[أبو سليمان الحامد]

بأبي أنت وأمي يا رسول الله , ما زال أعداء الأنبياء وأعداء الإسلام ينهشون في عرضك , ويقعون في ذمك إما لمزاً أو تصريحاً , وهم لم يأتوا بجديد ؛ لأن هذه دأبهم وديدنهم منذ وجود الصراع بين الحق والباطل ( إن شانئك هو الأبتر ).

حبيبَنا وقدوتَنا وإمامَنا نحن نفديك بدمائنا وأموالنا وأبنائنا وأعراضنا , ومع ذلك فلن نوفيك حقك , ولن نكافئك على تبليغك إيانا رسالة ربك سبحانه التي أخرجتنا بها من الظلمات إلى النور , وهديتنا بها من العمى والضلالة إلى البصيرة والهداية .

يا رسول الله مهما تطاول عليك إخوة القردة والخنازير ومهما بالغ أقزام النصارى في النيل من عرضك الطاهر ورسالتك الربانية الخالدة فإنما يرمون أنفسهم بهذه الأقذار ؛ لأن من يبصق في السماء فسيرجع بصاقه على جسمه ووجهه .
وحينما ينبعث أشقى القوم ( بابا الفاتيكان ) بذمك والنيل من دينك فلا يسعنا إلا أن نقول لهذا القزم :
ما ينبح الكلب فيها غير واحدة ## حتى يلف على خيشومه الذنبا
ونحن ننتظر أن يدمدم عليه ربه بذنبه فيسويه هو وأتباعه بإذنه تعالى .

يا نبي الله محمد , كلما ازداد الأعداء في ذمك زادك الله رفعة وتمكينا وحباً في قلوب أتباعك وأمتك ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) , وكلما خرج ناعق من اليهود والنصارى يريد النيل من قدسيتك , خرج عليه من يلقمه حجراً من هذه الأمة المباركة التي ربيتها بأبي أنت وأمي على العزة والكرامة .

نحن نعلم يا رسول الله أن منهج اليهود والنصارى هو إيذاء الأنبياء وأتباعهم , وقد قتل عدد من إخوتك من أنبياء الله على يد هؤلاء الطغاة المجرمين ( ويقتلون الأنبياء بغير حق ) , وقد اخبرنا ربنا سبحانه أن من يتعرض لك بأذى فسوف يواجه العقاب الشديد في الدنيا والآخرة ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا ).

يا سيدي رسول الله . لقد أخبرنا ربنا بأن الإفك والتعرض لعرضك وشرفك الطاهر على يد منافقي زمانك بأنه ( خير لكم ) وليس شراً , وها هو الزمان يعيد نفسه حيث تطاول عليك أنذال من أعداء الإسلام ولن نقول إلا ما قال ربنا ( لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم ) , لأن من سبك يا رسول الله فقد وقع بنقيض قصده بحمد الله , حيث بان فساد رأيه , وسوء طويته للقاصي والداني , وانكشفت سوأته لكل ذي عينين. بل زاد من أتباعك , وجَمَع مَنْ تَفَرّقَ من أمتك على قلب رجل واحد يرددون :

فإن أبي ووالده وعرضي ## لعرض محمد منكم وقاء

بل زاد من انتشار دينك وسنتك في أصقاع المعمورة ليعرف العالَمُ مَنْ هذا النبي الذي يحبه المسلمون أشد من حبهم لأنفسهم وأبنائهم .

نحن نعلم يا رسول الله أنه لن يضيرك نباح كلب أو عواء ذئب , ولن ينقص من قدرك هجوم خبيث فاجر ولُكَعٍ ابن لُكَعٍ على مقامك بعد أن رفع الله ذكرك وأعلى كلمتك وجعلك سيد البشر , ونبي أهل المدر والوبر , وأي زكاة ترجوها يا رسول الله بعد قول الله فيك ( وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم ) وقوله سبحانه (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) وقد صح فيك قول القائل :
وما حملت من ناقة فوق رحلها ## أبر وأوفى ذمة من محمد

وأحسن صاحبك حسان بقوله :

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه ## إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه كي يجله ## فذو العرش محمود وهذا محمد

فعليك صلوات ربي وسلامه وبركاته ما تعاقب الجديدان , وما أشرق النيّران , وعليك صلوات ربي وسلامه عدد قطر السماء , وعدد رمال الصحراء , وعدد ما قَطَرت على الأرض حياضاً عن دينك من دماء .

فلله الحمد أولا وآخراً وظاهراً وباطنا , ولله الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السموات والأرض وملء ما بينها وملء ما شاء ربي من شيء بعد .