بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حـصـاد الإنـتـرنـت » عللى الوردي .. المجتعات العربيه تعاني من التناشز والازدواج

حـصـاد الإنـتـرنـت حصاد شبكة الإنترنت و المواضيع المنقولة

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 12-06-2014, 06:45 AM   #1
الزنقب
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 2,132
عللى الوردي .. المجتعات العربيه تعاني من التناشز والازدواج

[SIZE="4"
]المجتمعات العربية جميعها تعاني من التناشز والازدواج

بقلم : سلام الشماع


نشرت مجلة الأفق الأردنية في عددها الصادر يوم 24 حزيران 1992 تحقيقا شارك فيه بعض مفكري الأردن في موضوع ازدواجية الشخصية العربية وقد اجريت مع العلامة الدكتور الوردي (رحمه الله) حوارا حول هذا الموضوع.

والمعروف ان الدكتور الوردي (رحمه الله) كان اول من بحث في موضوع ازدواج الشخصية في اللغة العربية وذلك عندما اصدر في العام 1951 كتابا بعنوان (شخصية الفرد العراقي)، وظل يواصل البحث في هذا الموضوع في كتبه ومقالاته ومحاضراته حتى آخر لحظة من حياته في 13 تموز 1995 وقد عثرت بالصدفة على هذا الحوار وها اني اكتب ملخصه:

يبكي من خشية الله

* ان الذي نرجوه منك في بداية الحوار ان تعطينا رأيك في التحقيق الذي نشرته مجلة الأفق الأردنية باعتبارك من المهتمين بموضوع ازدواج الشخصية منذ زمن طويل.

* اني، في الواقع، قد استفدت من هذا التحقيق، الذي نشرته الأفق، فهو قد لفت نظري الى بعض الجوانب في موضوع ازدواج الشخصية، كنت غافلا عنها. ومن الممكن القول ان هذا الموضوع في حاجة الى مزيد من التفصيل والتوضيح اذ هو قد اختلطت فيه بعض المفاهيم واصبح من الضروري الفصل بينها وتبيان الفروق فيها.

من الجدير بالذكر ان ازدواج الشخصية له مفهومان مختلفان احدهما اجتماعي والآخر نفسي. اضف الى ذلك ان ازدواج الشخصية هو في الغالب لا شعوري في الانسان، وليس كما يظنه البعض منا من حيث كونه واعيا.

لا يسع المجال هنا ذكر الفرق بين المفهومين بإسهاب، لكني على كل حال استطيع ان اقول ان ازدواج الشخصية في مفهومه النفسي مرض نادر لا يصاب به الا عدد قليل جدا من الناس وهو شذوذ في تكوين الشخصية حيث يتقمص المصاب به شخصية معينة تارة ويتحول عنها الى شخصية ثانية تارة اخرى، وهو ينسى عند تقمصه احدى الشخصيتين ما فعل في اثناء تقمصه الشخصية الثانية، وقد يحدث احيانا ان يكون المصاب بهذا المرض ذا ثلاث شخصيات او اكثر، ولهذا يصح ان يسمى هذا المرض (تعدد الشخصية) بدلا من ازدواج الشخصية.

اما ازدواج الشخصية في مفهومه الاجتماعي فهو شيء آخر، انه ليس مرضا نفسيا بل ظاهرة اجتماعية يتصف بها الكثيرون من الناس في مجتمع معين اذ هم يتعرضون في نشأتهم الاجتماعية لنظامين مختلفين من القيم، فترى الواحد منهم يسلك ويفكر حسب احد النظامين تارة، وحسب النظام الثاني تارة اخرى.

اوضح مثل يمكن ان آتي به في هذا الشأن هو ما كان الناس عليه في العراق في العهد العثماني. فقد كان الناس حينذاك يخضعون لنظامين مختلفين من القيم، احدهما نظام القيم العشائرية، الذي يتمثل في العصبية القبلية والثأر وغسل العار والدخالة والتسيار والنخوة والاسراف في الضيافة وتقدير القوة والغلبة وشدة البأس.. الى آخره اما النظام الثاني فيتمثل في القيم الدينية التي دعا اليها الاسلام والتي تحض على المساواة والعدالة والتقوى والعفو والحلم وما شابه ذلك.

فالفرد حينذاك اعتاد ان يسمع المواعظ الدينية وهي تلقى عليه صباح مساء وتحضه على اخلاق معينة، بينما هو في حياته العملية يجري على اخلاق اخرى تبعا للقيم المحلية التي نشأ عليها منذ طفولته.. انه في بعض الأحيان يبكي من خشية الله ويعيد على الاسماع المواعظ التي سمعها من غيره، ويعد الدنيا فانية والآخرة باقية ولكنه يتحول فجأة الى شخص آخر عندما تنشب معركة بين عشيرته والعشيرة المعادية لها، او عندما يلمح (شقيا قبضاي) قويا يمر به وهو يهز الارض باقدامه او عندما يشهد شجاراً بين رجل ذي جاه او سلطة وآخر مستضعف فقير، فهو ينسى عند تلك المواعظ التي كان يتهجد بها ويندفع مع تيار القيم التي نشأ عليها في محيطه المحلي.

ان هذه ظاهرة اجتماعية نلاحظها في معظم المجتمعات العربية، ولكنها تختلف شدة وضعفا تبعا لكثرة المواعظ الدينية من جهة، ومبلغ انتشار القيم العشائرية فيها من الجهة الأخرى.

الشقي والتقي

* هل تقصد بقولك هذا ان المجتمعات العربية وحدها هي التي تنتشر فيها ظاهرة ازدواج الشخصية ام ان هناك مجتمعات اخرى تنتشر فيها هذه الظاهرة كذلك؟
* يميل علماء الاجتماع الى القول بان المجتمعات المتحضرة جميعها لا تخلو من ازدواج في الشخصية قليلا او كثيرا وهم لا يستثنون من الازدواج الا المجتمعات البدائية والمنعزلة.

خذ على سبيل المثال المجتمع الأمريكي.. يقول العالم الأمريكي كمبل يونغ في كتابه علم النفس الاجتماعي، ان الفرد الأمريكي يعاني صراعا بين القيم المسيحية التي ورثها من اسلافه المتدينين، والتي تدعو الى المحبة والعفو والايثار، وبين القيم التي تسيطر على الحياة الاقتصادية في مجتمعه والتي تدعو الى التكالب على الدنيا والتنافس في جمع الأموال. فالفرد الذي يعيش تحت وطأة هذين النظامين المتناقضين من القيم قد يصاب بشيء من ازدواج الشخصية على وجه من الوجوه.

ان الذي رأيناه في المجتمع الأمريكي قد نرى ما يشبهه في المجتمعات الأخرى قد نرى ما يشبهه في المجتمعات الأخرى لكن هناك اختلافا في طبيعة الازدواج وفي درجة انتشاره بين الافراد، وهذا الاختلاف يشأ جراء التفاوت في نظم القيم السائدة في كل مجتمع وشدة التناقض بينهما.

فرق في الدرجة والنوع

* انك اشرت الى ان ازدواج الشخصية يكون لا شعوريا في الانسان فالرجاء منك توضيح ذلك لفائدة القراء.
* اني قلت ذلك اشارة الى رأي بعض الاساتذة الافاضل، كما نشرته الأفق في تحقيقها في 24 حزيران 1992 فقد لاحظت ان هؤلاء الاساتذة يرون ان الازدواج يظهر بوجه خاص لدى الصحفيين والكتاب اذ هم يظهرون في كتاباتهم غير ما يبطنونه في قرارة انفسهم.
* ان الاستاذ فهد الريماوي على سبيل المثال يسمي هذا الازدواج بـ (التقية) او (الباطنية) وهو يقول عنه انه موجود في النفسية العربية منذ زمن طويل ولاسيما على الصعيد السياسي وانه موغل في التاريخ العربي والاسلامي منذ بدايته. ثم يقول الريماوي ان هذا الازدواج يظهر في زماننا هذا بعدة مظاهر ابرزها ان الكاتب في كثير من الاحيان يظهر خلاف ما يبطن، او يكتب شيئا مخالفا او مناقضا لما هو مقتنع به. ويعزو الريماوي هذا الازدواج الى اسباب متنوعة ابرزها وجود العسف والقمع في عالم النشر والصحافة.

ان هذا الرأي الذي ابداه الاستاذ الريماوي يؤيده الاستاذ نزيه ابو نضال. فهو يقول في ذلك ما نصه: ان الكاتب الذي يكتب المقال يضع في ذهنه ان هذه الكتابة يمكن ان تلحق به الأذى سواء من جهات رسمية او اجتماعية، فهو من حيث يشعر او لا يشعر يبدأ ببرمجة كتابته حتى يعبر عن الحد الأدنى من قناعاته بدون ان يصطدم بتلك الجهات، واذا افترضنا ان هذا الكاتب كان شجاعا ويقول كلمته وليكن ما يكون فهنا يبرز سؤال:

اين يمكن ان ينشر كلمته؟

* اني اوافق على هذا الرأي الذي جاء به هذان الاستاذان الفاضلان في وصف الازدواج والازدواجية كما يعبران عنه، ولكني مع ذلك اختلف معهما في التسمية، ففي رأيي ان الازدواج الذي ذكراه هو ازدواج واع في السلوك وليس ازدواجا في الشخصية فهناك فرق غير قليل بينهما.
* ان ازدواج الشخصية كما اراه هو لا شعوري في الغالب، وقد يغضب الانسان المزدوج حين ينبهه احد الى التناقض الذي يظهر بين موقفين له في الحياة، ان هذا الازدواج ينشا من جراء وقوع الانسان تحت وطأة نظامين مختلفين من القيم الاجتماعية، وترى الانسان به يتقمص شخصية معينة تارة ثم يتحول الى شخصية ثانية تارة اخرى. اما الازدواج الذي وصفه الاستاذان فهو ازدواج واع يفعله الانسان وهو شاعر به وقاصد له، وهو يقوم به بإرادة منه واختيار خوفا من اذى يلحق به او طمعا في مكافأة يأمل بها.

يمكن القول بوجه عام ان الازدواج الواعي موجود في جميع الناس ولكن على درجات متفاوتة. فالانسان يعيش في مجتمع وهو مضطر ان يداري الناس حوله ويحاول الانسجام معهم بمقدار جهده. انه مضطر ان يجامل ويداري وان يتقي ويتحيز. والفرق بين الافراد في ذلك هو فرق في الدرجة الا في النوع.

ان الانسان الذي يلتزم بالصراحة المطلقة في حياته الاجتماعية ويواجه الناس بالحق الذي يؤمن به من غير مداراة او مجاملة، هو انسان لا وجود له على وجه هذه الكرة الارضية. ولو فرضنا وجوده لكان من الواجب عليه ان يعتزل الناس ويعيش منفردا في عالمه الخاص به فيريح ويستريح.
ظاهرة التحرش



* كان من بين الاساتذة الذين شاركوا في تحقيق الأفق الدكتور نايف البنوي المدرس في قسم الاجتماع في جامعة اليرموك، وكان رأيه ان ازدواج الشخصية مفهوم مرضي وليس من المستحسن وصف الشخصية العربية به، ويفضل الدكتور البنوي ان يستبدل هذا المفهوم بمصطلح (التناشز الاجتماعي) فما قولك في هذا؟..
* ان (التناشز الاجتماعي) هو ترجمة للمصطلح الذي جاء به العالم الاجتماعي المعروف او غبرن، واني قد جئت بهذه الترجمة في عام 1965 عندما اصدرت كتابي (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي) ثم عرضته على المجمع العلمي العراقي املاً ان احظى منه بجواب ايجابي او سلبي فلم اوفق في ذلك للأسف الشديد واني اشكر الدكتور البنوي على استعماله لهذه الترجمة.

كان العالم او غبرن يقصد بهذا المصطلح ظاهرة اجتماعية تلاحظ في كل مجتمع يعاني من التغير، فمن طبيعة التغير الاجتماعي ان اجزاء المجتمع لا تتغير كلها على وتيرة واحدة او بسرعة واحدة فمنها ما يتغير بسرعة كبيرة ومنها ما يتغير ببطء. وهذا التفاوت في سرعة التغير يؤدي الى ظهور بعض المشكلات في المجتمع.

يمكن ان نجد امثلة واقعية كثيرة من التناشز الاجتماعي في المجتمعات العربية ولاسيما في هذه المرحلة الصاخبة التي نمر بها ولا حاجة بنا الى القول ان هناك صلة وثيقة بين التناشز الاجتماعي وازدواج الشخصية في كثير من الأحيان.

اوضح مثل يمكن ان نأتي به في هذا الصدد فيما يخص المرأة من حيث علاقتها بالرجل وهذا موضوع طالما تحدثت عنه في كتبي.

حين ندرس القيم الاجتماعية التي كانت سائدة في العهد العثماني فيما يخص المرأة نجد انها تولي اهمية قصوى لعفة المرأة وصيانتها الجنسية، ومن هنا نشأت عادة غسل العار، وقد مرت بالعراق فترة كانت حوادث غسل العار فيها قد بلغت حدا لم تبلغه في أي بلد في العالم، ومازالت بقاياه موجودة حتى الان.

وجاء التغير الاجتماعي الكبير عقب الحرب العالمية الأولى، وبدأت المرأة تدخل المدارس ثم الوظائف، واتخذت الزي الحديث في السفور. وصار هذا التغير يزداد شدة يوما بعد يوم، ومن يدخل الان الدوائر الحكومية ويقارنها بما كانت عليه قبل نصف قرن من حيث نسبة الموظفات فيها يجد ما يذهل ويدهش.

ومعنى هذا ان وضع المرأة من الناحية الثقافية والاجتماعية قد تغير تغيرا كبيرا جدا يكاد يشبه الطفرة. ولكن السؤال الذي يواجهنا هنا:

هل ان القيم والتقاليد التي تخص المرأة قد تغيرت بمثل هذه السرعة؟ ان هذا احد مظاهر التناشز الاجتماعي في المجتمع وهو لابد ان يؤدي الى ازدواج في الشخصية. ان الرجل العربي في تعامله مع المرأة قد يتقمص شخصيتين مختلفتين احداهما حديثة والاخرى قديمة. فهو يتحدث الى المرأة ويغازلها على نحو ما يفعل الرجل الأوربي مع المرأة. ولكنه عندما يريد الزواج تنتفض القيم القديمة في اعماقه ويحاول البحث عن امرأة لا تعرف الغزل والغرام.

اني وصفت الرجل العراقي في مناسبة سابقة بأنه (دون جوان) تارة و (حاج عليوي) تارة اخرى. وهنا يكمن السبب في انتشار ظاهرة التحرش بالنساء في مجتمعنا. فالمرأة قد تثقفت وتحررت ولكن الرجل ينظر الى المرأة قبل سبعين سنة، اذ هو لا يكاد يلمح ابتسامة خفيفة منها حتى يعتبرها علامة تخفي وراءها العجب العجاب.

وقد يصح ان نقول ان جميع المجتمعات العربية تعاني من مثل هذا التناشز والازدواج قليلا او كثيرا. وقد صار من الواجب على باحثينا ان يهتموا بدراسة هذه المشكلات بدلا من دراسة مشكلات الشعر ونقد الشعر ونقد النقد.


http://www.ejtemay.com/showthread.php?t=19097


**********************
مجلة الصوت الاخر
العدد 24 - 22/11/2004[/SIZE]
الزنقب غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)