اعتاد كثير من المربين سيما الآباء على أن ينهروا أبناءهم عن التبول وقوفًا , بل نجد من المربين من يضرب على هذا الفعل , ويوقع بالفاعل الأدب , وكأن معه نصًّا صريحًا من القرآن أو السنة , وغاب عنه أنه يجوز للرجل أن يبول واقفًا , وربما وصل بأحدهم حد الغلو فقال بالتحريم , وربما تساهل غيره فقال مكروه , ولكل من القائلين مذاهبهم التي قد تعصف بالمنهاج الإسلامي , فتحل الحرام وتحرم الحلال , والله نسأل أن يقينا شر هؤلاء المتنطعين , سيما الحنابلة المتأخرين .
جاء في الصحيحين حديث يشير إلى أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – قد بال واقفًا , فقد انفرد عن القوم , فجاء إلى سباطتهم فبال فيها واقفًا , وهذه السباطة هي محل القاذورات , وهي – أيضًا – أرضها طرية رملية , فلا يصيب رشاش البول المتبول , قد يقول قائل من أن النبي لم يرد القعود خشية من تلك القاذورات أن تصيب ثوبه , إلا أن هذا بعيد عندي .
كما ثبت في حديث أخرجه النسائي وابن ماجة أن من عادة العرب أن الرجل يبول واقفًا , والمرأة تبول قاعدة , كما ثبت – أيضًا – أن المشركين كانوا يعيرون النبي ؛ إذ كان يبول أحيانًا قاعدًا , وذلك بقولهم : يبول كما تبول المرأة . . . كما أن البخاري روى أن النبي قد ( أتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال ) .
وحين شرح ابن عثيمين – رحمه الله – هذا الحديث ؛ ذكر جواز البول وقوفًا بشرطين :
1 – أن يأمن الرجل التلويث .
2 – أن يأمن الرجل الناظر وهو الرائي له .
مقال جدير بالنظر فيه , والتعليق عليه , والغوص في كنهه , فقد رأينا من المربين ما يدعو إلى أن فاعل هذا الفعل قد يكون مرتكبًا لإحدى الكبائر , وهم المربون الجهلة , آمل أن يُعنى به الأعضاء الكرام , والقراء النابهين . . .
أشـــواقـــي . . . مــقـــارف