[الـشَـكِـيـمْ]

بسم الله الرحمن الرحيم


تراهـ وقد ضاق صدرهـ , وكلَّ متنهـ , وأنهكه الأسى , وبلغ به الكدر مبلغ الماء في سد الهاوية
حيث الحزن يغرد أحلى ألحانه , وما كان للحزن يوماً كسرة من حلاوة .

كيف يأنس وقد ضاقت به الدنيا , وتراءت قطعة منه في لظى المنون , وغابت أحلى ذكرياته , وانبلجت شمس هنائه الساطعة في وجه الكئابة .

نعم , لقد فارق ركناً من أركانه حتى كاد أن يسقط , وعصافير الصبح تزقزق غير آبهةٍ به , وما به من عنت , أجبره البؤس القاسي على أن يصنع من خلال ضربة بحديدة الوداع صدعاً في الفؤاد لاينجبر .




قال رجل لعبيد الله بن أبي بكرة ماتقول في وفاة الوالد قال : ملكـٌ حادث

قال ماتقول في وفاة الزوج قال : عُرسٌ جديد

قال ماتقول في وفاة الأخ قال : قص الجناح

قال ماتقول في وفاة الولد قال : آهـ , صدعٌ في الفؤاد لاينجبر أبداً.




أورد الشيخ محمد العريفي في إحدى قصصه المعاصرة ..

أن رجلاً تاجراً يذهب إلى الهند يأتي بالعمال إلى بلادنا , وكان يجلس هناك ردحاً من الأسابيع , وفي ذات يوم من الأيام يتصل الأب على أبناءة ليطمئن عليهم ويسأل عن أخبارهم , فلما إطمئن عليهم وأخبرهم بأنه سيحضر بعد أسبوع , أغلق سماعة الهاتف وراح يأخذ قسطاً من الراحة , وفي هذه الأثناء كان إبنه في الرياض وقد حصل عليه حادث ومات وأراد أهله ألا يخبروا أبيه بذلك الآن ..

ومباشرة بعد سماع الأهل خبر وفاة الإبن في الرياض , إذ بأبيهم في الهند يفزع من فراشه قلقاً وأخذ بسماعة الهاتف يسأل أبنائه هل حدث لكم مكروه فردت بنته بقولها لا لم يحدث شيئاً فقال أكيد قالت نعم قال أنا سآتي لكم هذا اليوم وأغلق السماعة ..

سأله الشيخ بعدما رجع إلى بلده قال كيف عرفت ذلكـ , فقال إنني فزعت من فراشي وأوجست بوجع في قلبي لا أطيقه وكانت الساعة التي فزع فيها الوالد هي نفس الساعة التي مات فيها الولد .




وبعدُ , فإن موت الولد صدع في الفؤاد لاينجبر أبدا , وليحتسب من مات ولده الأجر عند الله .


.
.



إنتهى