كلــهم يكــــذبون !!

ولد المريدسية · 28-08-2007, 02:14 PM

==========( 1 )==========
أمسِ ..
وفي قلبِ العاصمَـة الرياض ..
وفي أعرَق شوَارعها .. وأضخـم مبَـانيها ..
هناك حيثُ المبنى الشامخُ الباذخُ الذي يُطاول السمَـاء ..
وفي مَكـانٍ قصيّ منه يقبـعُ المَركز الوطني لعلاج الأمرَاض المُزمنة .. ولأنّ ( صاحبَــنا ) لديه مَرض عُضـال فقد امتطى سيَارته إلى هذا المَركز ، حاملاً معه آمَالاً عريضـة ، ووعُوداً خلابة ، سيّما وأنّ الإعلانَ الذي قرأه في الجَـريدة كانَ مشفوعاً بتخفيضٍ يَصـلُ إلى الـ 30 % .. وهو الذي طاف البلاد شرقاً وغرباً باحثاً عن أسرَابِ علاج ..
في المستشفى قابلَ الدكتورَ أحمدَ ، والذي تسبقه سُمعتُـه ، لكنّـه لقاءٌ عابر ؛ إذ أخذ منه مَعلوماتٍ أوليّــة ، وفحوصَاتٍ تقليـدية ، ليُـنهيَ المقابلة بورقةٍ فيها بعضُ الأدوية ..
الطامّـة الكبرى لم تكنْ في الأسعَار الخياليّـة للفحوصَات ..
ولا في سِعــر الأدوية البـَاهض .. ولا في التحاليل الروتينية ..
الطامّـة الكبرى أنهم : كلهم يكذبون !!

==========( 2 )==========
اتصـالٌ هاتفي ..
ورنّـة تتبعها رنّـة .. والضيفُ قادم مِن خارج المدينة ..
ولأنّ عُرفنا يقضي بإكرام الضيفِ بصورة خياليّـة ، لذا يلزمُ الذهابُ فوراً إلى السوق وشراء ( الذبيحة ) .. مَعَ بعضِ الأغراض الضرورية لمثل هذهِ المناسبات ..
والتكلفة التقريبية هيَ ما بين الـ 1200 إلى الـ 1500 ، هذا في أحَسْن الأحوال .. ناهيـك عمّـا يفعله البعضُ من مُباهاةٍ وفخر ، لا لشيء .. إلا لتسجيــل اسمه في سجل الشرف العائلي !!
أكملَ ( أبوعبدالله ) جَميع التجهيزات لاستقبال هذا الضيف اللعين – كما يُسمّيـه !!
فلا تربطه به علاقة قوية ، ولمْ يحصُـل بينهما لقاءات ذات عُمق ..
أثناءَ تناول الوجبة التي لم يجلسْ عليها إلا أربعة أشخاصٍ كانَ ( أبوعبدالله ) لا يكفّ عن الترحيبِ بضيفِهِ ، وَاستقباله استقبالَ الأم لوليدها ، بلْ لقد سمعتُـه يقول بأنّ هذا اليومَ هو العيدُ الثالث في السّـنة !!
انتهت المناسبَـة ، وأخلد الضيفُ إلى النوم ، فلديه في الغد مَجموعة مِن المَواعيد يلزمه إنهاءَها ..
وحينَ قابلتُ ( أبا عبدالله ) مِن الغد رأيتُـه مُمتقـعَ اللون ، شاحبَ الوجه ، فسألته عَن ضيفِه ، فابتـدرني لاعنـاً سَـابّـاً هاتيك السّـاعة التي عرفه فيها !! صـَـابّـاً جامَ غضبهِ على العائلة التي جلبتْ له الفقرَ والعـَـوز ..
والمشكــلةُ - يا إخــوان – أنهـم : كلهم يكذبون !!

==========( 3 )==========
جاءني شاكيـاً باكيـاً ..
الولدُ رَسـبَ في ثلاثِ مَواد ، ولديه أربـعُ قضايا أخلاقية ، وَخطرُ النقل التــأديبي يُـلاحقه ..
في البحثِ عن التفاصيـل نجـدُ أنّ هذا الأب مُهملٌ إهمَـالاً كاملاً أثناء العام الدراسي .. مُضيـّـع لرعيتهِ .. تاركٌ لهمُ الحَبل على الغـَارب ..
في إحدى جلسـَاتي مَعه أخبرني أنّ أولاده لا يخرجون مِن البيت إلا إلى المَسجد فقط .. وأنّ مراقبـته لهم شديدة ، والمُلاحظة عليهم تمشي على قدمٍ وَسَـاق .. مع أنني أرَاهم – دَوْمـاً – في الحـارة يلعبون الكرة .. يَرمون العَمَالة بالعصيّ والحَصى .. مَا يذرُون من شيءٍ أمَامهم إلا جعلوه كالرّميـم ..
هُـنـا .. كان لي أنْ أتسـَـاءَل !!
إذا كانَ كل أبٍ يقولُ بأنّ أولاده هُم المثاليون .. وَكل مسؤولٍ يشهـد لنفسِه بالكمَـال ، ولطريقتـه في التربية بالنضـجِ والنبــوغ ..
أقولُ : إذا كان هؤلاء كلهم يقولونَ هذا الكـلام ..
فالذينَ أراهم في الشوارعِ أبنــاءُ مَنْ ؟
والذينَ أحالوا الأحيَـاء إلى أوْكار أبنــاءُ مَنْ ؟
والذينَ غصّـت بهم دُور الأحداث أبنــاءُ مَنْ ؟
والذينَ ملؤوا أقسَام التوقيف أبنــاءُ مَنْ ؟
المُصيــبة – أحبتي – أنهـم : كلهم يكذبون !!

.
.

28-08-2007, 02:14 PM	#1
ولد المريدسية عـضـو تاريخ التسجيل: Apr 2003 المشاركات: 659	كلــهم يكــــذبون !! ==========( 1 )========== أمسِ .. وفي قلبِ العاصمَـة الرياض .. وفي أعرَق شوَارعها .. وأضخـم مبَـانيها .. هناك حيثُ المبنى الشامخُ الباذخُ الذي يُطاول السمَـاء .. وفي مَكـانٍ قصيّ منه يقبـعُ المَركز الوطني لعلاج الأمرَاض المُزمنة .. ولأنّ ( صاحبَــنا ) لديه مَرض عُضـال فقد امتطى سيَارته إلى هذا المَركز ، حاملاً معه آمَالاً عريضـة ، ووعُوداً خلابة ، سيّما وأنّ الإعلانَ الذي قرأه في الجَـريدة كانَ مشفوعاً بتخفيضٍ يَصـلُ إلى الـ 30 % .. وهو الذي طاف البلاد شرقاً وغرباً باحثاً عن أسرَابِ علاج .. في المستشفى قابلَ الدكتورَ أحمدَ ، والذي تسبقه سُمعتُـه ، لكنّـه لقاءٌ عابر ؛ إذ أخذ منه مَعلوماتٍ أوليّــة ، وفحوصَاتٍ تقليـدية ، ليُـنهيَ المقابلة بورقةٍ فيها بعضُ الأدوية .. الطامّـة الكبرى لم تكنْ في الأسعَار الخياليّـة للفحوصَات .. ولا في سِعــر الأدوية البـَاهض .. ولا في التحاليل الروتينية .. الطامّـة الكبرى أنهم : كلهم يكذبون !! ==========( 2 )========== اتصـالٌ هاتفي .. ورنّـة تتبعها رنّـة .. والضيفُ قادم مِن خارج المدينة .. ولأنّ عُرفنا يقضي بإكرام الضيفِ بصورة خياليّـة ، لذا يلزمُ الذهابُ فوراً إلى السوق وشراء ( الذبيحة ) .. مَعَ بعضِ الأغراض الضرورية لمثل هذهِ المناسبات .. والتكلفة التقريبية هيَ ما بين الـ 1200 إلى الـ 1500 ، هذا في أحَسْن الأحوال .. ناهيـك عمّـا يفعله البعضُ من مُباهاةٍ وفخر ، لا لشيء .. إلا لتسجيــل اسمه في سجل الشرف العائلي !! أكملَ ( أبوعبدالله ) جَميع التجهيزات لاستقبال هذا الضيف اللعين – كما يُسمّيـه !! فلا تربطه به علاقة قوية ، ولمْ يحصُـل بينهما لقاءات ذات عُمق .. أثناءَ تناول الوجبة التي لم يجلسْ عليها إلا أربعة أشخاصٍ كانَ ( أبوعبدالله ) لا يكفّ عن الترحيبِ بضيفِهِ ، وَاستقباله استقبالَ الأم لوليدها ، بلْ لقد سمعتُـه يقول بأنّ هذا اليومَ هو العيدُ الثالث في السّـنة !! انتهت المناسبَـة ، وأخلد الضيفُ إلى النوم ، فلديه في الغد مَجموعة مِن المَواعيد يلزمه إنهاءَها .. وحينَ قابلتُ ( أبا عبدالله ) مِن الغد رأيتُـه مُمتقـعَ اللون ، شاحبَ الوجه ، فسألته عَن ضيفِه ، فابتـدرني لاعنـاً سَـابّـاً هاتيك السّـاعة التي عرفه فيها !! صـَـابّـاً جامَ غضبهِ على العائلة التي جلبتْ له الفقرَ والعـَـوز .. والمشكــلةُ - يا إخــوان – أنهـم : كلهم يكذبون !! ==========( 3 )========== جاءني شاكيـاً باكيـاً .. الولدُ رَسـبَ في ثلاثِ مَواد ، ولديه أربـعُ قضايا أخلاقية ، وَخطرُ النقل التــأديبي يُـلاحقه .. في البحثِ عن التفاصيـل نجـدُ أنّ هذا الأب مُهملٌ إهمَـالاً كاملاً أثناء العام الدراسي .. مُضيـّـع لرعيتهِ .. تاركٌ لهمُ الحَبل على الغـَارب .. في إحدى جلسـَاتي مَعه أخبرني أنّ أولاده لا يخرجون مِن البيت إلا إلى المَسجد فقط .. وأنّ مراقبـته لهم شديدة ، والمُلاحظة عليهم تمشي على قدمٍ وَسَـاق .. مع أنني أرَاهم – دَوْمـاً – في الحـارة يلعبون الكرة .. يَرمون العَمَالة بالعصيّ والحَصى .. مَا يذرُون من شيءٍ أمَامهم إلا جعلوه كالرّميـم .. هُـنـا .. كان لي أنْ أتسـَـاءَل !! إذا كانَ كل أبٍ يقولُ بأنّ أولاده هُم المثاليون .. وَكل مسؤولٍ يشهـد لنفسِه بالكمَـال ، ولطريقتـه في التربية بالنضـجِ والنبــوغ .. أقولُ : إذا كان هؤلاء كلهم يقولونَ هذا الكـلام .. فالذينَ أراهم في الشوارعِ أبنــاءُ مَنْ ؟ والذينَ أحالوا الأحيَـاء إلى أوْكار أبنــاءُ مَنْ ؟ والذينَ غصّـت بهم دُور الأحداث أبنــاءُ مَنْ ؟ والذينَ ملؤوا أقسَام التوقيف أبنــاءُ مَنْ ؟ المُصيــبة – أحبتي – أنهـم : كلهم يكذبون !! . .