|
|
|
24-06-2012, 04:10 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2012
البلد: الرياض
المشاركات: 6
|
شريط الذكريات مع عميد اسرة الدباسي رحمه الله
شريط الذكريات مع خالي الشيخ عبدالله بن يحيى الدباسي
ماذا يستفيد القارئ الكريم من هذه الذكريات: ما سوف تقرأه أخي الكريم / أختي الكريمة هي محاولة من كاتب هذه السطور لتسليط الضوء على الجوانب المشرقة من حياة أبائنا و أجددنا الذين نفقد منهم الكثير و يطوي الزمن العديد من صفحات حياتهم البيضاء دون أن نستنبط منها الدروس و العبر. اللقاء الأول: كان القاء الأول مليء بالإثارة و الدروس و العبر، فقد قمت في الأيام السابقة لهذا اللقاء بجمع المعلومات اللازمة عن اسرة الدباسي التي أنوي الارتباط بها عبر بوابة الشيخ عبدالله بن يحيى الدباسي – رحمه الله – و كان ممن أيدني على مصاهرة هذه الأسرة العريقة و اثنى عليهم الشيخ سعود بن غصن أمير فخذنا آل علي من قبيلة سبيع و جمع من طلبة العلم، الا أن البعض ممن استشرت قد اظهر بعض التحفظ و الشك في امكانية قبول الشيخ عبدالله الدباسي بهذا النسب لأسباب عديدة من اهمها في نظرهم الفارق في المستوى المعيشي الذي كان يصب في صالح اسرة الشيخ عبدالله حيث كان رحمه الله رجل اعمال ثري من اسرة علم و عمل يسكن في حي الملز ( عام 1404هـ ) و كاتب هذه السطور كان موظفا بسيط في مصفاة الرياض للبترول التابعة لبترومين و يسكن مع والديه في حي النسيم و يتنقل على سيارة بالتقسيط، هذه المعلومات المثبطة جعلت تقدمي لطلب يد اكبر بناته من زوجته أم صالح – رحمها – الله يعتبر مجازفة استقبلنا – رحمه الله – بابتسامة و حسن خلق و كرم ضيافة و استمع الينا و سألنا عن نسبنا و الى أي فخذ من قبيلة سبيع ننتمي بتفاصيل تدل على خبرته في قبائل العرب ثم لم يجبنا بنعم ام لا بل انتقل في حديث مهذب إلى ما يشبه المقابلة الشخصية سألني فيها عن مصفاة الرياض و تفاصيل الإنتاج و التوزيع لمشتقات البترول حتى احسست بأني اخوض اختبار ترقية و العجيب انه كان على اطلاع تام على الكثير من هذه التفاصيل مما اشعرني بأهمية منصبه و علاقته بصناعة النفط ثم ما لبث ان طلب مني تحديد مكان عملي و مسجدي و بعض المعلومات الأخرى و انصرفنا من عنده بعد ان وعدنا خيرا لقد تعلق قلبي هذا الشيخ الجليل و احسست بأهمية مصاهرته و عشت ايام عصيبة الى ان فاجأني رئيسي في العمل بقوله : "لقد اتصل بي شخص يدعى الدباسي من اهل بريدة و سألني عن اخلاقك و المحافظة على الصلاة و البعد عن الشبه"، فقلت له هل سأل عن احوالي المالية؟ فقال لا لم يسأل الا عن التمسك بالكتاب و السنة. بشرت بالقبول و تم الزواج دون شروط و دون بذخ و دون النظر الى الفوارق المعيشية و تجسدت تربية هذا الشيخ الصالح و هذه المرأة الصالحة في زوجي و انتقلت الى ذريتي فرحم الله ابا محمد و رحم الله ام صالح فقد عاشا لله و فارقا الدنيا و الكل يترحم عليهم اللقاء الأخير: ليلة الأثنين 14 رجب 1433هـ وصلتني مكالمة تخبر بأن خالي الدباسي قد تم نقله وهو مغمى عليه الى قسم الإسعاف في مستشفى الملك فهد فتوجهت اليه فورا كان – رحمه الله – فاقد التركيز و يرد التكبير و كأنه يصلي و يحاول النهوض و قد ابيض وجهه و اكتسى جسده ما يشبه البريق فتسألت هل ادهن بشيء فقيل لا – لبث في العناية المركزة ما يقارب الستة عشر يوما – ثم انتقل الى رحمة الله و هو مبتسما مشرق الوجه، يرجى له خير ولا نزكي على الله احد الاستعداد للعيد: لاحظت زوجتي قبل اول عيد للفطر في حياتنا الزوجية ان هناك حراك و استعداد غير مسبوق – من وجهة نظرها – فتسألت ما الأمر فقلنا الاستعداد للعيد فقالت العيد ليس لمن لبس الجديد العيد لمن قبل عمله علمت لاحقا بأنهم و منذ الصغر يصومون رمضان مجاورين لبيت الله الحرام و لا يرجعون الا بعد صيام الست من شوال من الطريف ان خالي – رحمه الله – عاتب شاب لقلة زيارته فقال الشاب الذي يجهل حال خالي : لقد سلمت عليك في العيد الماضي فقبل خالي عذره علما بان خالي لم يحضر العيد في الرياض او القصيم منذ عشرات السنين لمجاورته في رمضان و حجه كل عام حتى الزمه المرض و الضعف البقاء بعيدا عن المشاعر المقدسة التي يتوق اليها و يشتاق الى عبيرها رحمه الله رحمة واسعة الحج الميسّر (تابعوا بين الحج و العمرة): اديت فريضة الحج قبل زواجي بستة اعوام و قد لحقني مشقة شديدة بل قد كدت أن افقد روحي في زحام الجمرة الكبرى، و كنت اخشى ما اخشاه ان اضطر لمرافقة زوجتي لقضاء فرضها و لكني تنفست الصعداء بعد ان علمت بأنها قد حجة عدة مرات. الحت زوجتي علي كثيرا لمرافقة خالي في الحج و كنت ارفض خوفا من الزحام الى ان كتب الله لي الحج برفقته فتعلمت منه كيف ارتب وقتي و ابتعد عن ذروة الزحام و انفع حجاج بيت الله و اكون عون لهم على الطاعة فلم اترك الحج معه حتى اقعده المرض و صعبت عليه المناسك، فكان له الأثر الكبير بعد الله في تيسير الحج و تحبيبي فيه و كان رحمه الله يتابع بين الحج و العمرة. اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة: عمل رحمه الله في تجارة استيراد الأقمشة و طلب ذات مرة من مصنع في بلاد الشرق تخفيض الأسعار على بعض العلامات التجارية التي يستوردها منهم فوافق المصنع بشرط ان يقوم المصنع بخفض الجودة فرفض هذا الاتفاق لما فيه من الغش و اكل اموال الناس بالباطل كان رحمه الله يتحرج من اكل او شرب كل ما يقوم الناس بتوزيعه في المشاعر المقدسة و لوكان بحاجة اليه مع عدم وجود من يقوم بالبيع مخافة ان يكون زكاة او مال مختلط. كان رحمه الله يشترط على من يشاركه في عمل تجاري ان لا يبيع محرم او مكروه كالدخان و أن لا يأجر على نشاط محرم كالبنوك الربوية شخصيته تجسدت في اعماله: 1. كان – رحمه الله – يتصدق بكل شيء و لا يرد سائل، اذكر ذات مرة كنا حجاج و قد حملنا معنا في السيارة ماء و ثلج و عصير و كميات من الخبز و الأجبان لتوزيعها في عرفة و مزدلفة فقام يتصدق على الحجاج حتى خشينا ان نبقى بلا طعام او شراب و لا ماء للوضوء، فلو لم نواري العشاء عنه لتصدق به رحمة بفقراء الحجاج 2. كان – رحمه الله – يبني المساجد ولا يضع عليها اسمه و لا يسمح بالحديث عنها رغبة فيما عند الله 3. وكان – رحمه الله – لا يتنقل دون ان يأخذ معه كمية من النقود يتصدق بها على السائل و المحروم و الأطفال حتى عرفه المساكين و المحتاجين و بلا شك سوف يفقدونه 4. كان – رحمه الله – يطبق "اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا و اعمل لأخرتك كأنك تموت غدا" فكان – رحمه الله – يسعى في مناكبها و لا يأخر حقوق الله و حقوق العباد و كان قدوة لمن حوله في هذا المجال 5. كان – رحمه الله – حريص كل الحرص على مضاعفة الأجر كالصلاة في الحرم المكي و التي تعدل مائة الف صلاة و كان يصلي في المصابيح القديمة في الحر الشديد التماس لأجر الصلاة في اقدم بقعة في الحرم. 6. كان – رحمه الله – مربيا فاضلا لم يضرب ابنائه قط بل كان يربيهم بالموعظة الحسنة و القدوة الصالحة و الكلمة الطيبة و يدعو الله لهم و يأمرنا بالدعاء للأهل و الذرية و ينهانا عن الغلظة و الشدة و من اقواله : " ثلثي التربية دعاء" 7. كان – رحمه الله – في شأن اهله و كان يكفيهم مؤونة نفسه فلا يوقض نائما مهما كان الطلب فيصنع لنفسه القهوة فإذا عوتب قال في الحركة بركة و كان في خدمة من يرافقه في السفر على كبر سنه و جلالة قدره. ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا : رعاية المسنين جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع المسلم لاسيما الوالدين الذين لهم الفضل بعد الله في وجودنا ورعايتنا و تربيتنا و تعليمنا، و من فضل الله على الكثير من المسنين في هذا البلد الطيب ان رعايتهم و احترامهم و تقديرهم نابع من طاعة الله و رسوله عليه الصلاة و السلام و التي حثت على طاعة الوالدين و برهما و كان لخالي رحمه الله المواقف الكثيرة التي جسدت هذا المعنى و اظهرت عظيم بره بوالديه – رحمهما الله – في حياتهما و بعد وفاتهما بالصدقة عنهما و الحج و الأضاحي و الإستغفار الدائم لهما و الذي انعكس عليه في الدنيا بسعة الرزق و بر الأبناء و صلاحهم ورعايتهم المخلصة له عند ضعفه و حال مرضه و البحث الجاد عن مرضاته فقدنا ابا حنون: الصدمة الكبرى بوفاته – رحمه الله – رافقها رضى بقضاء الله و قدره و تسجيل مواقف جدير بأن نطلع على بعضها · وصلت رسالة جوال من امرأة لا تربطها به قرابة مباشرة يقول بعض نصها " انا لله و انا اليه راجعون فقدنا ابا حنون احببناه في الله و لم نراه" · حضر الصلاة و الدفن عمال بسطاء يذكرونه بالخير و يدعون له بالرحمة · احد جاراته تقول نشهد له بالحرص على الصلاة طيلة السنوات التي جاورناه فكنا نراقبه و هو يسرع للمسجد ثم اصبح يتوكأ على عصى ثم يساعد على المشي ثم يدف في كرسي متحرك ثم انقطع عن المسجد ليعلن بعد ايام وفاته · وفاته اصابت الكثير من الاسر التي يكفلها و المشاريع التي يرعاها بصدمة لن يخففها الا اتباع ابنائه لنهجه · لوحظ عليه الكثير من علامات حسن الخاتمة و لا نزكيه على الله في الختام نسأل الله له المغفرة و الرحمة و لأهله و ذويه الصبر و السلوان و نقول لإخواننا و اخواتنا : هذا من كبار السن الذين سخرهم الله لإحياء السنة و العمل الصالح فقمنا بنشر بعض ما ترك لنا من صفحات بيضاء مضيئة لنقتدي بصبره و صبر امثاله على طاعة الله و صبرهم عن معصية الله و صبرهم على اقدار الله و حسن استغلالهم للحياة الدنيا لتصبح مزرعة خصبة للأخرة و قنطرة للجنة و وقاية من النار. كتبه عبدالعزيز بن علي السبيعي في يوم الخميس الأول من شهر شعبان لعام 1433هـ تابعونا في تويتر abdulazizsubaie |
الإشارات المرجعية |
|
|