بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حقيقة التوحيد والشرك

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 01-03-2007, 12:45 PM   #1
فوائد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 2
حقيقة التوحيد والشرك

سم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقيقة التوحيد والشرك

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني ، وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين .

أما بعد :

فإن الله عز وجل خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له ، وأرسل الرسل لبيان هذه الحكمة والدعوة إليها ، وبيان تفصيلها ، وبيان ما يضادها ، هكذا جاءت الكتب السماوية ، وأرسلت الرسل البشرية من عند الله عز وجل للجن والإنس ، وجعل الله سبحانه هذه الدار طريقا للآخرة ، ومعبرا لها ، فمن عمرها بطاعة الله وتوحيده واتباع رسله عليهم الصلاة والسلام ، انتقل من دار العمل وهي الدنيا ، إلى دار الجزاء وهي الآخرة ، وصار إلى دار النعيم والحبرة والسرور ، دار الكرامة والسعادة ، دار لا يفنى نعيمها ، ولا يموت أهلها ، ولا تبلى ثيابهم ، ولا يخلق شبابهم ، بل في نعيم دائم ، وصحة دائمة ، وشباب مستمر ، وحياة طيبة سعيدة ، ونعيم لا ينفد ، ينادي فيهم من عند الله عز وجل : يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا هذه حالهم ولهم فيها ما يشتهون ، ولهم فيها ما يدعون . نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ولهم فيها لقاء مع الله عز وجل كما يشاء ، ورؤية وجهه الكريم جل وعلا .

أما من خالف الرسل في هذه الدار ، وتابع الهوى والشيطان ، فإنه ينتقل من هذه الدار إلى دار الجزاء ، دار الهوان والخسران ، والعذاب والآلام والجحيم ، التي أهلها في عذاب وشقاء دائم ، لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كما قال عز وجل : إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا وقال فيها أيضا : وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا وقال فيها جل وعلا : وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ والمقصود أن هذه الدار هي دار العمل ، وهي دار التقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه ، وهي دار الجهاد للنفوس ، وهي دار المحاسبة ، ودار التفقه والتبصر في الدين ، والتعاون على البر والتقوى ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، والعلم والعمل ، والعبادة والمجاهدة ، قال الله سبحانه وتعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ

فخلق الله الجن والإنس وهما الثقلان : لعبادته عز وجل ، لم يخلقهم سبحانه لحاجة به إليهم ، فإنه سبحانه هو الغني بذاته عن كل ما سواه . كما قال سبحانه : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ولم يخلقهم ليتكثر بهم من قلة ، أو يعتز بهم من ذلة ، ولكنه خلقهم سبحانه لحكمة عظيمة ، وهي أن يعبدوه ويعظموه ، ويخشوه ويثنوا عليه سبحانه بما هو أهله ، ويعلموا أسماءه وصفاته ، ويثنوا عليه بذلك ، وليتوجهوا إليه بما يحب من الأعمال والأقوال ، ويشكروه على إنعامه ، ويصبروا على ما ابتلاهم به ، وليجاهدوا في سبيله ، وليتفكروا في عظمته ، وما يستحق عليهم من العمل ، كما قال عز وجل :

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقال تعالى : وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وقال تعالى : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ فأنت يا عبد الله مخلوق في هذه الدار ، لا لتبقى فيها ، ولا لتخلد فيها ، ولكنك خلقت فيها لتنقل منها بعد العمل ، وقد تنقل منها قبل العمل ، وأنت صغير لم تبلغ ، ولم يجب عليك العمل لحكمة بالغة .

فالمقصود أنها دار ممزوجة بالشر والخير ، ممزوجة بالأخلاط من الصلحاء وغيرهم ، ممزوجة بالأكدار والأفراح والنافع والضار ، وفيها الطيب والخبيث ، والمرض والصحة ، والغنى والفقر ، والكافر والمؤمن ، والعاصي والمستقيم ، وفيها أنواع من المخلوقات خلقت لمصلحة الثقلين كما قال تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا

والمقصود من هذه الخليقة كما تقدم : أن يعظم الله ، وأن يطاع في هذه الدار ، وأن يعظم أمره ونهيه ، وأن يعبد وحده سبحانه وتعالى بطاعة أوامره ، وترك نواهيه ، وقصده سبحانه في طلب الحاجات ، وعند الملمات ، ورفع الشكاوى إليه ، وطلب الغوث منه ، والاستعانة به في كل شيء ، وفي كل أمر من أمور الدنيا ، والآخرة .

فالمقصود من خلقك وإيجادك يا عبد الله ، هو توحيده سبحانه ، وتعظيم أمره ونهيه ، وأن تقصده وحده في حاجاتك ، وتستعين به على أمر دينك ودنياك وتتبع ما جاء به رسله ، وتنقاد لذلك طائعا مختارا ، محبا لما أمر به ، كارها لما نهى عنه ، ترجو رحمة ربك ، وتخشى عقابه سبحانه وتعالى .

والرسل أرسلوا إلى العباد ليعرفوهم هذا الحق ، ويعلموهم ما يجب عليهم ، وما يحرم عليهم ، حتى لا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، بل قد جاءتهم الرسل مبشرين ومنذرين ، كما قال سبحانه : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وقال تعالى : رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

فهم قد أرسلوا ليوجهوا الثقلين لما قد أرسلوا به ، ويرشدوهم إلى أسباب النجاة ولينذروهم أسباب الهلاك ، وليقيموا عليهم الحجة ، ويقطعوا المعذرة ، والله سبحانه يحب أن يمدح ، ولهذا أثنى على نفسه بما هو أهله ، وهو غيور على محارمه ، ولهذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن .

فعليك أن تحمده سبحانه ، وتثني عليه بما هو أهله ، فله الحمد في الأولى والآخرة . وعليك أن تثني عليه بأسمائه وصفاته ، وأن تشكره على إنعامه ، وأن تصبر على ما أصابك ، مع أخذك بالأسباب التي شرعها الله وأباحها لك . وعليك أن تحترم محارمه ، وأن تبتعد عنها ، وأن تقف عند حدوده طاعة له سبحانه ولما جاءت به الرسل .

وعليك أن تتفقه في دينك ، وأن تتعلم ما خلقت له وأن تصبر على ذلك حتى تؤدي الواجب على علم وعلى بصيرة ، قال صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وقال صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " خرجهما مسلم في صحيحه .

محاضرة ألقيت في ندوة الجامع الكبير بالرياض بتاريخ 3/7/1398هـ

موقع العلامة ابن باز رحمه الله

آخر من قام بالتعديل فوائد; بتاريخ 01-03-2007 الساعة 01:01 PM.
فوائد غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 12:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)