[أبو سليمان الحامد]

كثر في الآونة الأخيرة التجاذب في المنتدى حول بعض الموضوعات والردود , وطريقة تعامل الأعضاء مع بعضهم في هذا الأمر ما بين مُغْضَبٍ ومُستعجِل , وهادئ ومُستحيٍ .
فاستعنت بالله تعالى لكتابة هذا الموضوع لأبين فيه حق الكاتب والقارئ , وما يجب أن يتحليا به من أدب وسلوك , فللكتابة أدبها , وللقراءة سلوكها , وللنقد أصوله التي لا ينبغي لأي قارئ أن يتجاوزه , ولا ينبغي لأي كاتبٍ أن يأنف منه .
والكاتب المراد به هنا , هو كاتب الموضوع الأصلي , والقارئ هو من يقرأ الموضوع سواء أعلَّق عليه أم لم يُعلِّق .
فمن حقوق القارئ على الكاتب ما يلي :

1. أن يقرأ موضوعا مفيدا نافعا , بعيدا عن التكرار الممل في المواضيع .
2. أن يقرأ موضوعاً منسَّقاً واضحاً , بأسلوب مقبول أدبا , وصحيح لغة ونحوا قدر المستطاع .
3. أن يقرأ موضوعا يحترم عقلَه وفكرَه , ولا يشعر أنه يتعالى عليه أو يبرئ ساحة كاتبه ليتهم القراء به .
4. على الكاتب أن يحرص على العدل في القول , وألا يرمي التُّهَمَ جزافا دون تمحيص , امتثالا لقوله تعالى : " وإذا قلتم فاعْدِلُوا "
5. على الكاتب أن يعلم أنه حين كَتَبَ فَقَدْ صار غَرَضاً لسهام النُّقاد والقراء , وعليه أن يحتملهم , وأن يتسع صدره لانتقادهم وملاحظاتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا , وأن يعلم أن الاختلاف سنة كونية باقية ما بقي البشر .
6. على الكتاب أن يعلِّق على مواضيعه قدر ما يسمح به وقته , وألا يدع موضوعه معلقا دون ردود على الأعضاء , أو يرد على بعضهم ويدع الآخرين .
7. على الكاتب أن يُحضِّر لموضوعه جيداً , لكي يتدارك هفوات النقد ما استطاع .
8. على الكاتب ألا يزعج الناس بمشاكلهم كل يوم , فمن العقل والحكمة التنويع في الطرح , ما بين مشكلة وحل , وما بين فائدة شرعية أو اجتماعية , وما بين خاطرةٍ أدبية ولغوية , ونحو ذلك .
9. على الكاتب ألا يكثر من الموضوعات في أيام متتالية لئلا يسأم منه الناس , فالتباعد في كتابة المواضيع يدل على حصافة وعقل ( زُرْ غِبّاً تزْدَدْ حُبّاً )
10 . على الكاتب أن يستحضر قوله تعالى : " وقولُوا للناس حُسْناً " وقوله تعالى : " وقلْ لعبادي يقولوا التي هي أحسن " .



أما حقوق الكاتب على القارئ فقد مر فيما سبق بعضٌ منها مما يشترك فيه الطرفان , كالأرقام السابقة : 4 , 7 , 10 .

ونضيف إليه ما يلي :
1. على القارئ أن يعلم أنه يقرأ نتاجاً بشريا قابلا للخطأ والصواب , وأن يدرّبَ نفسَه على قبول الخطأ وقراءته , وأن يعلم أنه ليس بالضرورة اتفاق الأقوال والآراء , فالاختلاف سنة كونية .
2. عليه أن يأخذ الكاتب بالرفق واللين , وأن يرد باحترام وتُؤَدة , فالرفق ما كان في شيء إلا زانه , ولا نُزع من شيء إلا شانه .
3. عليه أن يتجرد من الهوى حال النقد " ولا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "
4. عليه أن يتغاضى عن بعض الأخطاء , وألا يكون كالذباب لا يقع إلا على القذى دوما , فالتغافُل فنٌّ لا يجيده إلا الأسياد .
5. عليه أن يتوخى في نقده وتعليقه اللغة الراقية المبنية على احترام الكاتب وتقديره .
6. ما أجمل أن يُصدِّر المعلِّق تعليقه بشكر صاحب الموضوع !, لأنه ما من موضوع إلا وخلفه فائدة جلّتْ أم دقّت .
7. البعد عن الإسفاف في الرد , والدخول في أمور شخصية لا علاقة لها بالموضوع الأصلي , فاستعمال هذا الأسلوب , لا يضر الكاتب بقدر ما يدل على سطحية فكر القارئ وقلة مروءته .
8. عليه أن يتذكر قوله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " , فإما أن تعلق بإيجابية , وإلا فالصمت أبلغ وأحكم .
9. عليه أن يحرص أن يكتب تعليقا لا تمتد إليه أيدي المشرفين بالحذف , والحصيف من يعرف أسباب الحذف ليتوقاها .
10 . عليه أن يجتهد بالنصح لكاتب الموضوع , وأن يخلص في الرد , فالنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم , ومتى علِم الكاتب أن هذا القارئ ناصحٌ له وليس شامتا أو حاسدا فإنه سيقبل كلامه برحابة صدر , وسعة بال .

هذه عشرون فقرة وفكرة جمعتها مقسّمة بين الفريقين , دون أن أدعي الكمال فيهما , فلقارئٍ أن يضيف أو يحذف أو يدمج , وعلينا احترام الرأي .
وعلى الجميع أن يستحضر المثل المشهور : اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية .

وشكرا لكم جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أخوكم : علي الحامد ( أبو سليمان )
24 / 2 / 1434 هـ