بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » = الى المستهزئين بالدين واهله : إمهال الله لكم يُظهر معنى اسمه سبحانه ( الحليم )

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 21-09-2007, 01:34 AM   #1
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
= الى المستهزئين بالدين واهله : إمهال الله لكم يُظهر معنى اسمه سبحانه ( الحليم )

لَقَدْ قَرَنَ الله - تبارك وتعالى - في عِدَّةِ آياتٍ من كتابه الكريم اسْمَه ( الغفور ) بـ ( الحليم ) ( ) ، ويظْهر معنى اسمه ( الحليم ) واقعاً بِمَا نَراهُ من إمهالِهِ  لكثيرٍ من الزنادقة والظَّلَمَةِ والعُصَاةِ دونَ أنْ يَأخُذهُم بعذابٍ عاجِلٍ ، ومنهم مَن يُمْهِله تعالى مُدَّةً ثم يأخذه أخْذَ عزيزٍ مُقتَدِرٍ ويجعله عِبْرَةً لِخَلْقِهِ .
قال ابنُ الجوزي ~ : ( مَا زِلْتُ أسْمَعُ عن جَمَاعَةٍ من الأكَابِرِ وأرباب الْمَنَاصِبِ أنَّهُم يَشْربُون الْخُمور ويفسُقُون ويظْلِمُون ويفعلـون أشياءً توجب الْحُدُود ، فبقيتُ أتفَكَّرُ أقـول : متَى يثبتُ عَلَى مِثْلِ هَؤلاَءِ مَا يوجب حَدًّا ؟! ، ولو ثَبَتَ فَمَن يُقيمه ؟! ، وأستبعد هذا في العَادة لأنهم في مَقَامِ احَترامٍ لأجْلِ مَناصِبِهِمْ ، فبقيتُ أتفَكَّرُ في تعطيل الْحَد الواجبِ عليهم حتى رأيناهم قَدْ نُكِبُوا وأُخِذُوا مَرَّاتٍ ، ومرَّت عليهم العَجَائِبِ ، فقُوبل ظُلْمُهُمْ بأخْذِ أموالهِم ، وأُخِذَتْ منهم الحدود مضاعفةً بعد الْحَبْسِ الطويلِ والقَيْدِ الثقيل والذُّلِّ العظيم ، وفيهم مَنْ قُتل بَعْدَ مُلاَقاة كلِّ شِدَّة ، فعَلِمْتُ أنه  ما يُهْمِلُ شَيْـئًا ، فالْحَذَرُ الْحَذَرُ فإنَّ العقوبةَ بالْمِرصاد ! ) انتهى ( ) .
وإذا كان هذا في شأنِ ظُلْمِ النَّاس وكيف يعجل الله عقوبته لِمَن يَظلمهم فما بالُك بِمَن ظَلَمُوا أنفُسَهم أعْظَم الظُّلْمِ بسبِّهم لله تعالى وجرأتهم عليه ! ، فإنْ لَم يُعجِّل لهم الله  العقوبةَ في الدنيا لحكمته البالغة وحِلْمِه العظيمِ فهل سيكونون بِمَأمَنٍ من عذابه يوم يُبعَثُون .. وهو سبحانه وبحمده يقول :  وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ  ( ) .
ومِمَّا يُبيِّن إمهالَ الله للعَبْدِ فإذا تَمَادَى أخَذَهُ أخْذَ عزيزٍ مُقتَدِر ما تقدَّم ذِكْرُه من قول النبيِّ  : ( إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ) ، ثم قرأ قوله تعالى :  وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ  ( ) ) ( ) .
وقال تعالى :  وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ  ( ) .
وقدْ ذكَرْنَا في هذه الرِّسَالةِ مِمَّا يَدُلُّ على ذلك بعضَ قَصَص أخْذِ الله للزنادِقَةِ والظَّلَمَةِ في الزَّمَنِ الْمَاضِي والحاضِر .
وقد جَاءَ عن مُعَاذ بن جبل  أنه قال : ( كان في بني إسرائيل رجُلٌ عقيم لاَ وَلَدَ لَه ، وكان يَخْرُجُ فإذَا رأى غُلاَماً من غِلْمَان بني إسرائيل عليه حُلِي يَخْدَعه حتى يَدْخُل بَيْتَه فَيقتله وَيُلْقِيه في مَطْمُورَةٍ له ، فبينما هو كذلك إذْ لقي غُلاَمَيْن أخَوَيْن عليهما حُلِيٌّ فَأدخلهما بيته وَقَتلهما وطَرَحَهُمَا فِي مَطْمُورَتِه ، وكانَتْ لَهُ امرأة مُسْلِمَة تنهاهُ عن ذلك وتقول له : " إِنِّي أحَذِّرُكَ عَن النِّقْمَةِ من الله  " ، فيقول : " لَوْ أنَّ الله يأخذنِي على شيء لأخَذَنِي يومَ فَعَلْتُ كَذَا وكَذَا " ، فتقول له الْمَرْأةُ : " إنَّ صَاعَك لَمْ يَمْتَلِئْ ، وَلَوْ امتلأ صَاعُكَ لأُخِذْتَ ! " ، فلمَّا قَتَلَ الغُلاَمَيْن خَرَجَ أبوهُمَا فِي طَلَبِهِمَا فَلَمْ يَجِدْ أحَداً يُخْبِره عنهما ، فَأَتَى نَبِيًّا من أنبياءِ بَنِي إسْرَائيل وذَكَر ذلك له ، فقال له ذلك النبيُّ : " هَلْ كَانَ مَعَهُمَا لُعْبَةً يَلْعَبَان بِهَا ؟! " ، فقال أبوهما : " نَعَمْ ، كَانَ لَهُمَا جِرْوٌ " ، قَالَ : " فَأْتِنِي به " ، فأتَاهُ به ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ خَاتَمَه بين عَيْنَيْهِ ، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَه ، ثم قال : " أوَّلُ دَارٍ يَدْخُلُهَا مِنْ دُورِ بَنِي إسرائيل فيها بَيانُ ذلك " ، فأقبل الْجِرْو يَتَخَلَّل الدُّورَ حتى دَخَلَ دَاراً من دُورِ بني إسرائيل ، فَدَخَلُوا خَلْفَهُ ، فوجَدُوا الغُلاَمَيْن مَقْتُولَيْن مَعَ غِلْمَان كَثِيرَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ وَطَرَحَهُم في الْمَطْمُورَةِ ، فانطَلَقُوا به إلى ذلك النَّبِيِّ  ، فأمَرَ به أنْ يُصْلَب ، فَلَمَّا رُفِعَ إِلَى الْخَشَبَةِ أتَتْهُ امْرَأتُهُ وقالت : قَدْ كُنْتُ أُحَذِّرُكَ هَذا اليَوم ، وأُخْبِرُكَ أنَّ اللهَ غير تارِكِكَ وأنتَ تَقُول : " لَوْ أنَّ الله يأخُذنِي على شَيْءٍ لأخَذَنِي يومَ فَعَلْتُ كَذَا وكَـذَا " ، فأُخْبِرك أنَّ صَاعَكَ لَمْ يَمْتَلِئ بَعْـدُ ، أَلاَ وَإِنَّ صَاعَكَ قَدْ امْتَلأ ! ) أخرجه البيهقي ( ) .
وفي هذه القصةِ وما تقدَّم ذِكْرُه من القصصِ عِظَةٌ واعْتِبَارٌ فِي أخْذِ الله مَن يأخذُ بالعِقَاب ، وإمهاله مَن يُمْهِل ! ؛ فَألاَ يَخَافُ أحَدُنا أنَّ صَاعَهُ قَد امْتلأ أوْ قَارَب ؟! .
ولاَ تظُنَّنَّ أنَّ مَن لاَ يَزَالون يُحَاربون الله - سبحانه وبحمده - ويسبُّونه ، ويُصِرُّون على ارتكابِ الكُفْرِ والفُجُور ، فأمْهلهُم الله بِحِكْمَتِهِ وَحِلْمِه ولَم يُدركهم بِعَذابه في الدنيا أنَّهُمْ قد أفلتوا من العِقَابِ والعذاب إن لَم يتداركهم الله برحْمَتِهِ ..  بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ  ( ) ! .
وقد قال تعالى :  وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ  ( ) .
وقال سبحانه :  وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ  ( ) ، قال ابن جَرِيرٍ الطَّبَرِي ~ : ( يَعْنِي بِذَلك تَعَالَى ذِكْرُهُ : ولاَ يَظُنَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا باللهِ وَرَسُولِهِ وَمَا جَاء بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ أنَّ إِمْلاَءَنا لَهُمْ خَيرٌ لأنفُسِهِمْ ، وَيَعْنِي بـ" الإِمْلاَءِ " : الإِطَالة فِي العُمُرِ ، والإِنْسَاء فِي الأجَل ، ومنه قوله - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - :  وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا  ( ) أي : حِينًا طَوِيلاً ، وقوله :  إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً : إِنَّمَا نُؤَخِّر آجَالَهُمْ فَنُطِيلهَا لِيزدَادُوا إِثْمًا ، يقول : يَكْتَسِبُوا الْمَعَاصِي فَتَزْدَاد آثَامُهُمْ وَتَكْـثُر ؛  وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ يقول : وَلِهَؤُلاَءِ الذين كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ في الآخِرَةِ عُقُوبَة لَهُم مُهِينَة مُذِلَّة .قال « عبد الله بن مَسعود »  : [ مَا مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ وَلاَ فَاجِرَةٍ إِلاَّ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهَا ، وقَرَأ :  وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً ..  ، وَقَرَأ :  نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ  ( ) ] ) انتهى ( ) .
وهَا نَحْنُ نُشَاهد كُلَّ يومٍ كيف يُسَاقُ الناسُ إلى الْمَقابر رِجَالاً ونسَاءً ، وِشِيباً وشُبَّاناً .. فَهَل مِنْ مُعْتَبِرٍ أيها الزنادقة وَيَا مَن تُبَارِزُونَ الله بالكُفْرِ والْمَعاصي والفُجُور ؟! ؛ فيا هؤلاء :  اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ  ( ) ،  وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ  ( ) ،  وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ  ( ) ؛ ( ) ، فاللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ .. اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ .
واللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، وَعَلَيْهِ التُّكْلاَنُ .
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

* كتاب : تعدى السيل الزبي للشيخ عبدالكريم بن صالح الحميد وفقه الله تعالى

آخر من قام بالتعديل مهتم; بتاريخ 21-09-2007 الساعة 01:36 AM. السبب: اضافة بالعنوان
مهتم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)