[الناقد1]

كانت هذه البغلة تعيش في عز و كنف مالكها الثري ، الذي استغنى عنها بفعل تقدم وسائل النقل والمواصلات
شاءت إرادة الله أن يبتاع تلك البغلة من هذا الثري ، فقير " ملتح ٍ " ، ولأن الفقر متعد إلى الغير أحيانا ، فقد تعدى للبغلة
البغلة كانت منعمة ًً مترفة ًً ، ولم تكن تعلم بمهمتها الأساسية التي يجب عليها القيام بها ، كما لم تعرف ما ستناله من أهمية اعلامية ، ولعل الجلوس في بداية العمر ومن ثم انتقال ملكيتها لملتح ٍ ، كلف هذه البغلة الثمن غاليا
قام هذا الفقير الذي لا نعرف عنه سوا أنه " ملتحٍ " بـ " كرف " هذه البغلة تحت هجير شمسنا الحارقة ، حتى أصيبت بالإرهاق والضنك ، كانت تتعب تعباً شديداً لأنها لم تكن مخشوشنة ً بداية حياتها ، بل كانت منعمة ًً في قصر ذاك الثري ، و ما علمت أن الحياة دول ، فيوم لها ويوم عليها ، وقد أخذت مالها دفعة واحدة ، لذا عليها أن تدفع ما عليها دفعة واحدة أيضاً ... وفي زهرة العمر التي كانت تمني نفسها بآمال نعيمه
في يوم مشئوم خرج هذا الفقير ممتطياً بغلته عائداً إلى مأواه المسمى " ضرورة " بيتا
كانت عتمة تلك الليلة الظلماء لا تسمح برؤية الطريق بوضوح ، البغلة كانت منهكة أصلاً ولم تكن قادرة على المسير بشكل متزن
في الطريق كان هناك هوة كبيرة تعتليها بعض الحشائش ، تعثرت فيها البغلة المسكينة ، ولأن المنطقة صخرية فقد أصيبت البغلة على وجنتها ، كما أصيب صاحبها " الملتح "
وأصبحت البغلة و صاحبها في حال لا تسر الصديق



حينها
لا تسل يا صاحبي ...... ما الخبر ... ولا كيف صاغوه
صاح قوم على " كل " ملتح ٍ بألسنة حداد ..
" وهم الداعون إلى حرية التعبير ، وإلى مفهوم الآخر وحسن التعاطي معه ، وإلى دولة مدنية نمارس فيها مفهوم فكرهم < الواسع > للحرية ! "
ما الخطب أيها القوم ؟
قالوا لا بد أن نعيد النظر في ركوب " الإسلاميين " الملتحين للبغال ، لقد جنوا على الإسلام والمسلمين وشوهوا صورته بهذا الدين الأصولي الوهابي الذي يؤذي البغال !
ثم إننا سنقع في حرج شديد أمام جمعيات الرفق بالحيوان المغرمة أصلاً بالبغال " بدافع التشابه "
وماذا بعد
قالوا نحن نؤمن بـطرح أسئلة على كافة المستويات لم يسبق طرحها في الماضي من قبل تنويريي القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين
ولذا فلنا الحق بالتساؤل عن موقف هؤلاء " الإسلاميين " الملتحين الذين يقفون موقفاً عدائيا من الآخرين ، موقفاً جاء بناء على ظروف سياسية واجتماعية معينة قبل خمسة عشر قرناً، ولم تعد هذه الظروف قائمة الآن، و إنما تغيرت تغيراً كلياً، ولذا، يجب عدم الاستعانة مطلقاً بالمواقف الدينية التي جاءت في الكتاب المقدس تجاه الآخرين قبل خمسة عشر قرناً لمهاجمة الآخرين الآن وسفك دمائهم. فالمصالح متغيرة، والمواقف متغيرة. والتغير هو سُنّة الحياة
كما أن لنا الحق بالمطالبة برفع يد هؤلاء الإسلاميين الملتحين عن التعليم ، والسعي إلى إصلاحه من عطب الإرهاب الديني الظلامي
ومن حقنا أن نطالب برفع تسلط واستبداد الشرطة الدينية " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ، وذلك بإلغاء هذا الجهاز الذي يحرمنا من حرياتنا ومن ممارسة شهواتنا ونزواتنا
ونحن أيضاً " والكلام للمتهجمين " نعتبر الأحكام الشرعية أحكاماً وضعت لزمانها ومكانها، وليست أحكاماً عابرة للتاريخ كما يدعي رجال الدين، ومثالها الأكبر حجاب المرأة، وميراث المرأة، وشهادة المرأة.. وعليه فنحن نطالب برد ما يؤمن به هؤلاء الملتحين ونطالب بمساواة المرأة مع الرجل مساواة تامة في الحقوق والواجبات والعمل والتعليم والإرث والشهادة
كما أن عليكم أن تفسحوا المجال للنساء ليشملن البغال بعطفهن وحنانهن ، بعد أن أساء إليهن هذا الإسلامي الملتح !
طيب ، وإذا لم يتم لكم ذلك
قالوا لا حرج لدينا في أن يأتي الإصلاح من الخارج ، أو نستعين بقوى خارجية لدحر الديكتاتورية العاتية ولكن بالطرق الدبلوماسية، والمهم أن يأتي سواء أتى على ظهر جمل عربي ، أو على ظهر دبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أو غواصة فرنسية
بل إننا اليوم نمارس تسولنا على أبواب السفارات ، على مرأى ومسمع من الجميع ، وسترون ثمارها قريبا
لن نسألكم كيف تكون الطرق الدبلوماسية بدبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أو غواصة فرنسية !
لكن ماهي ثمار مشروعكم ؟
قالوا : استئصال جرثومة الاستبداد وتطبيق الديمقراطية العربية، في ظل عجز النخب الداخلية عن دحر تلك الديكتاتورية وتطبيق تلك الديمقراطية ، وهذه ليست سوابق تاريخية فقد استعانت أوروبا بأمريكا لدحر النازية والفاشية العسكرتاريا اليابانية في الحرب العالمية الثانية، وقامت أمريكا بتحرير أوروبا، كما قامت بتحرير الكويت والعراق

لكنكم تدعون دائماً إلى محاربة الإرهاب الديني والقومي السياسي والدموي المسلح بكافة أشكاله ( بما فيه الجهاد في سبيل الله ) ، فكيف ترضون بأن تقوم حداثتكم عبر دبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أو غواصة فرنسية ؟
قالوا بأن كلامنا هنا يتعلق بالإرهاب الديني ، ونحن ضد إقامة دولة دينية ، لذا لا مانع من الاستعانة بالأمريكان والبريطانيين والفرنسيين ، في سبيل إقامة دولة مدنية على أنقاض دولة دينية مستبدة !
ثم إننا نؤكد دائماً على إخضاع المقدس والتراث والتشريع والقيم الأخلاقية للنقد العميق
وهذا هو نقدنا العميق
هل فهمت الآن ياناااااااااااقد1
نعم فهمت جيدااااا
حينها ولوا بعدها مدبرين مالهم من الله من عاصم ، يعصم ألسنتهم وأقلامهم عن التطاول على كل ماهو اسلامي ....... ومن يضلل الله فماله من هاد

لقد تحدثوا في كل شيء ، ولكنهم لم ينظروا بطرفة عين إلى تلك البغلة المسكينة ، فضلاً عن نظرة شفقة ومساعدة لهذا المسكين الفقير الذي اتضح أنه أبله ، و أمي لا يقرأ ولا يكتب ، و لا يعرف من أحكام اللحية شيئاً
بل إنه يعاني من حرمان ثقافي شديد ، ومع هذا حسب هؤلاء القوم فعله على الإسلاميين وطالبوا بنقض مشروعهم رأساً على عقب
وإن أعجب من هؤلاء ، فالعجب كل العجب أن أرى في عامة الناس ، من يعد " اللحية " ميزاناً يزن به تقوى وصلاح الآخرين !
ورحم الله ابن عبد البر حين قال : " رب محلوق خير من ذي شعر ، ورب ذي شعر رجلاً صالحا "

بقي أن أبين لكم كيف عرفت أن هذا الملتح " أبله "
لقد وقعت من جعبة تلك البغلة ورقة كتبها صديق له وكان يحتفظ بها المسكين ظناً منه أنها قصيدة مدح لبغلته ، وماعلم أن القصيدة تقول :

لك يا صديقي بغلة *** ليست تساوي خردله
تمشي فتحسبها العيو*** ن على الطريق مشكله
وتخال مدبرة إذا *** ما أقبلت مستعجله
مقدار خطوتها الطويـ *** ـلة حين تسرع أنمله
تهتز وهي مكانها *** فكأنما هي زلزله
أشبهتها بل أشبهتـ *** ـك كأن بينكما صله
تحكي صفاتك في الثقا *** لة والمهانة والبله


دمتم بخير


----------------------

* هذه الاقتباسات من مقال لليبرالي شاكر النابلسي بعنوان ، من هم الليبراليون العرب الجدد ، وما هو خطابهم ؟