د. عبدالله بن عبدالعزيز الزايدي
من أغرب أوجه السبق التي سبقت بعض الدول العربية والخليجية منها خاصة ومنها بلادنا السماح بالتلقي المطلق لكل بث فضائي مهما تكن درجة اسفافه ولؤمه، وهذا ما لم يحدث في عدد من الدول الغربية التي سبقتنا شوطا واسعا في المجال الإعلامي. والتي لا زال الكثير منها يعمل بنظام الكيبل والقنوات المشفرة، وتقنين أوقات البث لبعض ما يعرض على الشاشات.أما في بلادنا العربية فبالرغم من الشكاوى المرة التي لم تكل منها أصوات الخطباء، ولم تجف منها أقلام الصحفيين، ولم تتوقف عندها دعوات المربين، إلا ان ثمة إصرارغريب لدى الجهات المسؤولة على بقاء ما كان على ما هو عليه.لماذا يفترض بقاء فضاءاتنا مستباحة، ولماذا يفترض ان نستمر في اغتيال براءة أطفالنا، وتسميم أخلاق شبابنا. وتدمير قيمنا.لقد بدأت ظواهر الضنك التي أصيب بها المجتمع المادي في الغرب تنتقل إلينا، كظاهرة التفكك الاسري المتمثل في الزيادة الفاحشة في نسب الطلاق، وظاهرة تنامي الأمراض النفسية، وتعدد حالات الانتحار، وكثرة الجرائم غير الاخلاقية. وجريمة اغتصاب المحارم. الجميع يشهد ويسلم بالضرر الحادث، ويدرك إمكان التقليل من الشر، فلم لا يدرس الموضوع في مجلس الشورى وينظر في تجارب الدول الاخرى للاستفادة منها.يوجد شركات إعلامية متعددة في العالم لها تجاربها العريقة في تقنين استقبال البث الفضائي عبر الكيبل يمكن الاستفادة من خبراتها بطرح مناقصة عالمية بشروط وضوابط محددة تمنع الضرر الحاصل الآن من اطلاق الاستقبال دون ضوابط. ان بعض الدول الإسلامية والعربية والخليجية قد قننت الاستقبال الفضائي في بلادها، لاسباب مختلفة، ونحن أولى بهذا التقنين. فبقاء فضاءاتنا مستباحة لكل مفسد خيانة لهذا الوطن وقبله خيانة للدين.إننا نتناقض مع أنفسنا حين نقنن في نظام المطبوعات ما يدخل إلى بلادنا، ونترك المجال مفتوحا أمام هذا السيل المدمر للقيم والأخلاق. وهذه ليست دعوة لان نترك ما نعتقده حقا في هذا النظام لأجل ان لا نلتزم بلوازمه.انني أختلف تماما مع أولئك الذي يصورون التقنين بصورة غير الممكن أو غير المناسب في عصر ثورة المعلومات، فالامر ممكن وترك الامر على ما هو عليه يؤدي إلى ضرر كبير. وليترك المضادون للقيم والاخلاق دعاواهم الفارغة التي ستؤدي إلى ضياع الاجيال القادمة وتحول مجتمعاتنا إلى مسرح للجريمة والتفكك الاسري والمشكلات التي لا حصر لها.ان بعض الكتاب ساءهم ما كتب عنهم في بعض مواقع الإنترنت، من تهجم على أشخاصهم ونادوا بالويل والثبور وطالبوا بإغلاق المنتديات العربية، فأدعو هؤلاء للغيرة على وطنهم ومصالحه أكثر من الغيرة على، شخصياتهم، وليشاركوا في الدعوة لضبط الاستقبال الفضائي، رعاية لأجيال الأمة، كما نادوا بإغلاق المنتديات العربية على الإنترنت لاجل تلك الاتهامات الموجهة لهم.
اصل المقال من جريدة الرياض الرابط