بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » شمولية الدين والعبادة

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 15-11-2011, 06:15 PM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
شمولية الدين والعبادة


رأيت عند كثير من الناس , وعند بعض إخواني في هذا المنتدى قصورا عجيبا في مفهوم الدين والعبادة , بحيث يقصرون التقوى والصلاح على الصلاة وقراءة القرآن والصوم ونحو ذلك , وكنت كتبت مقالاً قديما حول هذا الأمر أترككم معه مع بعض الإضافات التي فتح الله بها بأخَرَةٍ على صاحب الموضوع :

خلقنا الله تعالى لعبادته " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " , ونحن نردد صباحا ومساء أننا لا نعبد إلا الله وحده " إياك نعبد " , ولكن ما العبادة التي أمرنا الله بها , وخَلَقَنا من أجلها ؟؟
عرفها ابن تيمية بأنها : اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وهذا تعريف شامل لكل شرائع الدين من أركان الإسلام , والمعاملات والأخلاق التي أمر بها الشارع وحث عليها , فهي داخلة في مسمى العبادة .
ولكن ... للأسف أن كثيرا من الناس في هذا الوقت لم يفهموا من العبادة إلا جزءا من معناها العام , أي أنهم جعلوها مقتصرة على الصلاة والصيام والحج .. أي كما هو مفهوم العبادة في اصطلاح الفقهاء , حيث جعلوا الفقه قسمين : فقه العبادات , وفقه المعاملات .
وهذا التقسيم خاص بعلم الفقه , ولسنا متعبدين به , بمعنى أن الشارع الحكيم جعل كل عمل تقوم به , وترجو ثوابه من الله تعالى فهو عبادة " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " " تبسمك في وجه أخيك صدقة " وغيرها من النصوص .

هذا الخلط جعل كثيرًا من الناس يركز على العبادة بمفهومها الخاص وينسى العبادة بالمفهوم العام , فتراه كثير الصلاة , يقوم الليل , ويصوم التطوع , ويحج كل عام , يبكر للمسجد , يقرأ القرآن , لكن مع هذا تجده : سيء الخلق , بخيلاً , ضيق العطن , يؤذي الناس في سيارته , سريع الغضب , لا يهتم بصلة رحم , بذيء اللسان , يغلق الطريق على المارة من أجل حضور جنازة , يتخطى رقاب الناس ويؤذيهم من أجل أن يصل للصف الأول , فيدرك فضيلة الصف الأول ويتناسى أنه أثم بالتخطي وإيذاء عباد الله ,, وغيرها كثير .
أليست مثل هذه التصرفات نجدها عند من يكثرون من العبادة , لماذا ؟؟؟ أعتقد أنه الازدواجية في الإيمان , والخلط في مفهوم العبادة , ولو فهموها حق فهمها لأخذوا الكتاب بقوة وآمنوا بالكتاب كله .

جاء في السيرة النبوية أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خارج المدينة في العوالي عند زوجه بنت خارجة نائيا عن بيت النبوة الذي يرقد فيه النبي صلى الله عليه وسلم مريضاً جدا , ومع ذلك فلم يترك أبو بكر حياته الدنيوية وواجبه تجاه زوجِه الأخرى ليجلس بجوار حبيبه وخليله محمد صلى الله عليه وسلم أثناء مرضه الذي مات فيه ( أخرجه البخاري وغيره ) .
ويحدثنا البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يتناوب على مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه وصاحبه الأنصاري الذي يتولى معه شؤون حياتهما الدنيوية .
قال ابن حجر معلقاً على حديث عمر : " وفيه أن الطالب لا يغفُلُ عن النظر في أمر معاشه ليستعين على طلب العلم وغيرِه " فتح الباري : 1/224 .
ولو تأملنا كتب الفضائل والآداب والأخلاق لوجدنا من الفضائل والأجور ما هو مرتّبٌ على أمور دنيوية إذا احتسب فيها الإنسان الأجر والثواب .
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : " من عال جاريتين حتى تبلغا ، جاء يوم القيامة أنا وهو " وضم أصابعه ,, رواه مسلم . ؟
ألم يقل صلى الله عليه وسلم : " وفي بُضْعِ أحدكم صدقة " , وهو كناية عن شهوة الرجل مع أهله ؟
ألم يأت في القرآن تنظيم الدَّين والمواريث والوصايا والبيوع والإجارة والعقود .. الخ
أليست هذه أمورا دنيوية ؟
بلى !

ولكنه الإسلام الدين الشامل الذي لا يترك جانبا من جوانب الحياة إلا نظمها , وجعلها داخلة في منازل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .

كتبه أبو سليمان : علي الحامد


__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:09 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)