|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
مع النفس ( 1 - 3 ) : في غفلتها !
شكى الطنطاوي - رحمة الله عليه - يوما من مخاصمة النوم له ، وماذاك إلا لأنه كان يحمل همّ الأدب والكتابة ، فعلام يشتكي البطّال ، ومالذي يُشغل بال العاطل ؟ أكتب هذا الكلام في الورقة وقد كنت قبل ساعة في اشتياق للفراش ، مستسلما للنعاس ، فلما ملت على الوسادة ، وذبت تحت الغطاء ؛ أحسست برعشة سريعة اهتز لها رأسي ، أعاني منها منذ عدة أشهر ، فما أن فتحت عيني ، حتى ارتفع النعاس عني ، كما يرتفع الإيمان عن الزاني حين يزني - أسأل الله العافية والسلامة - .
مالك يامسكين ؟ لاهمّ أمّتك تحمل ، ولاإلى وجهة الخير تلتفت وتحفل ، فنم .. نم ! هذا قدر كل كسول ومُهْمِل ، انتبهت وقلت في نفسي : من العيب أن تنشر هذا الكلام يتيما ، اكتب مايفيد ولو تكلفا ، فقد ابتليت الكتابة بحبّك لها ، وغدت في قلبك ( كأنها مصحف في بيت زنديق ) ، أتحبها وماكلفت نفسك العناء بإقامة لسانك وبنانك بتعلم اللغة ، ولاأصلت نفسك بمعرفة الشرع ؟ المهم .. دعوا عنكم ماسبق وعدّوا إلى مانويت الكتابة عنه : مع النفس ( 1 - 3 ) : في غفلتها ! ثقيلة هي النفس عند الغفلة . عندما تذوب شمعة الإيمان في القلب ، ويخبو سراجه في العقل ، فقد غفلت النفس : غفلت عن مراقبة الله - عز وجل - غفلت عما وراء الموت من أهوال غفلت عن مرور الوقت ، وتآكل العمر غفلت عن ذاتها ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) ولماذا لاتغفل وتنسى نفسها ؟! ألسنا في آخر الزمان ، حيث الفتن ترقق بعضها ، قد عُمّرت أسواق الرذيلة ، وبارت أسواق الفضيلة .. لماذا لاتغفل ؟! حين تجمح النفس بصاحبها ، تسير به إلى حيث الشهوة ، وفعل الشهوة زَبَد ٌ يُنهى بالتوبة والندم والإستغفار ، أما الإستمرار بالشهوة ، والركون إلى لذة مقارفتها ، والإصرار عليها ، والتغلغل فيها ؛ مَعبر ينحدر إلى مُستنقع الشبهات ، أما رأيت شخصا اتخذ إلهه هواه قد صاح يوما - بعد سنوات ضيعها في الشهوة - : لاحياة بعد الموت ، إنما هي حفرة يُلقى فيها الإنسان ، أو قال : أنا لاأؤمن بالجن ، وماعلم المسكين أن دولة من الأباليس تقيم في قلبه ، أو : أنا المهدي المنتظر ... هذه قِمّة الغفلة . النفس في غفلتها تميل إلى المنطق ، والتشدق في الكلام ، بل - وبكل وضوح - تميل إلى أي شيء سوى كلام الله - سبحانه - وحديث رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - ، ثقيلة مجالس الذكر على النفس الغافلة ، يالمذلة الغافل في مجالس الخير والصلاح ، ويالمعزته في مجالس الغيبة والشعر وأخبار من هلك ، وآخر ماكتب من زبالة الأذهان وكناسة العقول . النفس حين الغفلة تتخلى عن مبادئها ، وتتزلف إلى كل شهواني قنّن شهوته ، كل مابناه في سنوات يهدمه في جلسات مع من همه شهوته ، هناك فجوة أحدثتها تلك المباديء - في وقت مضى - بين صاحب النفس الغافلة وبين من التصق بحياة الشهوة ، وصار خبيرا بها ، يقوم - من غفلت نفسه - بأقوال وأفعال يهدف من خلالها إيصال رسالة إلى خبير الشهوة : أني في الطريق إليك ! ماحرمته في الأمس ، وأوجعت رأسك نصحا لتتركه ، صرت أقارفه ، أتمنى أن أجلس معك من الآن فصاعدا لنقارفه ، لنشاهد الدّش ، والمرأة الحسناء ، ولنسمع الموسيقى والغناء ، لكن أرجوك .. أرجوك ! لاتحرجني وتقوم بدور المُحقق : ألم تكن تحرم ذلك ؟ ألم تكن قد أوجعت رأسي نصحا لتركه ؟ فلماذا الآن ؟ هل حللته ؟ ... لا .. لاتحقق معي هكذا ، فلا أستطيع الإجابة ، نكتة في قلبي من بقية صلاح مضى تمنعني من أن أحلل ماهو حرام ، ( هي معصية ) أمرّها كالبرق على ذهنك وذهني ، أمرها كما جاءت ، ثم لننغمس في المتعة ...... والله غفور رحيم . النفس الغافلة ، لاتجد الشجاعة في محاسبة ذاتها ، وتتهرب من الإنفراد ، وتحتج بأهون الحجج والمبررات لتبرر هذا التحول الذي طرأ عليها ، من انغماس في الطاعة وتوحش من حياة المعاصي ، إلى الضد من ذلك ، ربما تبرر ذلك أنها أساسا لم تكن من الصالحين ، كانت تعتقد اعتقادات ، وترى رأيا ، ثم عدلت عن ذلك ، ربما تحتج بسوء أهل الصلاح ونفاقهم ، تحاول أن تجمع مالديها من قصص وأحداث ، علها تعين على تقوية هذه الحُجّة ، ربما تحتج بالسحر ، ربما تحتج بالضغط النفسي ، ربما ... كثيرة هي الحجج ! يكذب ماذكرت ليال أحيتها هذه النفس يوما في قيام وذكر ودعاء ، يكذب حجة فساد الصالحين أن القدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، الحجج كثيرة ولاعذر لمن ترك الصلاح مادام مسلما بالغا عاقلا ، وإنما الأمر بالشهوة ، وذنوب الخفايا والخلوات ستر لكنها كفر للصلاح وللطاعة ( لاأقصد الكفر بمعناه الشرعي ) . وهناك أمر خطير يمر على النفس الغافلة ، وهو ظهور الخبث والفحش في أرجائها ، يؤثر ذلك على طريقة النطق ، ونوعية المنطوق ، يسهل على صاحب النفس الغافلة أن يتلفظ بفاحش القول ، وغليظ الكلام ، يشعر المسكين بخبث نفسه ، تمر عليه أفكار ورؤى خبيثة شريرة ، بل حتى طريقة إخراج الألفاظ والكلمات فيها بعض الجلفة والخبث والعربجة ، نعم ... مقطع غريب لكنه ملاحظ . ويبقى السؤال المُحَيّر : كيف ينغمس في ذل المعصية ، من ذاق حلاوة الطاعة ؟ ربي ! إني أحب طاعتك ، وأكره معصيتك ، أعني على نفسي ولاتجعلني من الغافلين ، ربي إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولايغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم . آمين وصلى الله على الحبيب وسلم . آخر من قام بالتعديل الثائر الأحمر; بتاريخ 27-07-2006 الساعة 04:22 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|