[أبو جنــى]

’‘

كُـنت جـالسـاً في مكتبتي حيث الهدوء يجتاح أرجاء المكان ! فهو دائماً ما يسيطرعلى أغلب أوقاتي ليمنحني تفكيراً أعمق و أكبـر في مستقبلي !!
أمسكت بكتاب كنت أقرأه منذ فترة ليست بالقليـل هو يتحدث عن حياة و سيرة الرسول - صلى الله عليه و سلم -
قطع ذلك الهدوء العارم صوت رنين الهاتف الذي لم أعهد إتصالات منه في هذا الوقت البتـة
ذهبت مسرعـاً لأستطلع من المتصل أمسكت بهاتفي و وددت الرد على المتصل ولكن أصابعي كانت ترتجف خوفاً !
ولكني لازلت إلى الآن لم أعلم ماهو سبب إرتجافها !!
رددت بصوت متقطع مضمونـه " نعم "
رد عليّ صوت يقول : أرجوك .. أن تقنع والدي !!
أدخلتني تلك الكلمات إلى عالم الغموض و الإندهاش , قلت : عجباً من المتصل !؟؟
رد بصوت مُنكسر : أنا إبن فلان صديقك ..
إستيقضت من ذلك العالم المسمى بـ : ( الغموض ) إلى الواقع رددت عليه
و قلت : أهلاً بك .. ولكن ما الذي دهاك !؟؟ ما بك !؟؟
فقال : أريدك بلقاء خاص يجمعني معك بأحد الأماكن لأخبرك ما الأمر
رددت بـ : موافق
إتفقنا على مكان قريب من بيتي لمقابلته ,

ذهبت مُسرعاً و أنا في عالم كبير من الدهشة !
أخيراً حضرت إلى المكان المتفق عليه , فوجئت بحضور والدة (صديقي ) معه ولكني تظاهرت بعدم الإرتباك ,
صافحني صديقي بإبتسامة " مجاملة " رددت تلك الإبتسامة و صافحت إبنه الذي جعل يُقَـبل رأسي
بدأ بالحديث الإبن حيث قال :
إنني على ثقه كبيرة بأن كلاً من الآخر يقدر و يحترم صاحبه و أيضاً كلاً منكما لديه الأسلوب بإقناع الآخر وتغيير وجهه نظرة و أفكارة
من هُنا مباشرة نظرت لصديقي و قلت : ما شاء الله إبنك محلل للشخصيات !!
إبتسم لي وقال : ربما , ولكن لا أعتقد أنه هذه المرة سينجح في تحليله و قوله ( كلاً منكما لديه الأسلوب بإقناع الآخر و تغيير وجهه نظرة و أفكارة )

تعجبت من قوله فقد كنت أثق بأن لهذه الكلمات مُنحنى آخر ساد الصمت فترة قصيرة ,
ثم أكمل الإبن قائلاً : إنني أريد منك خدمة بسيطة
قلت : تفضل فأنا في خدمتك
قال : أشكرك ولكن , أريد منك إقناع والدي بأني أتزوج إبـنه خالي فهو رافض لتلك الفكرة !
أثارت إستغرابي هذه الفكرة و أثار إستغرابي أيضاً رفض صديقي
قلت لصديقي : وَ لِمَ ترفض !؟؟
قال : دائماً الأقارب لا يأتي منهم إلا غير المرغوب فيه ( فالأقارب عقارب ) ! لا تحاول إقناعي فإنني واثق من وجهه نظري
قلت : ولِمَ أحاول إقناعك !؟؟ فقط سأذكر لك أن هناك دليل قوي وهو : إن " كان زواج الاقارب غير مرغوب فيه
ما تزوج النبي من ابنة عمته ام المؤمنين زينب بنت جحش !!
ولا زوج علي رضي الله عنه لفاطمة رضي الله عنها وهي ابنة عمه
وما يثبت ان زواج الاقارب كقانون عام لا شيء عليه هو ما جاء في القرآن الكريم ..
في قوله تعالى «يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي آتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك» الاحزاب: 50.
ولو كان في زواج الاقارب ضرر ما احله الله تعالى لرسوله واشار إليه صراحة في الزواج من بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله !!

هذا هو قولي ونصيحتي لك وأنت حُـر بما تفعل !!
نهضت من مكاني ذاهباً لسيارتي من غير أن أنطق بكلمة بعدها , ولكن قبل ذهابي خطفت بنظرة علـى محـياه لأراه متأثراً بكلماتي !
عندما إقتربت من سيارتي وجدته يسير خلفي منادياً و هاتفاً بـ : ( صديقي تمهل ) !!
توقفت دونما حراك ودونما أن ألتفت إليه
قلت : ما الذي تريد !؟؟
قال : أدعوك بأن تأتي معنا في الغـد لنحقق ما يريدة إبني !
إلتفت إليه و إبتسمت و قُلت :
( هَــذا هوَ ظَــنِــي بِــك )

’‘