|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
02-05-2007, 05:34 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بريدة ، دومة الجندل
المشاركات: 1,457
|
يكثر الإفتاء من الأعضاء فأحببت التنبيه على هذا الداء
بسم الله الرحمن الرحيم
من المؤسف ما يجده القارئ من تصدر للإفتاء ممن لم يبلغوا المرحلة التي تجعلهم أهل لذلك ، ويكثر هذا الداء في المواضيع التي يكثر فيها النقاش والأخذ والرد ، فتجد كل يدلي بدلوه فيا ليته عن علم فيكون من قبيل المذاكرة والمدارسة ، بل هو جهل مركب فليته كان مذاكرة بل قطع بالفتوى والله المستعان فأحببت التنبيه على هذه المسألة ، والجميع يعلم ذلك وقد كتب أهل العلم كثيراً في هذه المسألة وألفت فيها رسائل وذكرت في كتب الأصول فأحببت أن أشارك باختصار في هذا المقال : قال تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَاْلإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا َلا تَعْلَمُونَ ﴾ فقرن سبحانه القول على الله بغير علم بالفواحش والبغي والشرك . وقال الله تعالى { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير : ( وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال : قرأت هذه الآية في سورة النحل { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب هذا حلال وهذا حَرَامٌ } إلى آخر الآية ، فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا . قلت : صدق رحمه الله ، فإن هذه الآية تتناول بعموم لفظها فتيا من أفتى بخلاف ما في كتاب الله أو في سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما يقع كثيراً من المؤثرين للرأي المقدّمين له على الرواية ، أو الجاهلين لعلم الكتاب والسنّة كالمقلدة ، وإنهم لحقيقون بأن يحال بينهم وبين فتاويهم ويمنعوا من جهالاتهم ، فإنهم أفتوا بغير علم من الله ولا هدى ولا كتاب منير ، فضلوا وأضلوا ، فهم ومن يستفتيهم كما قال القائل : كبهيمة عمياء قاد زمامها ... أعمى على عوج الطريق الجائر وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : عسى رجل أن يقول : إن الله أمر بكذا ، أو نهى عن كذا ، فيقول الله عزّ وجلّ له : كذبت . أو يقول : إن الله حرّم كذا أو أحلّ كذا ، فيقول الله له : كذبت . ) انتهى وقال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان : ( تنبيه :كان السّلف الصالح رضي الله عنهم يتورعون عن قولهم : هذا حلال وهذا حرام . خوفاً من هذه الآيات . قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة : قال الدارمي أبو محمد في مسنده : أخبرنا هارون ، عن حفص ، عن الأعمش قال : « ما سمعت إبراهيم قط يقول : حلال ولا حرام ، ولكن كان يقول : كانوا يكرهونن وكانوا يستحبون » . وقال ابن وهب : قال مالك : لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا : هذا حلال وهذا حرام ، ولكن يقولوا إياكم كذا وكذا ، ولم أكن لأصنع هذا . انتهى . ) وقال الشنقيطي رحمه الله في موضع آخر : ( وإذا كان مالك وإبراهيم النخعي وغيرهما من أكابر أهل العلم لا يتجرؤون أن يقولوا في شيء من مسائل الاجتهاد والرأي : هذا حلال أو حرام . فما ظنك بغيرهم من المقلدين الذين لم يستضيئوا بشيء من نور الوحي؟ فتجرؤهم على التحريم والتحليل بلا مستند من الكتاب إنما نشأ لهم من الجهل بكتاب الله وسنة رسوله ، وآثار السلف الصالح ، وآية يونس المقتدمة صريحة فيما ذكرنا صراحة تغني عن كل ما سواها . لأنه تعالى لما قال : { فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً } [ يونس : 59 ] أتبع ذلك بقوله { قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ } [ يونس : 59 ] . ولم يجعل واسطة بين إذنه في ذلك وبين الإفتراء عليه ، فمن كان عنده إذن من الله بتحريم هذا أو تحليله فليعتمد على إذن الله في ذلك . ) انتهى . وللسلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم قصص ومواقف من هذا تدل على عظم هذا الأمر أذكر منها شيئاً يسيراً لعل الله ينفع بها : وقبل ذلك أذكر هذا الحديث العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) رواه البخاري ومسلم . وأخرج الدارمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ( الذي يفتي الناس بكل ما يستفتى فيه لمجنون ) وقال ابن أبي ليلى رحمه الله ( أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول ) وقال أبو حصين الأسدي ( إن أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر ) وقال الزهري عن خالد بن أسلم ( خرجنا مع ابن عمر نمشي فلحقنا أعرابي فقال : أنت عبدالله بن عمر ؟ قال نعم ، قال سألت عنك فدللت عليك فأخبرني أترث العمة ؟ قال : لا أدري . قال : أنت لا تدري ؟ قال : نعم اذهب إلى العلماء في المدينة فاسألهم .. ) وعن الهيثم بن جميل : شَهِدْتُ مالكاً سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري ) وقال مالك : ( من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب ) وسئل مالك عن مسألة فقال: ( لا أدري )، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ( ليس في العلم شيء خفيف ) وقال الشافعي : ( ما رأيتُ أحداً جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه عن الفتيا ) وقال أبو حنيفة : ( لولا الفَرَقُ من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيتُ، يكون لهم المهنأ وعلي الوزر ) وأقوال السلف والصحابة في هذا كثير ذكر بعض هذه الآثار وغيرها ابن القيم في إعلام الموقعين وذكرت في كتب ( أدب الفتوى ) فانظر يا رعاك الله إلى خوفهم وترهبهم من هذا ، وانظر إلى حالنا مع الإفتاء ، فمن أسهل الأشياء عندنا هي أن نقول : ( هذا حلال وهذا حرام ) وننبه إلى أنه لا فرق بين تحليل الحرام وبين تحريم الحلال ، فهناك من يتساهل في تحليل الحرام من غير علم وهناك من يتشدد في تحريم الحلال من غير علم ، فالخوف الخوف أيها الشباب والحذر الحذر من هذا الأمر العظيم الذي قرأنا كيف يتخلص منه أكابر الأمة وأفاضلها . قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين : ( من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى، فهو آثم عاص ، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضا . قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية ، وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق ، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة ، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس ، بل هو أسوأ حالا من هؤلاء كلهم ! وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى ، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين ؟ !! ) انتهى وقال رحمه الله ( وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي، فقال: ما يبكيك ؟ فقال: اُستفتي من لا علم له ، وظهر في الإسلام أمر عظيم . ثم قال : ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السُراق . قال بعض العلماء : فكيف لو رأى ربيعة زماننا ، وإقدام من لا علم عنده على الفتيا، وتوثبه عليها ، ومد باع التكلف إليها ، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها ، مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة ، وهو من بين أهل العلم منكر أو غريب ، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف نصيب ، ولا يبدي جوابا بإحسان ) وبعد هذه النقول الوافيه بإذن الله سيتبين لمن له عقل وبصيرة أن هذا الأمر خطير جداً وليس من الأمان والتخلص التجرأ والتصدر للإفتاء حتى لو كان في المنتديات ، فهناك الكثير من العامة ليقرأ في المنتديات ويظن هذه الفتوى التي أفتى بها فلان من الأعضاء يظنها حكم الله وشرع الله أو على الأقل يظنها فتوى من أهل العلم ولم يعلم أنها فتيا متعالم دخل في الأمر العظيم الذي لا يحسنه ولا يتقنه ألا وهو الإفتاء والتجرأ على الدين والتجرأ على العلم والتجرأ على أقوال العلماء الذي تنوروا بنور العلم والتقوى والورع والإيمان ، لا أريد الإطالة وأنا عندي الكثير من التحذير من خطر الفتيا والتجرأ على ذلك وأحيل من أراد الزيادة ومن أراد الحق والشفاء ممن أصابه هذا الداء أن يرجع إلى من كتب في هذا الشأن من أهل العلم ، ومن أبرز هذه العنواين لكثير من أهل العلم بـ ( أدب الفتوى ) ونحو ذلك ، وكذلك كتب الأصول والإجتهاد ومن أبرزها ( إعلام الموقعين لابن القيم ) وكذلك الكتيب القليل الحجم الكثير الفائدة للشيخ المحقق بكر أبو زيد شفاه الله ( التعالم ) . أسأل الله أن ينفع بهذه النقول وأن يكتب لي فيها الأجر والصواب ، وأن ينفع بها من ابتلي بهذا الداء وأسأل الله أن ينصر الاسلام والمسلمين وأن يحفظ علماء المسملين وأن يفتح على قلوب أعداء العلماء الخير والصلاح وحب العلماء والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية . |
الإشارات المرجعية |
|
|