنعه الشيخ من ذلك ، واخذ شماغه وطاقيته ولبسهما ، كأن شيئا لم يكن .. للحديث بقية ...
عبد الله العياده
|