|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
04-12-2006, 12:26 AM | #11 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
الحازمي بين النقد السردي والرصد النقدي «1/2»
د. حسن بن فهد الهويمل ليس من باب المجاملة ولا المبالغة ان نقول: بأن الاستاذ الدكتور منصور بن ابراهيم الحازمي «وُلد 1935م في مكة المكرمة» رائد النقد القصصي والروائي في المملكة بمفهومه العلمي المعياري المنهجي، وبهذه الريادة نال جائزة الملك فيصل العالمية للآداب، وإن سبقه نقاد انطباعيون وذوقيون وحكميون، لا يغمط لهم حق، ولا يجهل لهم أثر، وريادته تأسيسية تأصيلية منهجية ولّما يكن رائداً في الزمان، وهو إذ يملك هذا تَخَصُّصياً وتطبيقياً، فإنه لم يفرغ له كما ينبغي بل أذعن لسلطانين: سلطان الشعر: وله فيه دراسات تطبيقية وتنظيرية. وسلطان المقال الصحفي: وله عدد من المقالات التي جمعها فيما بعد في كتب مطبوعة. مع ما شغله من عمل اكاديمي وعمل في العديد من اللجان، وحضور عدد من المؤتمرات، وإسهامات أخرى على شكل استشارات، كل ذلك أبعده كثيراً عن مجال تخصصه، ولما يمكنه من التأصيل لحركة نقدية علمية مثلما فعل غيره من الدارسين المتخصصين في النقد الروائي في الوطن العربي من أمثال: «الهواري» و«النساح» و«الياقطين» و«طه وادي» و«عبدالمحسن بدر» وغيرهم. وقد جاء في سياق تفويت الفرص احجامه عن ترجمة رسالته العلمية للدكتوراه التي أعدها باللغة الإنجليزية عام 1966م في جامعة لندن «الرواية التاريخية الحديثة في العالم العربي» وهي العمل الأجود، والألصق بالنقد السردي، الذي لم يكن حاضر المشهد الأدبي في مواقع كثيرة من العالم العربي، ولأن رسالته تلك تجيء في شح الدراسات الاكاديمية للإبداعات السردية، فقد أثنى عليها الدكتور محمد يوسف نجم وتمنى لو ترجمت واستفاد منها الدارسون، ولو أنه فعل ما نصحه به «نجم» لكان قد وثق سبقه في دراسة الروايات التاريخية، قبل ان يحفل المشهد النقدي بأعمال نقدية للرواية التاريخية من مثل: «الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث» للدكتور أحمد الهواري وآخرين، و«الرواية التاريخية» لجورج لوكاش وكتب ودراسات أخرى لا أستحضرها. وفي كتابه عن محمد فريد ابو حديد اشارت للأعمال الروائية ذات الموضوع التاريخي، وبخاصة اعمال جرجي زيدان، ولأن رسالته لم تترجم بعد فيما أعلم، فقد جاء كتابه «محمد فريد ابو حديد، دراسة في أدبه الروائي» العمل الاكاديمي الوحيد، وما سوى ذلك دراسات ومحاضرات ومقالات أنجزها في فترات متباعدة وبمستويات من الجد والأناة والتخفف والتعجل، ثم جمعها وأصدرها في كتب متنوعة مثل «في البحث عن الواقع» و«مواقف نقدية» و«سالف الزمان»، ولما تكن هذه الكتب ذات موضوع واحد ولا منهج واحد، باستثناء كتابه «فن القصة في الأدب السعودي الحديث» الذي طبعه قبل عشرين عاماً، ثم أعاد طباعته قبل عامين او ثلاثة وجعله في ثلاثة فصول، جاء الفصل الأول مدخلاً عاماً، وخص الفصل الثاني بالنقد الروائي التطبيقي، والفصل الثالث بالنقد القصصي، وقدم في الملحق نماذج من القصص القصيرة لمجموعة من المبدعين القصصيين السعوديين معتبراً «احمد رضا حوحو» قاصاً سعودياً، وما هو بسعودي، وقد فعل من قبله او من بعده الدكتور «محمد الشامخ» و«حوحو» في اقامته وعمله ومشاطرته للأدب والأدباء السعوديين من قبل، مثله مثل «محمد صالح الشنطي» في الوقت الحاضر. وعمل آخر أحسبه مشروعاً تبنته جامعة الملك سعود، ولكنه لم يستمر، وهو «معجم المصادر الصحفية» وقد أنجز فيه جزءاً من صحيفة «أم القرى» يمتد قرابة عشرين عاماً، من استعادة مكة المكرمة على يد الملك عبدالعزيز عام 1343ه الى عام 1365ه ولما يشتمل على ما قبل التاريخ، ولم يمتد الى ما بعده، وهو بهذا التوقف لم يعد مجدياً للباحثين الذين يودون التقصي، ولست اعرف ما اذا كان غيره قد انيط به امر معجمه المدد الباقية. وما ادري هل انجزت ولما تطبع، او ان المشروع قد توقف، وهذا المشروع مفيد لو تلقفته مؤسسات قوية، وقد انجزت فهارس بالنسبة للشخصيات الفكرية والأدبية في مصر والشام والعراق. والحازمي الذي تخصص في الدراسة المنهجية للسرد الروائي والقصصي كانت له إلمامات نقدية بكل فنون القول، وهو في دراساته الاكاديمية يخلط بين المناهج والآليات دون الأخذ بالتكاملية في مناهج النقد، كما انه الأكثر احتفاء بالمنهج التاريخي او المدرسي او التكويني كما يسميه المحدثون، ولما لم يقم بترجمة رسالته للدكتوراه التي افاض بالثناء عليها الدكتور محمد يوسف نجم فإننا لا نستطيع القطع باستكناه منهجه وآلياته. وكتابه الذي درس فيه الأدب الروائي عند «محمد فريد ابو حديد» مؤشر على دقته المنهجية وتقصيه المرجعي، ولكنه كتاب صغير، ربما أنه أعد للترقية فكان تقيده بما يرضي المحكمين واضحاً كل الوضوح، والحازمي درس في «مصر» وأتم دراسته في «لندن» والدولتان من الحواضن الأدبية المتميزة، ثم انه باشر التدريس الاكاديمي فاستكمل ما ينقصه وطبق ما كان قد درسه. وأقوى إصداراته غير الاكاديمية كتابه «الوهم ومحاور الرؤيا» وهو الأعمق، فيما جاء آخرها «سالف الاوان» دون ذلك، وكتاب «الوهم» كما اشرت دراسات في الأدب العربي الحديث في المملكة العربية السعودية، يشتمل على ثمانية بحوث تحدث في احدها عن «اللمحات الفنية في الأدب السعودي المعاصر». وهو بحث جاء على هامش الحفل الثاني لجائزة الدولة التقديرية عام 1404ه ويعد استكمالا لما جاء في بحث سابق عليه في الاعداد متأخر عنه في الترتيب. وفي حديثه عن المعارك النقدية استهل بحثه بالحديث عمن كتب حول الأدب السعودي، حيث عد أدب الرحلات للمستشرقين وكتابات الوافدين السياسيين المقيمين والعابرين من ذلك النوع الذي اشار الى الأدب، ولم يتعمد الحديث عنه. واشار بشيء من الاهتمام الى شخصيتين بارزتين: الزركلي. والريحاني. وهما الأهم عنده، ثم افاض بالحديث الى «المازني» و«ارسلان» و«عزام» و«بنت الشاطئ» ويأتي بعد أدب الرحلات المقالات والدراسات التي تناولت الأدب السعودي. وفي مقدمة اولئك «طه حسين» في كتابه «ألوان» ومقدمة «هيكل» ل«وحي الصحراء»، وله كتاب في هذا المجال بالاشتراك عن الأدب السعودي بأقلام الدارسين العرب، جاء على شاكلة ندوة موسعة، ولي مع اثنين من زملائي كتاب مطبوع على شكل فهرسة موسعة للكتب والدراسات عن الأدب السعودي. ولما كان كتابه «الوهم..» تجميعا لإسهامات متفرقة، فقد افاض بالحديث عن بدايات الشعر في الحجاز، وعن بداية الأدب الحديث، ولم يغفل الحديث عن القضايا والأغراض والمعاني. وامتد حديثه الى «النثر» وعلاقته بالصحافة وأبرز فنونه، وبخاصة القصة والرواية عند الرواد ك«السباعي» و«الدمنهوري» و«الناصر». والدراسة تاريخية موجزة لا تتجاوز الإشارات السريعة التي لا تسد خلة، ولكنها تضيء الطريق للباحثين المبتدئين بما تذكره من شخصيات وأعمال. أما المبحث الثاني: فهو عن «حركات التجديد في الأدب السعودي الحديث» وهو كسابقه محاضرة القيت «بلندن» عام 1993م. استهل الحديث فيها بما يكتنفه من صعوبة تمتد في الزمان والمكان. وهو إذ ينطلق من عملين رائدين «للصبان» و«العواد» لا يلمح الى الفرق بينهما. ف«الصبان» ألف في التراجم، أما «العواد» فكتب في النقد والتنظير، وليست هناك اوجه شبه بين العملين، ولو أنه عرض لكتاب آخر للصبان هو «المعرض» لكان بالإمكان الجمع بينهما. والصحوة الأدبية التي يجعل منطلقها كتابا «الصبان» و«العواد» لا تسلم له، إذ هناك عوامل أخرى كنت اود لو تقصاها، وهو يقطع بأن البداية الحقيقية للأدب السعودي تأتي بعد استعادة الحجاز على يد الملك عبدالعزيز، وأحسبها بداية تسمية، وليست بداية فعل، فالأدب قائم في العهدين العثماني والهاشمي، وهو في العهد الهاشمي أكثر حماساً وقوميةً، بسبب الثورة التي استقطب لها «الحسين بن علي» ألمع الأدباء والكتاب، ممن فروا الى الحجاز من الشام. والدارس يربط الحركات التجديدية بما صدر من كتب نقدية مثيرة من مثل «خواطر مصرحة» و«المرصاد» على انه لم يشر الى الفوارق الجذرية بين هذه الأعمال. «فالمرصاد» ل«الفلالي» عمل تطبيقي انطباعي مبتدئ، لا ينطوي على أي استشراف او تمرد، كما هما في كتاب العواد «خواطر مصرحة». وان اشار الى ما ينقص «الفلالي» من أدوات أساسية للنقد، وهو قد حدد الابعاد الفنية عند الناقد القائمة على الاحكام المعنوي والفني والعاطفة والتجربة والوضوح، والدارس يراها مقاييس ضيقة، بحيث كانت سبباً في النيل من «العواد» و«القنديل». لقد حصر حركات التجديد في اربع مراحل او تيارات. سمى الأولى ب«الصحوة» ولا يقصد بها الصحوة الإسلامية. واتخذ سبيله لإبرازها في الكتب التي صدرت ان في التاريخ للأدب والأدباء او في التنظير او في التطبيق. ويمثل الصحوة ثلاث شخصيات أدبية: محمد سرور الصبان. محمد حسن عواد. إبراهيم الفلالي. وينتقل من الحركة الأولى التي استغلت نصف المحاضرة الى الحركة الثانية «الأيديولوجية» ويجعل رائدها الناقد «عبدالله عبدالجبار»، ويصفها «بالايديولوجيا» أي علم الأفكار، وهو يعول على تناولات «عبدالله عبدالجبار» للاتجاه الواقعي في الشعر السعودي المعاصر. ولا أحسب هذا التقسيم يسلم له، فالأدب السعودي لم يقع في تلك المرحلة بما يسمى ب«الأيديولوجيا» وان استعذب عبدالجبار مصطلح «الواقعية». وهو حين يقسو في نقد «الفلالي» فإنه يمارس ذات القسوة مع «عبدالله عبدالجبار» حين يعرض لكتابه «التيارات» الأمر الذي حفز الناقد «عابد خزندار» الى وصفه بالأوهام، فيرد عليه الحازمي، ليعود الخزندار الى رد غير موضوعي عبر الصحافة المحلية. وأياً ما كان الأمر فإن الحديث عن كتب النقد لا يكفي فيه الاستعراض التاريخي الوصفي، إذ لا بد من الدخول في عمق الأعمال وربطها في سياقاتها المتعددة. وقد اتخذ «الحداثة» حركة ثالثة تلي الاتجاه الايديولوجي.. واتجه بالحديث الى ثلاثة نقاد يراهم الممثلين للحداثة المحلية هم: عبدالله الغذامي. سعيد السريحي. سعد البازعي. واستعرض كتبهم الثلاثة: الخطيئة والتكفير. الكتابة خارج الأقواس. ثقافة الصحراء. مع ذكر كتب أخرى ليست فى مستوى تلك الكتب الثلاثة. والدارس لم يشأ الدقة في الحديث عن «الحداثة» ومرجعياتها وسماتها، ولم يشأ التفريق بين حداثة الفكر، وحداثة الفن، والمقبول والممنوع في شقي الحداثة. وهو في الوقت ذاته تحدث عن النقاد، ولم يتحدث عن المبدعين، كما اشار الى طائفة من خصوم الحداثة مشيراً الى «عبدالله بن ادريس» و«أحمد فرح عقيلان». وهو اذ يجعل الحركة الثالثة حداثية، فقد جعل الحركة الرابعة والخاتمة «إسلامية»، وقد استعرض جوانب من مقتضياتها وتحفظات النقاد عليها. وحديثه وصفي سريع، اذ هو اميل الى الانطباعية، ولو أنه وظف امكاناته وأعطى الجهد المناسب لكان حديثه عن الحركات الأربع أدق وأعمق واشمل، ولو خص الحداثة بالوصف الايديولوجي جاعلاً المرحلة الثانية واقعية اجتماعية في إزاء الواقعية الاشتراكية لكان أقرب الى الدقة في التحديد.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
الإشارات المرجعية |
|
|