|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
18-02-2007, 08:57 AM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
رسالة إلى الأستاذ الجامعي ...
أخي الأستاذ / أو الشيخ / أو الدكتور :
لا أدري بأي لقب أخاطبك , ولكن أعلم أنك تستحقها كلها , وأرجو أن تمر من هاهنا لتقرأ هذه الأفكار الموجهة إليك لعل فيها نفعاً , وأنا أعلم أنك أولى أن نسمع النصيحة منه , ولكن كما قيل : الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها , وقد يوجد في الأنهار ما لا يوجد في البحار , والذكرى لاشك أنها تنفع المؤمنين . أخي الدكتور : لا شك أنك صاحب رسالة عظيمة في حمل العلم وتعليمه لأبناء الأمة الذين أحوج ما يكونون إلى توجيهاتك ونصائحك في العلم والأدب والأخلاق والفكر والمعرفة , ولا شك أنك تعرف أن الجامعة ليست ميداناً لتحصيل المعلومات فحسب , بل هي ميدان لاكتساب الخبرات العلمية والعملية , واكتساب القدرة العقلية على التفكير وبناء الذات , والمقدرة على مواجهة تحديات العصر بسلاح العلم والمعرفة . وهذه المعرفة منك لوظيفة التعليم الجامعي تستدعي جهداً مضاعفاً في بناء شخصية الطالب , وإعطائه الثقة بنفسه ليكون عنصراً فاعلاً ينفع مجتمعه وأمته , ولا يمكن أن يتم هذا الأمر إلا من خلال طرق عديدة يـُستـَحْسَنُ بالأستاذ الجامعي أن يلم بها وأن يجعلها نصب عينيه . ولعلي أتجرأ عليك فأضع بعضاً من هذه الطرق التي تعينك في أداء رسالتك على الوجه الأكمل : 1.الإخلاص لله تعالى في أداء مهمة التعليم , واحتساب ذلك عند الله , لأن ما تأخذه من مال مهما ارتفع لا يوازي القيمة العلمية التي يكتسبها الطالب منك , فاجعل ذلك خالصاً لوجه الله يعنك الله عليه . 2.اتق الله تعالى في طلابك , وتحر العدل بينهم , وتذكر أن التعليم أمانة , والله سائلك عنه يوم القيامة ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض .... الآية ) , واعلم أن الظلم مرتعه وخيم , وعاقبته الندامة والحسرة , فإياك وظلمَ الطالب , أو الانتقام لنفسك بسبب موقف سيء لطالبٍ ما معك ؛ فإن الانتصار للنفس في موطن ضعف المنافس ليس من شيم الرجال , والعفو من خلق المتقين الصالحين . أقول هذا القول , لما يتردد دائماً بين أوساط الطلاب الجامعيين أن الدكتور الفلاني يرسب الطالب بمجرد اختلافه معه , أو بمجرد سوء سلوك عابر من الطالب , وقد يترصد له أكثر من فصل فيرسب الطالب في هذه المادة أكثر من مرة , لا لشيء إلا لأن الدكتور ( وضعه في رأسه ) كما يقال , والطالب لا حول له ولا قوة , ولا يستطيع أن يشتكي ؛ لأن النظام ليس معه , وهذا العمل من بعض الأساتذة يعد جرماً أخلاقياً , وسقوطاً مريعاً لا يغتفر من لدن رجل العلم والمعرفة , فأين الأمانة إذن ؟ , وأين الخوف من دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب ؟؟؟؟؟ 3.أخي الأستاذ : احرص على أن يحبك الطلاب حباً لا علاقة له بتسهيل المادة واختصارها , بل بتعاملك معهم , فكن ودوداً بشوشاً ليناً في غير ضعف , حازماً في غير عنف , متواضعاً مع طلابه , لا يتعالى أو يستكبر أو يحتقر أو يستصغر طالباً . 4.احرص على أن تنمي لدى الطالب مهارة التفكير , فأعطه مساحة للحوار والمناقشة , ولا تلزمه برأيك مهما كان رأيك صواباً , بل اجعل لديه الشجاعة الكافية لإبداء رأيه , وطرح فكرته بوضوح دون أن تسفِّهَ رأيه , أو تحطَّ من قدره ؛ لأن التعليم الجامعي يختلف عن التعليم العام , فالتعليم العام الأساس فيه على التربية والمعرفة , أما الجامعة فالأساس فيها التفكير والإبداع واستقلال الطالب بشخصيته الفكرية . 5.احذر من تهديد الطلاب بالامتحان وصعوبة الأسئلة ؛ لأن هذا يزيد من حنقهم عليك ويقلل من فرصة استفادتهم منك . 6.استغل المناسبات الدينية , والاجتماعية , والسياسية , ونحوها لإبداء النصيحة لأبنائك الطلاب , وأخذ وجهة نظرهم حول المستجدات من الأحداث , ومحاولة توجيههم للفكر السليم بالإقناع والحجة والبرهان بأسلوب الناصح المشفق . ولا تجعل محاضرتك جامدة لا روح فيها , لا تسمع فيها إلا العلم الجامد الجاف مما يسبب النعاس عند كثير من الطلاب , بل لا بأس من الخروج عن النص أحياناً للفائدة وتجديد نشاط الطلاب . 7.لا تأنف من الاعتراف بجهل سؤالٍ ما قد يطرح عليك , فجملة ( لا أدري ) ليست عيباً أو نقصاً , فكن شجاعاً في موطن الشجاعة وإذا سئلت عن مسألة لا تعرفها , فلا تتردد بقول ( لا أعلم ) أو نحوها , ولا تحاول أن تتذاكى بالإجابة من غير علم , فقد تجيب إجابة سقيمة تسقطك من عيون تلاميذك ؛ لأن الطالب ناقد بصير , مع الأخذ بالاعتبار أن الإكثار من قول ( لا أعلم ) في تخصصك الدقيق يعد عيباً لا يغتفر . هذا ما حضرني من نقاط , ووسائل تعين الأستاذ الجامعي على أداء مهمته على أكمل وجه , وأنا أعلم أنك أخي الأستاذ أعلم مني بهذه الأمور , بل ولديك من الطرق والوسائل ما لم يصل إليه تفكيري المحدود , ولكنها نفثة مصدور كما يقال , ووصفة مجرب عاشر طلاب الجامعة عن قرب وعرف مواطن حاجاتهم , وما يعتلج في نفوسهم تجاه أساتذتهم ومشايخهم , ولا أقول في ختام كلمتي هذه إلا ما قال أبو الطيب : ولم أر في عيوب الناس عيباً ## كنقص القادرين على التمام
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
الإشارات المرجعية |
|
|