[كرمع]

لايزعجني شيء مثل مايزعجني الحكم الجازم الجاهل في ذات الوقت في موضوع ما !!

العقال !!

هذا( المخلوق !! )الذي تم تجريمه ورفعه فوق الرؤوس في لحظة واحدة !!

من أين أتى ؟

بل أين ولد ؟

أسئلة طافحة مثل طحالب لاتنفك ظاهرة على السطح دونما جواب !!

(1)ماهو العقال ؟

العقال لمن لا يعرف تفسيره كما جاء في ( لسان العرب ) الرباط الذي تعقل’ به الإبل وجمعه ’عقلْ ، قال أبو سعيد

ويقال َعقلَ – بفتح القاف أيضا – فلان فلانا ، وَعكَلَه إذا أقامه على إحدى رجليه ، وهو َمعْقول منذ اليوم .

والعقال : بضم العين ، هو داء في رجل الدابة ، إذا مشي ظلع ساعة ثم انبسط . وفي الصحاح : العقال : وهي أيضا

بضم العين ظلع يأخذ في قوائم الدابة ، وقال أحيحة بن الجلاح :

يا بني التخوم لا تظلموها ....... إن ظلم التخوم ذو’عقال
ِ
وكان غطاء الرأس عند العرب العمامة ، لذلك ورد في معجم الأمثال بيت الشعر الذي تمثل به الحجاج بن يوسف

الثقفي :

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني

وبيت الشعر السالف الذكر لسحيم بن وثيل الرياحي ، لذلك كانت العرب تفخر بلبس العمامة . وقال ثعلب : العمامة

تلبس في الحرب وتوضع في السلم . وفي ( النهاية في غريب الحديث ) أن اسم عمامة النبي ( السَحاب ) ، سميت

تشبيها بسحاب المطر لانسحابه في الهواء . لذلك قال نبينا الكريم : ( العمائم تيجان العرب ) . لذا فالعقال هو زى

شعبي استعمل كغطاء للرأس عند العرب في وقت متأخر جدا، ولا يمت للهوية العربية بصلة ، رغم إن معظم آبائنا

وأجدادنا قد اعتمروه كزي شعبي لا يمت للعروبة بصلة

ويقول صاحب نهج البلاغة : العقال، الحبل الذي يعقل به البعير

ويطلق ويراد به الخيط الأسود ففي الحديث الصحيح أنه حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أقبل الليل من

هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه على أن المراد

بالخيط الأبيض الحبل الأبيض وبالخيط الأسود الحبل الأسود فجعل رضي الله عنه عقالين تحت وسادته وجعل يأكل

ويشرب فلما تبين له العقال الأبيض من العقال الأسود أمسك فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأخبره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل. ))

والعِقَال عبارة عن خيوط سوداء، مفتولة على شكل دائرتين متصلتين ومفرغتين فوق بعضهما.

ويقال بأن العرب الأوائل ارتدوا العقال للتخلص من الصداع، ويقال أيضا بأن جيلاً تالياً لبسه للدلالة على الحزن، وتحديداً

بعد خسارة العرب الأندلس، إذ عصب العرب العائدون من هناك رؤوسهم بعصابة سوداء، دلالة على حزنهم.

قال كرمع :وأنا أستبعد هذا الرأي وأعده تعسفا في ربط متباعدين لاصلة لأحدهما بالآخر حيث غرابة هذا التصرف !!

ويقال بأنه : (من الجائز أن تكون عوامل الطبيعة الصحراوية قد فرضت استعمال الغترة كغطاء للرأس , للوقاية من حرارة

الشمس ولفح الهواء الساخن في الصحراء وحتى ثبت الغترة على الرأس استعمل العقال

وإذا عدنا إلى الماضي , نجد أن الباحثين قد وجدوا في المعابد الأثريه (بالعراق) رسومات ونقوش أشخاص يرتدون ما

يشبه الغترة والعقال

وكان العرب في الجاهلية يرتدون الغترة وعليها خيوط تربط بها إلى الرأس وتميز كبار القوم بالأربطة المطرزة في حين

يرتدي رجال الدين ملابس أخرى وغطاء للرأس يميزهم عن عامة الناس

وفي بداية القرن العاشر الهجري بدأت هجرات أهالي نجد إلى الأماكن المجاورة واستيطانهم لهذه الأماكن وإقامة

المدن حولها فبدوا يستعملون الغترة والعقال ومن المحتمل أن استعمالهم لهذا النوع من الملابس لتمييزهم عن

غيرهم من القبائل ولاشك أن الغترة والعقال قد شاع استعمالهما خلال تلك الحقبة من الزمن )

قال كرمع : وهنا يمكننا أن نفهم سرا من أسرار تسمية العقيلات بهذا الإسم

ويقول محجوب ثابت ( والعقال كان لباس مملكة اليمن السبئية كما دلت عليه التماثيل التي وجدت في جنوب الجزيرة

وفي أعماق بلاد اليمن ) إلى أن يقول : ولولا أن له حظا من الجمال والهيبة لما رأينا بعض الافرنج في سورية

وفلسطين يتزينون به هم وصغارهم مع أنهم قادمون من بلاد عريقة في التبرنط )

ثم يقول إن تيجانا كهذه تزين مثل هذه الرؤوس لاأرى لها مسوغا لتقويضها وتنكيسها ولا الاستعاضة عنها بتلكم

القبعات عديمة الطعم !! )

ويحكي الشيخ علي الطنطاوي قصة ثورة شباب دمشق على اللباس الإفرنجي في ذكرياته ولبسهم العباءة العربية

والعقال مدة من الزمن تعبيرا عن الأصالة العربية فيقول في ذكرياته : ( وكان في المنشور الذي وزع نبذ الطربوش

واتخاذ العقال ) حتى قوله : ( انتشر العقال حتى اتخذه بعض وجهاء البلد )



في الفصل الثاني ستقرأ إن شاء الله نقاشا هادئا لموضوع فيه شيء من الحساسية بعنوان:

(2)العقال .. من الذي يلبسه ؟