[ابن الإسلام]

بسم الله الرحمن الرحيم

إنها أهات مكلوم ودموع محزون أرويها لكم وكتبتها بماء الدموع . بطلها ذلك
الفتى النحيل الذي أنهك جسده المرض وأضناه التعب ذلك الفتى الذي عاش منذ

أن رأى النور يتيماً ليس يتيماَ فحسب بل بلا أسرة وبلا نسب جاء إلى الدنيا وقد

محيت من لسانه أجمل النداءات .. أمي.. أبي.. أختي.. أخي . فلم يسبق له أن نادى أحدا بها

لأنه لا وجود لهم , قاسى اليتم والمرض , كان أول حياته في دار الحضانة

ثم بعدها عاش بقية عمره القصير بدار التربيه التي كانت له مقام الأم الحنون ,

عرفته أنا منذ أربع سنوات وهو في ريعان شبابه وكان عمره 16 عاما , فلكم أحببته

حين رأيته أحببته محبة الأخ لأخيه , لا بل محبة الأب لابنه ولكم أحببت كل من كان بمثل ظروفه , سارت بنا عجلة الحياة وكل ما بعدت عنه اشتقت لرؤيته , ومرت

تلك السنوات سريعة , وسارت الأيام تلو الأيام حتى جاء ذلك اليوم الذي لم يكن بالحسبان , جاء يوم الرحيل , جاء يوم الفراق , فلن أنسى ذلك اليوم الذي جاءتني رسالة عبر الجوال تخبرني برحيل ذلك اليتيم , نزل الخبر علي نزول الصاعقة .

عندها لم أصدق ماأقرؤه ! أحقا هذا الكلام ؟ ثم جاءتني رسالة أخرى تؤكد ذلك . آه ثم آه

ماتمالكت نفسي حتى بكيت . وكنت حينها بعيدا عنه .

ففي صباح يوم السبت 26/6/1427هـ تعرض ذلك اليتيم لحادث كان سبب وفاته ..

تخيلته وهو مسجى على النعش لم أستطع الحضور للصلاة عليه , فزفرت نفسي

وسال الدمع من عيني , إنه اليتيم مشاري عبدالكريم ,

آه على فراقك يامشاري . يا ليتني كنت معهم إذ يحملونك على الأكتاف إلى المغسلة

يا ليتني كنت معهم يوم أن قام المغسل بتجريدك من الثياب , وتغسيلك ,

بل يا ليتني كنت معهم إذ يحملونك إلى المقبرة ليوسدوك التراب .

آه يامشاري لقد نحت اسمك في قلبي نحتا ونقشته في فؤادي نقشا .

آه يا مشاري لقد دفنتك في قلبي قبل أن تدفن بالأرض ولففتك في وجداني قبل

أن تلف بالأكفان وحملتك بين حنايا قلبي المكلوم قبل أن تحمل على النعش

آه ثم آه لرحيلك يامشاري ,

هذه آهات قلب مكلوم ودموع عين حزينة لفراق ذلك اليتيم سطرتها بمداد دمعي

قبل أن أسطرها بمداد حبري ,

وإنا لله وإنا إليه راجعون وإنا على فراقك يا مشاري لمحزونون