[بريداوي بحت]

بسم الله الرحمن الرحيم
لقد حظيت هذه الأمة بصفة جعلتها تتميز من بين الأمم وتظفر بالخيرية وتنعم بالأمن وتتمتع الاستقرار و الرخاء قال تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) " آل عمران " فيا ترى ما هذه الصفة؟ هل هي القوة؟ لا, لأننا نجد من بين الأمم من هو أشد منا قوة قال الله تعالى عن قارون أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد قوة وأكثر جمعاً...) [القصص 78].
ياترى! ماهذه الصفة هل هي الكثرة ؟ لا لأن الله قد أهلك من هو أكثر منا جمعاً.
إنها صفة لعن الله اليهود والنصارى بسبب تركها قال تعالى لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصو وكانوا يعتدون).[المائدة 87]
ياترى!!
ما هذه الصفة التي كانت سبباً في لعن بني إسرائيل وضرب قلوب بعضهم ببعض واعتبر الله -سبحانه وتعالى- ترك هذه الصفة اعتداءً، ها نحن نجدها في قوله تعالى كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يعملون) [المائدة88].
ومن المعروف عند أهل اللغة أن كلمة (بئس) صيغة من صيغ الذم والتحقير, فصفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكفيها شرفاً أن الله - سبحانه وتعالى - ذم تاركها.
فقد جاء عند أبي داود من حديث عبدالله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال:
إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشربيه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال " لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذالك بما عصوا وكانوا يعتدون *كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون* ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون *ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أوليآء ولاكن كثيرا منهم فاسقون " ثم قال كلاوالله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم). يعني اليهود والنصارى. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
إن الصلاح وحده لا يكفي بل يجب الإصلاح لأن الله سبحانه لا يهلك قرية وأهلها مصلحون قال تعالى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) [هود] فبني إسرائيل كان فيهم صالحون وعبّاداً ورهباناً ومع ذلك فإن الله قد أهلكهم لأنهم لم يكونوا من المصلحين.
فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا مرعوبا يقول " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث".
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لنجاة أصحابه فقد قال تعالى عن الأمم السابقة : ( فلما نسوا ماا ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون )
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " أخرجه البخاري والترمذي.
وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لرد الدعاء وعدم استجابته فعن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم " ورواه الترمذي.
إننا من هذا المكان ومن هذا المنبر ندعوا وننادي إلى التمسك بالدين والتواصي بالحق كي ننجو بأجسادنا وأرواحنا من الهلاك والعقوبة لأنه ليس بيننا وبين الله حسب ولا نسب.
فالله الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من صفات المؤمنين الصادقين، الذين أثنى اللله عليهم في قوله – تبارك وتعالى - والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) [ التوبة]
نسأل الله – سبحانه - أن يجعلنا منهم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبه/
بريداوي بحت 15/10/1427هـ.
AAH_1409@HOTMAL.COM