[يوسف المنصور]

ماذكره العضو أبو رياض عن صاحبه الذي اعتذر-وإن كان مازحاً- عن زيارة القصيم خشية ان يجري قطع رقبته كما حصل لغيره، دفعني لإفراد هذه المشاركة لأهمية الموضوع.

إن مايقال عن بريدة يقال عن القصيم، ومايقال عن القصيم يقال عن السعودية، ومايقال عن السعودية يقال مثله عن العرب، كما يقال عن المسلمين. والذي يتابع بشكل مركز الأخبار التي تنضح أحداثها بالصورة النمطية عن المسلمين في معظم دول الاتحاد الأوربي، وعن العرب سوف تكون ردة فعله تجاه مايسمعه عن ديرته وجماعته أكثر نضجاً.

فإذا قال لكم شخص حتى ولو كان مازحاً مثل ماذكره أبو رياض.فقولوا له: ليس عندنا قنابل عنقودية نضرب بها الأبرياء، ولسنا من عاث في الأرض فساداً واحتل البلاد وأفسد الحرث والنسل. قولوا له: نحن لانمارس العنصرية تجاه الناس لألوانهم واختلاف بشرتهم.وقولوا له: ليس فينا من يدهس الغرباء بالسيارة لأنه لايحب الأجانب كما حصل في هولندا.

قولوا له: حنا ديرة حجيلان بن حمد الذي كان يشجع على هجرة العقول إلى بريدة ويمنح مكافأة لكل من رغب في سكناها واراد ان يستثمر فيها. حجيلان الذي لم تمنعه علاقة القربى بأبناء عمه من أن يقتص منهم كما فعل بغيرهم بعد أن قاموا بقتل مطاوعتهم كما فعل أهل الجناح وغيرهم.

قولوا له: منا فوزان السابق الذي كان أحد العظماء الذين لم يوفوا حقهم وكان من كبار الرواد العرب الذين وقفوا مع حركة النهضة العربية، ودعموا الكواكبي وشارك مع عبدالله المغيرة(المغيري راعي أشيقر) بتوزيع أكثر من مئة نسخة من كتاب طبائع الاستبداد في نجد. وكان أحد الأركان التي اعتمد عليها عبدالعزيز آل سعود.

قولوا له: بريدة هي التي كان أكبر علمائها(عمر بن سليم) عضواً في لجنة (النظرا) أي لجنة النظر التي تشرف على تخطيط أسواق المدينة حتى وصفها اكثر من واحد من الرحالة الذين زاروها في الثلاثينيات بأن شوارعها هي الأفضل والأوسع والأكثر استقامة في نجد.

قولوا له: بريدة هي التي كانت تتمتع فيها (الجماعة) الرشودي فهد العلي واخوه إبراهيم والمشيقح والشريدة والربدي وغيرهم من تجار العقيلات بقوة ضغط تضاهي قوة اميرها أو تفوقها أحياناً.وأن بريدة هي التي إذا جاءها أمير أو مسؤول ضعيف راح بالرجلين وصار أضحوكة وعلكة في أفواه السفهاء والصبيان وشماتة بألسنة النساء.

قولوا له بريدة وحدها وحتى فترة قريبة كان القاضي وعالم الدين فيها يستمد وجاهته وقوته واحترامه من أهل الحل والربط فيها وليس العكس.

قولوا له: من بريدة كان أكثر الناس كرماً في أوقات المجاعات مثل آل الشريدة. وأخبروه أن بعض أهل بريدة ساهموا رغم الفقر والجوع والعوز في جمع تبرعات للقوات العثمانية ضد الانجليز في الحرب العالمية الأولى، وكان الشيخ إبراهيم الجاسر أحد الذين ساهموا في ذلك.

قولوا له: بريدة هي التي اخرجت عالم الدين ثم المفكر عبدالله القصيمي، والعالم الجغرافي الرحالة محمد الناصر العبودي، ويعيش فيها أكمل الناس عقلاً عودة السعوي، ودرج فوق أرضها يوماً الزاهد العابد محمد العبدالعزيز السليم. وكان من علمائها مثل الشيخ صالح البليهي من كان لهم عناية بالآثار وخصوصاً ماكتشفوه في أملاكهم في التغيرة، وكان للشيخ البليهي نفسه -وله دروس في الحرم المكي الشريف كل عام- فتاوى في معنى الخلوة المحرمة، وطعام زكاة الفطر، تدل على سعة أفق وإدراك لمقاصد الشريعة.

قولوا له من بريدة كان أحد كبار الروائيين العرب عبدالرحمن منيف، وأكبر شعراء الجزيرة في سالف الزمن محمد العوني. بريدة هي المدينة التي شهدت التجمع أمام قصر الإمارة 1955 في عهد ابن بتال بقيادة عكية، وبريدة هي التي شهدت أحداث احتجاج 1991-1992-1994 .

فأي مدينة في جزيرة العرب تتمتع بهذا الخزان الهائل من العنفوان والحراك؟!

وقولوا لمن خشي أن تقطع عنقه، إن بريدة هي المدينة الوحيدة التي لم تمنح الملتحين والمطاوعة منزلة مقدسة تسمح لهم بالاستثار في مقاعد المجلس البلدي في انتخابات 2005.ولم توزع قوائم ذهبية وتزكيات للمرشحين.
قولوا له: بريدة هي مركز القصيم الذي رشحه أعضاء في البرلمان العثماني 1902 ليكون مرتكز الإصلاحات السياسية التي كانت الحكومة تنوي البدء بها لكسب ولاء أهل الجزيرة العربية.

وأخيراً إن لصاحبك كل الحق يا ابورياض أن يخشى على نفسه لو أن ثقافة مجتمع بريدة/القصيم تبارك ماحصل من أحداث إجرامية كان آخرها ذبح العقيد العثمان. صحيح أن الغالب على المدينة هو الميل إلى التشدد في الدين. ولكن أن يتجاوز الأمر إلى الاعتداء الجسدي، والضرب أو القتل فهذا مالم أجد أحداً يقره من أهلها.
أما الميل الديني إلى حركات المقاومة الجهادية في العراق أو غيره، فهم ليسوا استثناءاً من عشرات ملايين المسلمين في أصقاع الدنيا الذين يشاركونهم في ذلك.إنني اعرف ثلاثة من وجهاء بريدة أحدهم قام بالتبليغ عن أخيه حينما خشي منه أن ينجرف وراء التطرف. وأعرف آخر أيضاً قريب له هو الذي قام بوضع ابنه في السجن والسماح للحكومة بالتحفظ عليه حتى لايتمكن من التسلل إلى العراق او تجنيده داخل الوطن.ويكفيك أن العثمان نفسه كان ضحية لموقف وطني شهم نابع من حرص على أمن البلد.


للمراسلة:
gaseem1000@hotmail.com