|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
15-01-2007, 08:10 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: جزيرة العرب ..
المشاركات: 2,497
|
الخيل الأصيلة لا تجر العربات
يروى أن أحدهم طرق الباب على صديق له , فلما فتح له أخبره أنه يريده في " حويجة " صغيرة .
صديقه أوصد الباب في وجهه , ولكن قبل ذلك قال له : ابحث لك عن " رجيل " يقضيها لك . لايهم إن كان الدافع كبرياء أم هروب من المساعدة , المهم أن نعي وندرك دائماً أن لكل فعل مسقط يتناسب مع حجمه , وبالتالي من الجور أن نطلب من الكبار أداء أعمال صغيرة , كما أنه من الظلم أن نطلب من سواعد صغار حمل أمتعة كبيرة . عندما يتصدر المقتدر القوي للشؤون الصغيرة , والتي سيفلح أقل منه شأنناً في التعاطي معها , فمن ياترى سيكون للخطوب الكبار !! رحم الله الإمام العظيم - والعظمة لله - أبي حنيفة , عرض عليه أبو جعفر المنصور تولي القضاء فرفض , ثم عرض عليه فرفض , ثم أصر أبو جعفر فأخبره أبو حنيفة أنه لا يصلح للقضاء , انفعل أبو جعفر حينها وقال : أنت كاذب . الإمام أبو حنيفة كان سريع البديهة , قال له : لقد حكمت بيننا يا أمير المؤمنين , إن كنت كاذب فلا أصلح للقضاء , كيف يتولّى القضاء بين المسلمين من يكذب في حديثه !! وإن كنت صادقاً بأني لا أصلح للقضاء فقد حق عليك إعفائي , والحقيقة أن أبا حنيفة المعلم الكبير كان يرى أن مكانه المناسب في حلقات العلم , حيث يتصل به الطلاب , والعامة , وينشر العلم , ويكون له أثر أكبر مما لو جلس على كرسي القضاء , واكتفى بالفصل بين المتخاصمين كل يوم . إنه العلم الذي يصبغ المتعلم بالقداسة , يسمو به , يعلي من قدره , ينصّبه في أسنمة الأمور , وتبقى سفاسفها لمشتدي السواعد , خاملي العقول . مالعذر إذاً في التوقف عن طلب العلم !! العلم بمفهومه الشامل الواسع , العلم الذي يضيء أنوار العقل الكاشفة , العلم الذي ينير الدروب للعابرين . ازدهرت حضارة المسلمين في العصر العباسي , أهدى الخليفة هارون الرشيد ساعة لملك الروم فخاف منها وتعجب , وكان المسلمون حينها الرواد في علوم الآلة , وعلوم الفيزياء , والجبر , إضافة إلى البراعة المتجذرة في الأدب . ولاهتمام الخليفة المأمون بترجمة كتب الإغريق , وإنشائة لدار الحكمة , وتشجيعه للعلم أبلغ الأثر كما قلت في ازهار الحضارة إبان ذلك العهد . وفي نظري أن التخلف الذي نعيش فيه الآن بدأت تظهر ملامحه في القرن السابع والثامن الهجري , يوم أن بدأ المسلمون في التوسع في العلوم الشرعية , وحسبوها العلم بعينه , وتجاهلوا أطراف العلم الأخرى , والتي أكسبتهم الريادة في يوم من الأيام , والنتيجة نقطف ثمارها اليوم , تضخم في العلم الشرعي , وجامعات متخصصة في ذلك , وتصحر في جوانب العلم الأخرى . أريد من هذا الإسهاب أن أؤكد على قضية العلم , ورفعه لشأن ربّه , حيث أنه يشبه المنبر , أو المنصة التي يعلو عليها المرء , فلا يعلو أحد عليه , ويستحق بذلك أن يعزز , ويكرّم كم هو مؤسف أن يزعم البعض أنه جرم صغير , وقد انطوى فيه العالم الأكبر , وأودع الله في كل خلية من خلاياه حمض نووي هائل , الجرام الواحد منه - كما يقول العلماء - يخزن من المعلومات مايخزن " ترليون " قرص حاسوبي صلب . هناك من يشبه الحاسوب الحديث , الحاسوب عالي التقنية , والحامل للبرامج المتقدمة , وبإمكانه معالجة الكثير من البيانات بسرعة فائقة , ومع هذا يستخدم هذا الحاسوب البائس في الطباعة فقط , تلك الوظيفة التي تقوم بها أعتق الآلات الطابعة . في الختام على الخيول الأصيلة أن تذهب لميادين السباق , ميادين المنافسة والتحدي , لأن محلها هناك أو في ميادين المعارك , حيث يظهر مقامها الرفيع الذي دعى الله تبارك وتعالى للقسم بها في سورة العاديات , وجل الله أن يقسم إلا بعظيم . جر العربات ليس من شؤون الخيول الأصيلة , جر العربات للخيول المترهلة , الخيول عظيمة الجرم , بطيئة الفهم , الخيول التي تستريح قبل أن تستريح , وبعد أن تستريح . |
الإشارات المرجعية |
|
|