مشاعري بعد الحج ...
مناسكـ الحج من مبيت ، و وقوف ، ورمي ، وطواف ، وسعي ، وانتقال من مشعر إلى مشعر و و ...ألخ
نراها ظاهراً خاويةً من أي معنى !! لكنّها في الحقيقة تحمل بين طيّاتها معاني عظيمة ، فمشاهد ومواقف تذكّرك باليوم الآخر ، فالغني والفقير ، والصغير والكبير ، والعربي والاعجمي ، يلبسون ثياباً موحّدة ، ويلهجون بكلمات مردّدة ، ويقفون بأماكن محدّدة ، منكسرةً قلوبهم ، خاضعةً رقابهم ، منبحّةً حلوقهم ، أيديهم إلى السماء إمتدّت ، وأبصارهم إلى الأرض إرتدّت ، افتقاراً وذلاً وخضوعاً لفاطر الأرض والسماء ...
فيا لله ما أجمل تلكـ المعاني ، وما أعظم تلكـ الأعمال ، شُرعت لإقامة ذكر الله تعالى ، ولتربية النفس على مراقبته سبحانه ، فتطوف وتسعى سبعاً لاتزيد ولا تنقص ، وترمي بسبع حصيات لا تزيد ولا تنقص ، ويكون رميك بوقت محدد ، وتبيت باماكن محدّدة ومعروفه فلا تتعدّاها ولا بشبرٍ واحد تعبّداً لله تعالى ، ولو أنّكـ خالفت تلكـ الأنظمة والقوانين لما علم بكـ أحد من البشر ، وإنما يحدوكـ على التقيّد بذلكـ هو مراقبتكـ لمن لا تخفى عليه خافيه .
فما أن ترجع إلى بلدك إلا وتنسى تلكـ المشاق والمتاعب التي عرضت لكـ ، وذلكـ بتذكّركـ أنّ الحج المبرور ليس له جزاء إلا لجنة ، وأن الذنوب التي اثقلت كاهلكـ طيلة أيام عمرك قد بدّلت حسنات ، وتجدكـ رجعت بقلب غير الذي خرجت به ، فحينها يهفو قلبكـ شوقاً إلى العودة إلى تلكـ البقاع الطاهرة .
أسأل الله أن يتقبّل منّا ومنكم صالح العمل ، وان يجعل حجنا مبروراً ، وسعينا مشكوراً ، وأن لا يجعل منا ولا من بيننا شقياً ولا محروما ، وأن يمدّ بأعمارنا على طاعته ونوفّق فيه لحجج كثيرة ، نهذّب به نفوسنا ، ونقوّم به سلوكنا .
ضحى يوم السبت 1432/12/16هـ