بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » تأملات في الحديث النبوي ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 09-07-2014, 03:31 AM   #1
الزنقب
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 2,132
تأملات في الحديث النبوي ..


يقول البخاري في صحيحه باب فضل الفقر ..

والفقر يطلق على عدة معاني فقر تأله وهو الافتقار الى الله تعالي .. وفقر نفسي وهو فقر النفس بشدة حرصها وطلبها للمال والمكانه وطمعها في ذالك وعدم وصولها الى حالة الشبع .. وفقر اقتصادي وهو قلة المال وقلة ذات اليد .. وفقر اجتماعي وهو قلة العوين والنصير وهو المسمي بالغربه ..

وعندنا حديث ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني عني النفس
والعرض هو كل الاموال التى يحرص الناس على اخذها ..

وغني النفس هو الاستغناء بالموجود عن المفقود والاستغناء بالخالق عن المخلوق

فهو يجمع امرين

الاول الرضى بما قسم الله له مع طلب بدون حرص ولا تهالك بل اعتدال في اخذ الكفايه من المال
ورضى بما قسم الله له وحرص على الاقتصار على حالة الكفاف وتخفيض لسقف الطمع

الثاني الاستغناء بالله عن خلقه فيكون الله عدتك ونصيرك وجماعتك وعونك ..

ومن الغني استمثار الاوقات في طلب الكمالات .. والناس يصرفون اوقاتهم في طلب الشهوات او الاموال او الكمالات وهي القوه العلميه والعمليه ..

والرسول عليه السلام عاش اكثر حياته بين الفقر والكفاف .. حتى حين فتحت له الفتوح كان يعيش حالة الكفاف وهو اخذ ما يحتاجه وربما اشار على زوجاته واهله بأعطاء السائل والضيف مما اعطاه ايهم من النفقه فكان يعيش حياته بالايثار ..

وفي الصحيح انه عليه السلام لم يأكل على خوان ولم يأكل المرقق ومات وليس في بيت عائشه الاشي يسير من الشعير اكلته منه فتعجبت من طول مدته فلما كالته فني بسرعه قال العلماء كل شي بورك لك فيه فينبغي عليك الاشتغال بالشكر ورؤية المنه بدون تحسيب مادي ورد للاسباب العاديه حتى لا تبطل بركته ..

والصحابه منهم من مات ولم يتوسع من الدنيا ومنهم من عاش الى وقت سعة الحياة فكانوا على ثلاثة اقسام منهم من اخذ من نعيم الدنيا وبقى على حالة من التعبد والافتقار الى الرب رغم بحبوحه العيش التى كان يعيش فيها كابن عمر ومنهم من اشتغل بالتجاره كابن عوف ومنهم من بقى على حالة الفقر الاولي ولم يتوسع ولم ينشغل بالتجاره كابي ذر وهولاء هم الاقل من الصحابه .. قال خباب (( ومنا من اينعت له ثمرته فهو يهدبها )) وتبقى هذا المسأله راجعه لاجتهاد الشخص وطبيعته النفسيه ..

وعندنا فقر صوفي وهو نفض اليد من الدنيا طلبا وضبطا واسكات اللسان عنها مدحا وذما .. وثبت عن النبي عليه السلام انه استعاذ من فتنة الفقر والغني لان الفقر سبب للقلة الصبر والغني سبب للطغيان وافضل المكاسب هو الكفاف اما الغني والفقر فهو يختلف بأختلاف الاشخاص وافضلهما اطوعها لله تعالي لان المال لا يذم لذاته بل لكونه يشغل عن الله والفقر يمدح لانه سبب لاقبال القلب على الله فصارت التقوى هي شعار التفضيل اما الغني والفقر فهي مثل سائر امور الحياة كالوجاهه الاجتماعيه والمناصب والمناسب ونحوها لا تمدح ولا تذم بذاتها وأنما بأستعمالها من الانسان ..


قال القرطبي ان نبينا ابتلى بالفقر في اول حياته ومعني قوله (( ووجدك عائلا فأغني )) اي غني القلب لانه كان فقير في مكه .. وابتلى بالغني فعافه واقتصر على حالة الكفاف وهو اخذ الحاجه من المال بحيث لا يحتاج لاحد من الناس .. كما قال الامام احمد الزم السوق فإن الحاجه للناس شديده .. وفي الترمذي ارض بما قسم الله لك تكن اغني الناس .. والكاف ان تجد من المال ما تحتاج اليه بدون أن يصل الامر الى الترف والقوت وسط بين ذل الحاجه وطغيان الترف ..


ولو تلاحظ ان الفقراكثر تهذيب للنفس من الغني .. وأن الغني اكثر نفعا للغير من الفقير .. فالفقير اذا قنع اصلاح قلبه وتعود على الصبر وانشغل بربه .. والغني اذا انفق صار نافعا لغيره .. ونفع الاخرين والارتقاء بالذات كلاهما مطلوب .. واختلف العلماء في التفضيل بين الفقير القانع والغني الباذل .. والاصوب كما اقلنا ان الاتقى والاطوع هو الافضل ..

ومن العجائب قول القيشيري ان الغني افضل من الفقير .. لان الغني من صفات الله وهذا التفضيل مبني على فكرة فلسفيه وهي التشبه بصفات الله .. ونحن انما نتكلم عن التشبه بما يحبه الله لا بصفات الله فالدين الاسلامي جاء بالتخلق بما يحبه الله من الايمان والتقوى وما يستلزم من اصلاح النفس لكي تقوم بالايمان والتقوى كما يحبه الله تعالي ..

قال بعض السلف لئن ابتلى بالعافيه فأشكر خير من ابتلى بالفقر فأصبر .. وقال احمد من قال بتعطيل الكسب فهو احمق لانه يريد ان يعطل الحياة .. وكان رسولنا عليه السلام يتألف اهل الجاه بالدنيا من اجل قومهم حيث ان العرب كانت تطيع سادتها في الخير والشر .. وقلة الحياة مع تمام الايمان من اكبر اسباب اكتمال الاجر يوم القيامه .. وكثير من السلف يحبون قلة المال لكي يبقى لهم ثواب الاخره ويقل الحساب وفي الحديث لا يصيب عبد من الدنيا الا نقص من درجاته وأن كان كريم عند الله جود اسناده المنذري .. ودخل مصعب على الرسول وعليه برده مرقعه فبكي له الرسول عليه السلام لانه كان قبل الاسلام من الاثرياء .. وما اجمل الصدق في وصف الاحوال من خباب ابن الارت حين وصف نفسه ووصف مصعب بن عمير ..
الزنقب غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)