[غيث السماء]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

في ظل العواصف الباردة التي غطّت سماءَ بلادنا
وقد أثلجت أجسادنا ، وسارعنا بتوقيها بالمدافئ ، والملابس ، والتحاف الفرش الوفيرة
لم يحصل ذلك الدف لتلك الافئدة التي جعلت نوافذ العالم أمامها ، وأخذت تطل من ناحية
التوسم فيها .

* ~ * لمن قرأ أحرفي الضعيفة ...

كلنا نتفق أننا ننزف دما]
كلنا نتفق أننا نبكي ألما
كلنا نتفق أننا نشكي وجعا
الدماء في عالمنا مثاعب تجري
وغلا الأسعار يوما بعد يوم في ضرب مقاييس العدادات
وهنآك
في البيوت مريض يأن ، وأب يشكو ، ووالدة معاقة ، وابن مشلول
وضال تائه
وهنآك
نهب وسلب ورشوات وغش وتدليس
عشق وغرام وهيام بلا رقيب ولاحسيب

* * *

كيف هو التوجيه :

كنت أتنقل بين المواضيع ، لعلي أجد ما يشفي الغليل
وبين أنا ذاك إذ قرأت
{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}

يقول تعالى مخبرا عما اختبر به الأمم الماضية ، الذين أرسل إليهم الأنبياء بالبأساء والضراء ،
( بالبأساء ) ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام .
( الضراء ) ما يصيبهم من فقر وحاجة ونحو ذلك ،
( لعلهم يضرعون) أي : يدعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله تعالى في كشف ما نزل بهم .

لعلّهم يضرعون ...

عالمنا اليوم كـــــــــــم عصفت به البأساء وكم شكى من الضراء وهل هي القضية !

ليست هذه القضية !

القضية هي أن نعلم أن الله _جلا وعلا_
يدعونا للتضرع

[ قال ش/ سفر الحوالي ]

والتضرع أن يأتي صغير هذه الحيوان فيرتضع ويلتقم هذا الثدي، فتراه عند ارتضاعه يلح ويرتفع ويحاول بكل قوته أن يجذب هذا اللبن الذي لا يمكن أن يعيش إلا به، نعمة من الله وفضلاً، ففي هذه الصورة البيانية مثل هذا الضرع، من جهة أن أصل خروج المولود هو من هذه الأم، كما أن أصل نموه -بإذن الله تعالى- ناشئ عن هذه الأم، ثم هو لهذا لا يمكن أن يستغني عنها، فلو قطع عنه اللبن لما أمكن أن يعيش أبداً بهذا الشكل.
وكذلك أيضاً أصل الإنسان وجوده، هو من رحمة الله وفضله، ثم هو لذلك يحتاج أن يرفع يديه وأن يتضرع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويلح في الدعاء،

غيث وعطاء
2 / 1 / 1433هـ