بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » وجهاً لوجه .. مـــع سقـــــــــــراط عند الحـــــــــــــــلاق .. !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 14-01-2013, 02:32 AM   #1
رولكس
عـضـو
 
صورة رولكس الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2004
البلد: مدينة بريدة
المشاركات: 557
وجهاً لوجه .. مـــع سقـــــــــــراط عند الحـــــــــــــــلاق .. !


لمن لا يعرِفُ " سقراط " !

هو حسبُ ما تشير إليهِ موسوعةُ ويكيبيديا
من فلاسفةِ اليونان ..
ولدَ عندَ بدايةِ القرنِ الرابعِ قبل الميلادِ ..
ومن تلامذتِهِ أفلاطون والذي أنجَبَ تلميذاً بدورهِ اسمهُ أرسطو

لم يتركْ كتاباً خلفهُ وجلُّ ما وصلَ إلى عشاقِ فنِّهِ هو عبرَ
تلاميذِه ، وتناثيرَ من هنا وهناك ..

من أقوالِهِ الخالدةِ : إذا أردتُ أن أحكمَ على إنسان
فإني أسألهُ كم كتاباً قرأت وماذا قرأت

وليتَهُ اختصرها كما يقولُ رولكس : بـ هـل تقرأ ؟

***

لا أريدُ الحديثَ في موضوعي هذا عن الفلسفةِ ولا الفلاسفةِ
فلستُ من مريديها بل أنا في مدرجِ الهامةِ القامةِ
العلمِ الجهبذِ فريدِ الزمانِ " ابنِ تيميَّةَ " ..
وتلميذُه النجيبُ ابنُ القيمِ
واللذانِ عرَّيا الفلسفةَ وسخرا منها ،،
وأطاحا بها بالضربةِ القاضيةِ ، فرَّياها ، وهرَّيَاها ، وأعتَقاها لوجهِ إبليس
بثمنٍ بخسٍ ، ليستْ دراهمَ معدودةٍ ، بل بكلمةِ : بئسَ ..
فخنستْ مع الخنَّاسِ بل أشدُّ وأبْأس ..

***
ولكن ..
من بابِ التنزُّلِ مع الخصمِ
ومن كونِ الحكمة ضالة المؤمنِ أنَّا وجدها فهو أحقُّ به
ومن باب حدثوا عن بني إسرائيلَ ..

فلا يمنعُ المجالُ بأن ندرجَ ما صدرَ من متصدِّرِ الموضوعِ
من شرفٍ بالاعترافِ ، بالتعلمِ حتى ممن ضعفَ شأنهُ
وصغرَ علمهُ ، ووضُعَت مكانتُه ..

***
القصَّةُ المستَشهدُ بها لا الشاهِدُ

هي قدومُ طفلةٍ صغيرةٍ على " سقراط " وهو في فلاةٍ (صحراء) من الأرض
وقد بعَثَتْها والدَتُها من مكانٍ قصِيٍّ عندما شاهدتا نورَ نارهِ _ وهنا تتجلى بعض أسرار العربية والقرآن وهذ كاستدراك فاسمحوا لي بأن " أشطحَ به لكم " :
فالعربُ تقولُ لما يمتدُّ من الشمسِ ومن النارِ بـ ضياء
وما يمتدُّ من القمرِ نورا ، لأنَّ النورَ لا تصدرُ عنهُ حرارةٌ ولهبٌ ، بعكسِ الضياءُ
قال تعالى : ( هو الذي جَعلَ الشمسَ ضياءاً والقمرَ نوراً .. ) الآية وهذا كدليلٍ
لأن الشمسَ لها حرارةٌ والقمرُ ليسَ لهُ ..
ولكن هل لهذا الاستدراكِ الذي شطحتُ به عن قصَّةِ سقراط من مغزى أو معولٍ
فأقولُ : نعم ، وهو ما ذكره العلماءُ ومردُّه إلى القرآن الكريمِ ، حيثُ وُصِفت فيه شريعةُ موسى بالضياءِ ، لما فيها من آصارٍ وشدَّةٍ على بني إسرائيل
بما قدَّموا وبما علمَ الله من أنفسِهم
ثم وصِفت شريعةُ محمدٍ عليه الصلاة والسلام بالنور
لما في شرائعها وتكاليفها من تيسير ورحمةٍ ، فاغتبطوا إخوتي ، قال تعالى : ( ولقد آتيناموسى وهارونَ الفرقانَ وضياء وذكراً للمتقين ) الآية
ثم انظروا لقوله تعالى : (فآمنوا باللهِ ورسولهِ والنورِ الذي أنزلنَا ) الآية

ولذا قلتُ نورَ نارهِ ، لأنهما لم تحسا بها بل شاهدَتاها ..
وإلا لقلتُ : ضوءَ نارِه ، وهذه مع الإحساس

***
أعودُ لسقراط والطفلةِ ..

فعندَما قدِمت عليه ، وألقتِ التحيةَ وألفَ إقبالَها سألها
عمّا جاء بها إلى هذا المكانِ وإن كان هذا لا يعنيهِ ولا يعنينا بدورنا
الحاصلُ أنَّهُ سألها عن حاجَتِها فقالت : نريدُ شيئاً من النارِ
نَوقدُ منهُ ناراً تُدفِئُنا لحينِ بزوغِ الفجرِ
فقال : أعطيني وعاءاً أضَعُ فيهِ لكِ جمرةً توقدونَ منها ناركمُ
فقامتِ البنتُ على الفورِ بحملِ حفنةٍ من الترابِ وقالتْ : ضعْها هُنا
فتَعجَّبَ سقراطُ من فِطنةِ الطفلةِ
وقالَ مقولَتَهُ الشَّهيرةَ : ( عجَباً .. سقراطُ يتَعلَّمُ من طفلةٍ )

***
بغضِّ النظرِ عن حجمِ المعلومةِ
وحجمِ المُعَلَّمِ ، فالعبرةُ لديَّ بالاعترافِ الضمنيِّ بالفضلِ

وجميعُ ما سَبقَ توطئةٌ لقصةٍ حدثَت أمامَ عينَيَّ

عندَ الحلاقِ

***
وكُنْهُ هذه القِصَّةِ ، كالتالي :

حيثُ ذهبتُ لحلاقيَ المعتاد ، ولا يخلو الحضورُ وقت الذُّرْوةِ من
الانتظار ِ ..

وهو أمرٌ لم نعتَدْهُ ، نحنُ معشر العربِ ولن نعتادَهُ أبداً
مَعَ أنَّ الانتظارَ فرصَةٌ لاستغلال الوقتِ في كثيرٍ من العاداتِ
النافعةِ ، وهذا ما يتَّخِذُه الغربُ من أسلوبٍ حتى صار يعتادُ الأمرَ بل
يحبُّه ، ويعشَقُه ، وتنظرُ إلى الواحدِ منهم فتظنُّ ألا مهامَّ لديهِ
معَ أن برنامَجَهُ مملوءٌ ومكتظٌّ ..

وخيرٌ ما يجبُ أن يُفرحَنا بساعاتِ الانتظَارِ
هو مداومةُ الاستغفارِ ..

عند الحلاقِ
الخبازِ
إشارةِ المرورِ
مواعيدِ المستشفى
والجهاتِ الحكوميةِ
وغيرِها ..

***
وبينَما كنتُ أنتَظرُ دوري ..
إذ بشخصٍ في ربيعه الأربعين يدلفُ علينا ..
ويمسِكُ بيدِه طفلاً في سنتهِ الرابِعةِ .. تقريباً للاثنين
الأبُ لا تظهرُ عليه آثارُ واضحةٌ لأهل الخير بل شخصٌ عاديٌّ
الابنُ بحالةٍ صحيَّةٍ وظاهريَّةٍ جيدةٍ

دخلا وجلسا عند البابِ

***
وينادي
التركِيُّ _وهي إحدى الأعراق التي ابتلينا بها _
على أحَدِ الأشخاصِ والذي يظهرُ على قسماتِه
الوعثاء ، بل البلاءُ

ولكن
لا تحقرنَّ أحداً
حتى ترى أفعالهُ
أو أقوالهُ
وفي صاحبِنا
حتى ترى عزيمتهُ

ويقْفِزُ إلى الكرسيِّ
ويغيبُ الحلاقُ لبرهةٍ خارجَ المحلِّ
بمكالمةٍ

***
يستغلُّ ذلكَ الشخصُ هذا الوقت
بسَلِّ سيجارةٍ أمام ناظر من في المحلِّ جميعاً

والوجُومُ يخيمُ على الجميع

الحلاقون الآخرونَ يعرفونَه فيستحونَ منه

والجالسون المنتظرونَ
مشغولٌ
أو معتادٌ
أو غيرُ آبِهٍ

إلا واحـــــــدٌ

قفَزَ ذلكَ الطفلُ
من مكانِهِ

والأفضلُ أن أقولَ
وثَبَ فانتَفضَ ، فانقضَّ

لأنَّه بصدقٍ ..
ليسَ بشبلٍ
ولكن أسدٌ ، بمقاس "سمول "
قامَ هذا الطِّفلُ
أمامَ وجهِ المدَخِّنِ
وعندما أيقنَ أنَّه يشَاهِدُه

وكلنا كذلك ..

صرخَ به ..
( عيب .. عيب .. حرام عليك .. طَفها ) ..

بصوتٍ قويٍّ ، واثقٍ

وليستْ هذه نهايةُ أحزانِ ذلكم المدَخن

ولكن عندما تهادى صوتُ الأبِ

قائلاً : ( ياسر .. ياسر .. تعال عيب أنت )

رجَعَ الطِّفلُ إلى أبيهِ ، واثقُ الخطوةِ يمشِي مَلِكاً
فقال لأبيه : ( لا .. عيب عليه هو .. يشربْ مخدرات )

وهنا وبعدَ هذه الكلمةِ سادَ الصمتُ المحلَّ
فقط ، حركاتُ التفاتاتٍ من غافلٍ أدركَ هول ما جرى

ولم يقْطَع صوتَ ذلكم المشهد إلا صوتُ الحلاقِ يدخلُ
بجواله " الكشاف " حتى كرسيِّ المدَخنِ
ويبدأ في حلاقَتِه ..

وهنا أكملَ الجميعُ ما كانوا عليهِ ..
وجلستُ أتَفكَّرُ في هذا الطفلِ ،،

وخَلصتُ بأنَّ في منزِلِ ذلكَ الأبِ
أمٌّ ، ومعلمةٌ ، ومربيةٌ ، هي ما أخرَجَ هذه الخلفيةَ
الإيجابيةَ ، وهذه الشخصيةَ القويةَ .. لطفلٍ في الرابعةِ من عمرِهِ ..
فلا ينهى شخصٌ أحَداً عَلَّمَه ، بل يعتَزُّ بما صَنعَ وفَعل

***
الأحداثُ تتوالى ..

بعدَ انتهاءِ المدَخنِ من الحلاقةِ
ومحاسبةِ الحلاقِ

(وهنا حضَرَ سقراط)

اتَّجهَ إلى الأبِ وابنِهِ
وقالَ للأبِ : حياكَ الله يا بو ياسر
الأب : حياك الله
المدَخِّن : الله يصلح لك ياسر وأخوتُه
الأب : جزاك الله خير
المدَخن : والله ما فيه مدخن إلا يتمنى ترك هالتتن ، ويحتاج
موقف يصحيه ، وأنا اليوم جاني الموقف لعندي .. ما فيه تدخين بعد اليوم

وتبادل الاثنان التهاني ، وشاعت الابتسامة على الحاضرين
ما عدا الأتراك

والطفل الذي لا يعلم ما حدث ..

تبادل الأب والمدَخنُ أرقامَ الجوالات ..

وغادرَ المدَخنُ
فوقفتُ مع نفسي وتذكرتُ قصةَ سقراط
وتعلمه من طفلةٍ ، وتعلم هذا الشخص من هذا الطفل
فأيقنتُ أننا نحتاجُ لموقفٍ دائمٍ في حياتنا نتعلمُ منه
ونحتاجُ قبلَ ذلكَ لتسامٍ عن هوى النفس واعترافٍ بالخطأ
والتقصيرِ والقصورِ وأننا لسنا كاملون في تصرفاتنا
لسنا كاملون إلا في خِلقَتِنا ، وليسَ في أخلاقِنا
فهيَ مكتسبةٌ
وكما يقول علماء التربية في تعريف التربية بأنها هي : العادات والمعارف
والتصرفات التي يكتَسِبُها الإنسانُ من الميلادِ حتى الوفاةِ .

لم يقطَع حبلَ سرَحاني إلا صوتٌ الحلاق واقفاً على رأسي يقول :
بتحلق وإلا وش لون

ما حدثَ بعاليه :
هو تشبيه صورةٍ بصورةٍ وحالةٍ بحالةٍ بين مشهدِ سقراط وذلك المدخِّنِ وهو
ما يسميه علماء البلاغةِ بالتشبيه التمثيلي ..

فلا تظنوا أني حَلقتٌ يوماً باليونان

***
ترقبوا .. قصةَ آدم معي قريباً .. ولكن آدم من نوعٍ آخر .

ألقاكم
رولكس
رولكس غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)