[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

حينما سطعت شمس الإيمان على هذا الكون الفسيح ، امتدت أشعتها إلى كل شيء لتخترق حتى القلوب ، فيستنير القلب و يُنير اقتباساً من ذلك الشعاع ، و لكي تتصور هذا تأمل في نور القمر الذي يقتبسه من الشمس ..

لقد كنتُ أتأمل في ذلك الشاب الذي آتاه الله ما آتاه من البسطة في الجسم و العلم و آتاه الحكمة { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ، و توج هذا كله بِخُلقٍ رفيع ، و لسانٍ معسولٍ لا يقول إلا حقاً ، و تعامل راقٍ كأرقى تعامل يتعامل به مع الإنسان .. بل إنه كان راقياً حتى مع البهائم العجماوات ..

تأملت في جمال لحيته ، و جلال هيبته ، و خفة روحة ، و طيبة نفسه ، أعجبت به ، فرحت أخوض معه في مسائل متفرقة ، نسلك إلى كل فنٍ طريقاً ، و نقطف مِن كل بستانٍ ثمرة ..

و كلما ذكرتُ ميداناً من ميادين الأمة أو ثغراً من ثغورها .. تفاجأت بأن هذا الرجل الصامت ( قد سبقني إليه ) ..! بدأت بالحديث عن حلقات التحفيظ فذكر لي تجاربه الشخصية ، و آرائه السديدة و انتقاداته الصادقة .. ثم فتحتُ موضوع العمل التربوي ، فذكر لي ما مر به من تجارب ، و عقبات و أفراح و أحزان و إرشادات ، فكان رائداً في هذا و عمل سنيناً نتج عنها خبرة لا يُستهانُ بها ، و بعد هذا فتحتُ موضوع المؤسسات الخيرية و الاجتماعية ، فاكتفيتُ بالصمت و كأني أمام مُنظّر خبير عاش حياتَه كلها في هذا الميدان الخيري .. ثم بدأ الحديث عن رجال الهيئات و عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، تحدثناً سوياً ، و بعد ما خرجت سألت عنه .. فقالوا : هذا من رجال الهيئات و أصحاب الصولات و الجولات .. و أخيراً في ميدان الجهاد في سبيل الله ... فقد كان فارساً لا يُشقُّ له غبار حينما كان في صفَّ القتال .. و في طلب العلم و في الدعوة إلى الله ... إلخ

وهو مع هذا كله :
(( صامت ))
قلت حينها كما قيل :
من لي بمثل مشيك المدلل**** تمشي الهوينا وتجئ في الأول
و تذكرت سمت الصديق رضي الله عنه و أرضاه ..
و الخلاصة أيها الأحبة :
إن في الأمة رجال مغمورون لم تعرف لهم الأضواء طريقاً ، و لكنهم جنود صامتون صمتت ألسنهم و نطقت أعمالهم كأفصح لسان ، و جعلهم الله مُباركين أينما كانوا ، فأسأل الله العلي جلّت قدرته أن يجعلنا منهم ..


أخوكم / الصمصام