[المتزن]

بالصدفة وقعت عيني على جريدة الوطن يوم الأربعاء الماضي , فتصفحتها على السريع واستقرت عيني على مقال شد انتباهي وأحببتُ أن تطلعوا عليه :

عبدالله ناصر الفوزان*

مسلسل طاش ما طاش الصحفي (25)
الخلوة المحرَّمة في سيارات مدينة الرياض

طلب الأستاذ من الطلبة ومن ضمنهم (عدّولي) الطالب بالمرحلة الجامعية، قسم الدراسات الإسلامية، إعداد بحث عن (الخلوة المحرمة) مدعم بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع.
و(عدولي) تنطبق عليه مقولة (شعرة تفصل بين العبقرية والجنون) فهو ذكي جداً لدرجة العبقرية لكنه أحيانا يتصرف بشكل غريب لا يمكن أن يوصف إلا بالجنون، وقد أصبح هذا معروفا لزملائه وأساتذته.
و(عدّولي) مثل غيره من الطلبة (العباقرة المجانين) لا يؤدي الواجبات المدرسية إلا في اللحظة الأخيرة، ولذلك فعندما حان وقت إعداد البحث في الليلة الأخيرة صادف أن كان هناك مباراة هامة في كرة القدم منقولة على الهواء مباشرة في الدوري السعودي، فغلبت الهواية وحب التسلية على أداء الواجب وبات ساهرا يشاهد المباراة، وعندما انتهت أخذ القلم وتغلب الجنون على العبقرية في تلك اللحظة فقرر أن يستند في بحثه إلى "فقه الواقع" كما أسماه هو أي الخلوة المحرمة اجتماعيا وليس فقهيا وأن يأخذ موضوع البحث وعناصره وأدلته من مشاهداته في مدينة الرياض التي يقيم فيها.... ووجد أن من المفيد أن يحدد بحثه فلا يجعله عائما واسعا يتناول ما يفيد وما لا يفيد بل يقصره على ما يفيد ويأخذ مما يفيد ما هو أكثر إفادة، فوجد أن الخلوة في السيارة هي الحالة الملحة التي تحتاج إلى البحث والدراسة في المجتمع السعودي من خلال ما ما اتفق عليه هذا المجتمع، فجعل بحثه بعنوان (الخلوة المحرمة في سيارات مدينة الرياض).
جعل البحث من عدة فصول، الفصل الأول خصصه للخلوة في سيارات الأتوبيس الخاصة بنقل الطالبات، وقد قسمه إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول أتوبيس الطالبات في مدارس البنات فيما دون المرحلة الجامعية، وقد اعتبر أن الخلوة المحرمة في عُرف المجتمع في هذا النوع من الاتوبيسات هي بقاء طالبة واحدة وحدها في الأتوبيس مع عدم وجود زوجة السائق، أما القسم الثاني فخصصه لأتوبيس الطالبات في المرحلة الجامعية ولأنه لا يشاهد عادة في تلك الأتوبيسات كرسياً بجانب كرسي السائق كما أنه لم تجر العادة أن تركب زوجة السائق معه فقد رأى أنه لا وجود لحالة الخلوة المحرمة في ذلك النوع من الأتوبيسات. أما القسم الثاني فخصصه لسيارات "الفان" و(الجيمس) التي تنقل المدرسات لمدارسهن خارج مدينة الرياض، وقد اعتبر أن الخلوة المحرمة في تلك الحالة هي وجود امرأة وحدها في السيارة خارج المدينة في أي مكان من السيارة، أما داخل مدينة الرياض أثناء تجميع المعلمات وإنزالهن فالخلوة المحرمة في هذه الحالة هي وجود امرأة وحدها تجلس في الكرسي الأمامي بجانب السائق.
أما الفصل الثاني فخصصه للسيارات العائلية، أي سيارات الأسر، وقد قسمه إلى قسمين، الأول السيارات المظللة من جميع الجهات بحيث لا يرى أحد ما بداخلها وهذا النوع من السيارات لا مجال لإخضاعه للبحث خاصة إذا كانت من السيارات (الفخمة) أما إذا كانت من السيارات العادية التي قد تخضع للتفتيش، فإن المسألة تتوقف على نوع السائق فإذا كان غير سعودي فهو سائق العائلة وهذا النوع من السائقين لا تنطبق عليه الخلوة المحرمة لأنه كما تحصل الخلوة في (الكراج) داخل المنازل وغير الكراج فيمكن أن تكون الخلوة في السيارة في المقعد الخلفي أو الأمامي لا فرق. أما إذا كان سعوديا فلا بد من التأكد من الهوية وإجراء المطابقة والتأكد من صلة القرابة وعلى ضوء ما يتضح تكون الخلوة محرمة أو غير محرمة، والقسم الثاني للسيارات العائلية غير المظللة، وبالنسبة لهذا النوع يتوقف الأمر على شكل السائق فإذا كان يلبس القميص والبنطلون فهو سائق العائلة ولا وجود للخلوة المحرمة حينئذ أما إذا كان يلبس الشماغ والثوب أو الغترة والثوب فهو ليس سائق العائلة لأنه لم تجر العادة في الغالب في مدينة الرياض أن يكون سائق العائلة هو أحد أفراد الأسرة. وفي هذه الحالة لا بد من البحث والتقصي فقد تكون الخلوة المحرمة حينئذ هي ركوب امرأة وحدها في أي مكان من السيارة وقد تكون الخلوة المحرمة هي ركوب المرأة وحدها في المرتبة الأمامية.
أما الفصل الثالث فخصصه لسيارات الأجرة، وقد قسمه إلى قسمين، الأول لسيارات الليموزين وقد اعتبر الخلوة المحرمة في هذا النوع من السيارات هي ركوب المرأة وحدها في المرتبة الأمامية بجانب السائق، والقسم الثاني سيارات الأجرة (الونيت) التي تنقل الأفراد بطريقة (النفر) وقد اعتبر أن الخلوة المحرمة في هذا النوع من السيارات تأتي في حالتين: الأولى، ركوب المرأة في المرتبة الخلفية بجانب رجل أجنبي وبقاؤهما وحدهما. الحالة الثانية: ركوب المرأة وحدها مع سائق "الونيت" في المرتبة الأمامية... أما ركوب المرأة في المرتبة الأمامية بجوار السائق في حالة وجود ركاب آخرين فيصعب اعتباره خلوة محرمة... وإذا ركبت المرأة بسرعة في المرتبة الأمامية مع عدم وجود أحد في المرتبة الخلفية دون إذن السائق فتعتبر خلوة محرمة بالنسبة للمرأة. أما بالنسبة للرجل فلا تغيير كذلك ولكن على السائق عدم تحريك السيارة حتى تنزل المرأة وتركب في المرتبة الخلفية.
أما الفصل الرابع فجعله للسيارات الخاصة غير العائلية كأن يوصل طبيب مسن زميلته الطبيبة المسنة إلى منزلها في حالة اضطرار لتأخر سائقها... وهذا الفصل حار فيه "عدّولي" فقد رجع لذاكرته لعلها تسعفه في الحكم عليه من خلال الحالات التي شاهدها ولكن ذاكرته لم تسعفه فلم يتذكر ولا حالة واحدة ولأنه يدرك أن مثل هذه الحالة لابد أن تحدث فقد استعان بعقله فقال لنفسه لا يعقل في هذه الحالة أن تركب الطبيبة المسنة زميلة الطبيب الذي تطوع لإيصالها في المرتبة الخلفية... ولكن عندما تركب في المرتبة الأمامية فهل تعتبر خلوة محرمة...؟ لم يستطع الإجابة فكتب في نهاية هذا الفصل أنه لم يستطع أن يتوصل إلى الإجابة من خلال فقه الواقع" المشاهد في مدينة الرياض، وسيقوم بالمتابعة والمراقبة ليتوصل إلى ما توافق عليه المجتمع ويسجل النتيجة في البحث القادم.
وختم بحثه بفصل خامس جعله للمشاكل والحلول، وقد ختمه باقتراح قال فيه إنه يمكن التغلب على الكثير من حالات الخلوة المحرمة بإعداد صناديق زجاجية للسائقين إذ في هذه الحالة لن تكون هناك خلوة محرمة في أغلب الحالات.
وفي اليوم التالي قدم "عدولي" بحثه للمدرس. وحين رأى المدرس العنوان "الخلوة المحرمة في السيارات في مدينة الرياض" رفع حاجبيه من الدهشة وقال ما هذا..؟ فقال "عدولي" اقرأ وستعرف... وبعد عدة أيام أعاد المدرس البحوث للطلبة إلا بحث "عدولي" فقد أبقاه في يده وأعطاه أحد الطلبة وطلب منه قراءته وهو يقول للجميع... أريد منكم بعد انتهاء زميلكم من قراءة هذا البحث أن يقول كل منكم... هل هو نموذج للعبقرية أم الجنون؟


http://www.alwatan.com.sa/news/write...1045&Rname=110

=========

** تم التعديل في العنوان لشد الانتباه ولأنه يتناسب مع المكان هنا والواقع الذي نعيشه !!


وتقبلوا تحياتي 00
المتزن