22-08-2006, 05:16 AM
|
#1
|
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
هل خبر استشهاد شاب يستحق البشارة والفرح ؟
يلاحظ كثيراً أنه يكتب في الساحات والمنتديات ما نصه : ( نزف إليكم البشرى باستشهاد الشاب الفلاني في العراق , وهنا تتقبل أسرته وأسرة المنتدى التهاني بنبأ استشهاده ).
دائماً أقف حائراً ومتأملاً حول مثل هذه الأخبار فأتساءل : هل ضَمن هؤلاء الشهادة لمن قُتِلَ في العراق أو لمن قَتَل نفسه هناك ؟ ثم هل نبأ استشهاد هذا الشاب يعد بشرى للمسلمين عليهم أن يهنئوا بعضهم ؟
حينما أرجع إلى النص الشرعي أجد أن الله تعالى سمى الموت مصيبة ( فأصابتكم مصيبة الموت )
وحينما قتل من المسلمين في غزوة أحد سبعون شهيداً أبرزهم سيد الشهداء حمزة وسفير الرسول صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وغيرهم , وهؤلاء من الشهداء يقيناً وليس مجرد شك أو توقع , ماذا كانت النتيجة ؟ اقرأ ما يلي :- سمى الله هذا الأمر مصيبة فقال سبحانه في سورة آل عمران التي تتحدث عن غزوة أحد: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{165} وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ{166} فسمى الله القتل مصيبة , والمصيبة تجلب الحزن والغم ولهذا قال في موضع آخر في السورة نفسها : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{153} ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ ....) مع أن الله سبحانه بين بعد ذلك في السورة ذاتها ما أعده للشهداء فقال : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{170} إذن , فما أعده للشهداء من نعيم يصيبهم هم وحدهم ولا ينفع المسلمين بشي , إنما الذي ينفعهم هو النصرة والتمكين وليس كثرة القتلى منهم .
- حينما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ضجت المدينة بالبكاء على الشهداء وأولهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بكى لمقتل عمه حمزة بكاء شديداً , بل قال : أما حمزة فلا بواكي له . فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم شاكاً فيما أعده الله لعمه من النعيم المقيم ؟ كلا والله ولكنه يعلم أن الموت مهما كان شكله مصيبة تستحق البكاء والصبر , وليس التهاني والاستبشار .
- ظل النبي صلى الله عليه وسلم حزيناً على مقتل عمه , وحينما أسلم وحشي بن حرب ( قاتل حمزة )بعد الفتح - أي بعد غزوة أحد بخمس سنوات تقريباً رفض النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر إلى وجهه حزناً وكمداً على عمه حمزة .( الخبر في صحيح البخاري )
- بعد غزوة مؤتة - التي قتل فيها الأمراء الثلاثة : زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة - ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت جعفر وضم أولاده إليه وعيناه تذرفان , وجاء في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت : لما جاء خبر مقتل أمراء مؤتة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف في وجهه الحزن . فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم شاكاً فيما أعده الله لهم من النعيم المقيم ؟ نفس السؤال يتكرر .
- أنا لا أقول إن من يقتل في العراق ليس شهيداً , كلا والله وإني لأرجو الشهادة لكل شاب قتل وهو يذود عن حياض الدين أو ديار الإسلام , ولكن القطع بالشهادة أيضاً لا يجوز إلا ما جاء الخبر الصحيح عن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بذلك .
- وأنا لا أزعم أنه لا يجوز تسلية أهل القتيل بذكر فضل الشهادة وما أعده الله للشهداء في سبيله , بل إن هذا هو السنة فقد روى جابر رضي الله عنه في البخاري أنه لما قتل أبوه في أحد جلس يبكيه والصحابة حوله لا يلومونه , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تبكيه , ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ) .
- الذي أستغربه هو تلك النبرة التي يتداولها الشباب مع كل خبر استشهاد شاب وكأنهم يزفون إلينا نبأ انتصار المسلمين وعودة الأمة إلى أمجادها وسؤددها . فنجد عبارات التهاني والتبريكات وكل واحد يتمنى أنه مكانه . سبحان الله . متى كانت الشهادة في سبيل الله هي الغاية من قتال العدو ؟ ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الدروع في الحرب ؟ إذن فالشهادة ليست هي الغاية من الحرب , بل الغاية نصرة الإسلام وأن تكون كلمة الله هي العليا ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) وإذا جاءت الشهادة في أرض المعركة فأهلا بها ومرحبا فنفوسنا ترخص في سبيل الله .
- أرجو أن يكون كلامي واضحاً ولا يفهم فهما سيئاً , فإن كنت مخطئاً فأرجو من القاريء الكريم أن يبين الصواب في المسألة بالدليل والبرهان وليس الكلام الإنشائي الفارغ . والله أعلم .
|
|
|