|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
10-07-2002, 04:01 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2002
البلد: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 903
|
عاطفة صادقة،ولكن...
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1) لم يكن ثمة رجل مر على البشرية حمل عاطفة صادقة للخلق مثل تلك التي حملها الرسول صلى الله عليه وسلم ولاأدل على ذلك مما حكاه القرآن الكريم عنه صلى الله عليه وسلم في مكابدة الهم ومعالجة الألم من صدود الناس عن الخير وإعراضهم عن الهدى يقول الله تعالى: في صورة الأنعام ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بأيات الله يجحدون ) وفيها أيضاً (وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أوسلماً في السماء فتأتيهم بأية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى...) وفي سورة الكهف (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا...) وفي الشعراء (لعلك باخع نفسك ألا يكون مؤمنين..) وفي السنة النبوية صور لاتعد ولاتحصى تبين مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية البشرية (2) إن حرص الداعية والمربي على هداية الناس وصلاحهم وحزنه على ضلالهم واعراضهم دليل جلي بين على محبته الخير لهم وعلى صدقه في دعوته وهاهو صاحب القرية حينما توفاه الله ورأى نعيم الجنة تمنى أن يعلم قومه بما أصابه من الجزاء الحسن كيما تلين قلوبهم ويقبلوا على الله تعالى (قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين..) والداعية مطلوب منه لزاماً الحرص بأقصى درجاته واستنفاذ الوسع والجهد في إيصال الخير والدلالة على طريق الهداية ولكن هذا الحرص والحدب ينبغي ألا يتجاوز حدالاعتدال وإلا كان أمراً منهياً عنه وتجاوز حد الاعتدال في مثل هذه الأمور لابد أن ينتج من ورائه نتائج وآثار سلبية ولعلي في عجالة من الأمر أذكر طرفاً منها: (3) أولاً: أن هذا الحرص قد يولد عند الداعية شعور أنه مسؤول عن هداية الناس واصلاحهم بينما واجبه البلاغ فقط. والهداية إنما هي بيد من قلوب العباد بين أصبيعين من أصابعه يقلبها كيف شاء. ثانياً: انشغال الداعية بشخص يطمع في الهداية له أو شخص انحرف بعد صلاحه واستقامته وهذا الانشغال يصبح في أحاين كثيرة على حساب الأخرين ممن هم تحت يده أو في محيطه الدعوي فيأخذ وقت الداعية ويشغله عمن هو أحوج منه إلى بذل الجهد والوقت فالمقبلون على الله عزوجل الصادقون في الاستجابة أولى من هؤلاء المعرضين ... ولنا في عتاب الرب تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم نبراس يحتذى وطريقة تنتهج إذقال تعالى (أمامن استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى) وكما قيل : الحفاظ على المكتسبات أولى من السعي إلى المظنونات ثالثاً: انشغال فكرالداعية وقلقه على أولئك مما يشغله عن التفكير بما هو أهم من ذلك وأولى هذه عينة من الآثار السلبية للإفراط في الحرص وبذل الجهد في غير موضعه وعند من لا يثمنه ولا يقدره... (خاتمة) وعلى صعيد أخر فإن الشعور بأن لكل مشكلة حل ،إن صح في بعض الميادين فإنه لايصح في ميادين أخر خاصة الانسانية منها مالم تجتمع فيها مقومات معينة فالمربي والداعية قد يستطيع أن يخطو خطوة ما أو يتخذ حلاً لمشكلة تؤرقه من طرفه هو(أقصد تلك الخطوة) ولكن هذه الخطوة أو ذلك الحل لاينجح أويفلح مالم يضمن استجابة الطرف الأخر وتفاعله وتقبله فالتربية ليست عملاً من طرف واحد فقط بل هي مشتركة بين طرفين أو أطراف متعددة في بعض الأحيان... وفي سير الأنبياء عليهم السلام نماذج على صدق هذه القضية وهم الذين بلغوا الغاية في دعوة الناس والتأثير عليهم ومن ذلك ما حصل من حرص نوح عليه السلام على اهتداء ولده دون يأس ولكنه عليه السلام في النهاية لم يفلح معه لأنه لم يجد استجابة من الطرف المقابل ونفس الأمر ينسحب على إبراهيم عليه السلام في دعوته لإبيه وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه فمع الجهد المبذول والحرص الشديد والعاطفة الجياشة الصادقة من قبلهم عليهم السلام لم يفلحوا في هداية أقرب الناس إليهم وماتوا على الكفر كما مات زوجتا نوح ولوط عليهما السلام على الكفر (وقيل لهما ادخلا النار مع الداخلين) فكيف بنا نحن والذي فينا من النقص والعيب وتراكم الذنوب واختلال النيات الشيئ الكثير ولكن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (سدودا وقاربوا) فعلينا بذل الجهد في دعوة الناس وتربيتهم واصلاحهم ولكن لنعلم أن الثمرة من ذلك وهي الهداية بيد الله تعالى فحين لاتتحقق النتيجة التي نريد فلا ينبغي أن نضجر ونبالغ في التألم والحزن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
إهداء من الغالي المبدع باسل عبد العزيز حفظه الله |
الإشارات المرجعية |
|
|