بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ( قطع الَلَسَن .. من تراث الدكتور حَسَن ) كتاب مفتوح للتأليف والقراءة ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 21-12-2006, 02:44 PM   #33
عباس محمود العقاد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
حواضن الأدب السعودي وملامحه في العشرينية..!
د. حسن الهويمل


1/4 و«العشرينية» شهدت متغيرات فرضتها التحولات العالمية والعربية والمحلية
فالشعر أصبح غير الشعر
والسرديات غير السرديات
والنقد غير النقد.
وما أبدع من نظم وسرد، وما كتب حولهما من نقد، زوحم بمستجدات استأثرت بالعناية والأهمية، وكادت تربك المشهد الادبي والمتابع لفيوض المطبوعات من كتب وصحف ومجلات، والمستمع للمحاضرات والندوات والأماسي، والمتابع للقنوات والاذاعات، يدرك ان المشهد غير المشهد، وان هناك مخاضات سيكون لها ما بعدها، ولأن فترة «العشرينية» واقعة في «مرحلة الانطلاق»، فقد وسعت المبدعين حقاً والمقتدرين ثقافة ودربة والمقلدين والمحافظين والمجددين والحداثيين، وكانت الكثرة والغلبة فيها للمثقفين من الشباب ولذوي الدراسات العليا المبتعثين والمقيمين ولمن هم دون ذلك من مثقفي السماع. ولقد استطاع «النقد الصحفي» المشايع لبعض التيارات والمشيّع لابداعات بعض الناشئة المغامرة ان يغير كثيرا من الاولويات والاهتمامات، وان يحاول اكراه الناس على ان يكونوا كما يريد، فبعض من يمسكون بأزمة الاعلام المقروء، يديرون المعارك، ويختارون التوقيت والتقدير المناسبين للعمل الصحفي، وقد لا يتأتى لهم ذلك، وبخاصة حين يجد الجد، ويبدو الحيف او التحامل. ومع ما يقترفه «النقد الصحفي» من تجاوزات، فانه الأقدر على تحريك الركود وجر الأقلام، وبدون التناوش لا تكون حركة أدبية نشطة، ومع تذمر البعض من تجاوزات «النقد الصحفي» إلا أنه اسهم في تحفيز المقتدرين لحماية مقدراتهم. والمفاهيم الخاطئة تتمثل في حصر الحركة الادبية بمن يلمون بالوسائل الاعلامية وتناسي كفاءات متميزة، تقف حيث قاعات الدرس وممارسة التأليف والتحقيق. ومن الخطأ تقويم الحركة الأدبية من خلال التداول الاعلامي، وذلك بعض ما نسمع به. والحضور الاعلاميُّ وحده مؤشر لا غير، يحفز على التنقيب في الوثائق. والنقاد الذين يلاحقون المستجدات من مناهج وآليات، وبخاصة ما يتعلق بالنقد الحداثي أو البنيوي خلفوا ضجة من مشاهد الأدب في البلاد، وحملوا المناوئين والمتحفظين على استرجاع الأصول وتمحيصها، والتأسيس لنظريات نقدية ذات جذور تراثية، وهذا الاحتدام لم يكن خاصا بالمملكة، ولم يكن وقفا على الفترة المدروسة، ولكنه كان الأكثر حضورا، والأقوى جدلا وتحفيزا للأطراف، والدفع بهم الى أتون الجدل. وما اعترى هذه الفترة اعترى كافة المشاهد العربية. واحسب ان الانفتاح المتاح، والتواصل المتعدد القنوات، والامكانيات المادية جعلت المملكة طرفا فاعلا ومتفاعلا وسوقا مغرية لترويج الكتب والصحف والدوريات واستضافة المؤتمرات والندوات والمهرجانات ومعارض الكتاب العالمية.
وتلك الفعاليات حولت العملية الأدبية الى خلق آخر، أثار انتباه الراصدين والمؤرخين. ولقد كان الشعراء والروائيون والنقاد الشباب وراء هذه التحولات، يكرسونها ابداعاً: سردياً وشعرياً، ونقداً: تنظيرياً وتطبيقياً. والحركة النقدية حول الشعر تنازع صدارتها : نقاد المشهد الادبي غير المؤسساتي، وكانوا شعبتين : شعبة المثقفين المتضلعين من المستجدات، وشعبة الصحفيين المشايعين، ونقاد أكاديميون عبر الدراسات والمحاضرات. فكان نقاد المشهد أسرع الى التعديل والتبديل والهيمنة، فيما كان الأكاديميون أقرب الى العلمية والمنهجية والنمطية ومثلما تفرقت السبل بنقاد المشهد الأدبي اختلفت مواقف الأكاديمين من المتغيرات، فنجد طائفة من أعضاء هيئة التدريس في «كلية الآداب» ب«جامعة الملك سعود» و«جامعة الملك عبد العزيز» أكثر مرونة وتقبلاً للتجديد وايغالاً في المنتج الغربي الذي قد لا تقوم الحاجة الى اكثره، فيما نجد نظراءهم في كلية «اللغة العربية» «بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية» ومثلهم اعضاء هيئة التدريس ب«جامعة أم القرى» أميل الى التريث والثبات، وأحفل بالتراث، ولا تخلو الجامعات الأربع من عناصر تحالف لسمة الأمة، ولكن شواذ القاعدة تكرسها ولا تلغيها. ونستطيع القول بأن النزعة التاريخية والدرس الأدبي سمة بارزة لدى المحافظين، فيما تكون النزعة التنظيرية والتطبيق الألسني بكل تحولاته «العلائقية» و«السيميائية» و«التفكيكية» سمة بارزة لدى المجددين، واحتدام الجدل بين تلك الطوائف مؤشر ايجابي. والتباين في المشهد الأدبي، وفي أروقة الجامعات أسرع في تشكل المذاهب والتيارات، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية تبدت حركة نقدية تمخضت عن عدد من القضايا والظواهر التي حفزت كل طائفة على تكريس نفسها، واشاعة مذهبها، وفي ذلك اثراء واغراء.
2/4 وجاء من بين هؤلاء وأولئك ناشئة متسرعة استدرجها تعدد المشاهد وتنوع المذاهب وامكانية القول، واستهوتها تلك الظواهر، وغرها في فنها الترخص، بحيث تقحمت المشاهد الأدبية بامكانيات ضعيفة وتصورات مهزوزة، فكان ابداعها تصنعاً، وتجديدها تقليداً، ولم ينهض احد من النقاد لمساعدتهم على معرفة انفسهم وصقل مواهبهم، بل استطيع القول بأن البعض اوهمهم وغرر بهم. لأن «مرحلة الانطلاق» تتسم بالكثرة والتنوع والتسارع في التغيير والاستبدال فقد كثر الأدعياء والمقتدرون الذين يكتبون من خلال امكانيات ثقافية لا من خلال مواهب ومواقف، ولا يستبين الفروق الدقيقة بين كتابة المقتدر وابداع المجرب الا الناقد الخبير. هذه الظواهر السلبية عمت الأدب العربي، وكان للحركة الأدبية في المملكة منها أوفى نصيب. والمصداقية تتطلب منا وصف الواقع الأدبي كما هو، اذ لسنا بدعاً من سائر المشاهد العربية. ولو صوبنا النظر الى العمليات الكتابية والابداعية، ونظرنا اليها من خلال أبعادها: الفنية والدلالية، وأنواعها: السردية والشعرية، ومبدعيها: الشباب والمخضرمين من النساء والرجال لوقفنا على مستويات متباينة واتجاهات متعددة، ف«مرحلة الانطلاق» خضعت لمفاهيم ورؤى وتصورات، دارت حول «حرية التعبير» و«حرية التفكير» وامكانية خلط الانواع الابداعية، والتلويح بمصطلح «الكتابة» الذي يلغي ضوابط الفن وشروط الابداع، وقد مارس هذه الحرية الفنية والدلالية طائفة من الشباب الذين استلهموا فسح الحداثة المؤكدة على الانقطاع والاغتراب والاعتراف والخلوص من الضوابط والشروط والحدود والقيود. ولم تكن معطيات هذه الطائفة هي السمة البارزة في الابداع والنقد، ولكنها قائمة ومعاشة، ولا يمكن إغفالها. واختلاف المفاهيم حول سائر المصطلحات الجديدة التي لم تحرر مفاهيمها كادت تربك العمليات الابداعية والنقدية وتؤزم الصراع، ومع تدفق المستجدات فقد ظلت هناك طوائف من الشعراء والسرديين متمسكة بالأنموذج القديم، محتفية بكافة القيم، أو مجددة بمقدار، ولكن المشاهد لم تكن حفية بمثل اولئك، الامر الذي جعل البعض منهم يتخلى عما هو عليه، ليتوفر على موقع مناسب من المشاهد. وشعراء مرحلة الانطلاق خليط من شعراء المراحل الثلاث، اذ ليست هناك حدود جامعة مانعة، ولكننا سنشير الى من كان حضورهم في تلك المرحلة اكثر تميزاً واقرب الى التجديد بمفهومه الصحيح، ذلك ان كلمة «التجديد» اطلقت بتوسع حتى شملت من قلد الآداب الغربية دون وعي ودون اقتدار. فمن المجددين من الشعراء المحتفظين بالخصوصية وبمرتكزات القيم الفنية والدلالية الشاعر «محمد بن فهد العيسى». والشاعر «غازي القصيبي». والشاعر «محمد العيد الخطراوي». وعشرات آخرون تتوازعهم المذاهب وتتنازعهم التيارات، وبعض هؤلاء الشعراء مخضرمون، سبقوا بإبداعاتهم، ولكنها كانت محاولات لم تقل الشعر الا في «مرحلة الانطلاق»، وقد قصرنا الاشارة على الأمكن منهم، أما المتمكنون فبالمئات، ومثلهم الذين استوت ملكاتهم، وطبعت أعمالهم في مرحلة التأسيس ك«القرشي» و«الفيصل» و«سرحان» و«عرب» و«ابن خميس» و«العقيلي» ذلك ان حديثنا مقصور على حركة الأدب في العشرين سنة الاولى من قرننا الهجري، وليس بمقدور بحث محدود ان يأتي على الأسماء المشمولة بالفترة فضلا عن ذكر الخصائص والسمات والشواهد. والتحول من المحافظة الى التجديد، او الايغال في الحداثة الفنية عمد اليهما البعض تطبعا لا طبعا، والأقل الاقل من كان تحوله طبعا، فممن أوغل في الحداثة وتبدى اقتداره «محمد العلي» و«الثبيتي»، ولو نظر المتابع الى ما سلف وما خلف من اعمال لأحس ان النقلة عند بعض اولئك ليست طبيعية، وليست عفوية. والاشكالية فيمن لم يحسن الأداء في الحالين، وتلك الظواهر تتطلب نقداً واعياً لطبيعة التحول وامكانيات الشاعر في المرحلة الانتقالية، وهي مرحلة حرجة وأحسب ان الشاعر «محمد عيد الخطراوي» خير شاهد على التحول المتمكن من التجديد الى التحديث، وهو خير من يمثل الخضرمة: زماناً وفناً. وتلاحم المخضرمين مع ناشئة تلك الفترة أذاب الفوارق، ومكن من الاندماج. ومن الذين راحوا بين التجديد المتزن، والايغال بغير رفق في حداثة الفن «عبد الله بن عبد الرحمن الزيد» «وسعد الحميدين» و«عبد الله الصيخان» ويحلو لهؤلاء ان يوصفوا بأنهم من طلائع الحداثيين، ولاشك انهم في بعض ابداعاتهم يتعمدون النثرية والغموض، مما يشي بالتطبع. ومن دونهم طائفة من الشباب الذين يتعلمون، ويكرهون انفسهم على ان يكونوا كما كان أساطين الحداثة، الأمر الذي أوقعهم في النثرية والاحالة وخلق الأسطورة، فالكلمات المنثورة على غير نظام، لا تحمل دلالة، ولا تجسد صورة، ولا تشد قارئا، ولا تؤدي مهمة.
والنقاد الحداثيون غير المؤتمنين يعدرون او يصمتون، والعارفون من النقاد قد لا يعبؤون بما يصيب المشهد من اولئك، وفي ذلك تمكين لمن لا يستحق التمكين، وقد يكون عند بعض اولئك موهبة، ولكنها تفتقر الى ثقافة ودربة وموقف وناقد يقول الحق، ويهدي الى الفن الأصيل بالصدق والمكاشفة.
أما عن المجددين والمحافظين والمقلدين في هذه المرحلة المتميزة بالكثرة والتنوع فحدث ولا حرج: كثرة وتنوعا وتفاوتا في المستويات، نجد من هؤلاء الشاعر «عبد الرحمن العشماوي» و«أحمد الصالح» و«عبد العزيز العجلان».
و«مرحلة الانطلاق» يتنازع الصدارة فيها المجددون والمحافظون، والحداثيون: المعتدلون والموغلون، ولاشك ان الغلبة والشيوع للمجددين. والتجديد والمحافظة يمتدان الى الشكل والموسيقى واللغة والاسطرة والرمز والصور والأغراض، وليست هناك مرحلة وسعت المتناقضات مثلما وسعتها «مرحلة الانطلاق» ولهذا حفل المشهد بالشيء ونقيضه، ولم تعدم اي ظاهرة شكلية او فنية او دلالية مريدا متفانيا لا يرى لغيره حق الوجود. والدارس لظواهر هذه الفترة تربكه الأشكال والألوان. وفي تلك المرحلة علا كعب «الشواعر»، حيث آتى تعليم المرأة ثماره وعرفت الساحة الأدبية مئات المبدعات في الشعر والقصة والرواية والدراسات والنقد، وهن أقل من الرجال اندفاعا وراء بوارق التجديد والأكثر حضورا في الابداع السردي.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج
عباس محمود العقاد غير متصل  
 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 12:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)