|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
23-09-2002, 01:57 AM | #1 |
Guest
تاريخ التسجيل: Sep 2002
المشاركات: 29
|
مشروعية محاسبة الحكام للشيخ /المسعري
مشروعية محاسبة الحكام إن المهمة الأساسية للحاكم، هي رعاية شؤون الأمة، لأنه ما نصب إلاّ لذلك، فإذا قصر في هذه الرعاية، وجبت محاسبته، فالشرع جعل المسلمين الحق في محاسبة الحاكم، وجعل المحاسبة على المسلمين فرض كفاية، فالأمة قوامة عليه، يلزمها الانكار على ما يقصر به في مسؤولياته، أو يسيئ في تصرفاته.
فقد قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً} (البقرة، 143:2 )، كما قال: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله، شهداء بالقسط) (المائدة 8:5)، كما قال: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) (النساء، 135:4). فكيف تكون الأمة شهيدة على الناس إذا لم تكن قوامة بالقسط شاهدة على نفسها؟ وذلك يقتضي ليس فحسب الشهادة على كل فرد من أفرادها، بل كذلك الشهادة على الجماعة، بوصفها جماعة، وعلى الحكام، والقوامة عليهم بالقسط. كما روى عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا". هذا حديث صحيح رواه مسلم، وفي لفظه له: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة". كما رواه أبو داود أيضاً عن ام سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون عليكم أئمة تعرفون منهم وتنكرون، فمن أنكر بلسانه فقد برئ، ومن كره بقلبه فقد سلم، ولكن من رضي وتابع". فقيل: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صلوا" رواه أبو داود. أي من عرف المنكر فليغيره، ومن لم يقدر على تغييره فأنكر ذلك بقلبه فقد سلم فالمسلمون جميعاً، يجب عليهم أن يحاسبوا الحاكم للتغيير عليه، ويكونون آثمين إذا رضوا بأعمال الحاكم التي تنكر، وتابعوه عليها. وكون الأمة تحاسب الحاكم، لا يناقض وجوب طاعته، لأن طاعة الحاكم إنّما هي في المعروف، فإذا خرج الحاكم عن حدود الشرع فلا طاعة له، بل إن الأمة تعصي الله تعالى إن فعلت ذلك، لأنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". وقد بلغ الإسلام الذروة في الإنكار على الحاكم، لدرجة أنه عدَّ من يموت بسبب محاسبة الحاكم شهيداً بل من أفضل الشهداء، ودعا إلى مقاومتهم بالوسائل المادية، والقوة المسلحة، إذا أظهروا الكفر البواح، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: "أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، واثرة علينا، وأن لا تنازع الأمر أهله، إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان"، وفي رواية: "وأن نقول الحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم" وهذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد. فالاسلام قد حث المسلمين على مقاومة الطغيان، وهذا حق المسلمين، لا يجوز منعهم منه، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه" أخرجه أبو داود والترمذي، فالأمة تستقيم للحكام ما استقاموا لها، فإذا لم يفعلوا، فالشرع يطالب المسلمين بمعصيتهم، وعدم طاعتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". فإنكار المنكر أمر واجب على كل مسلم بلا نزاع، بحسب القدرة، لما جاء في الحديث الصحيح: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وهذه قاعة شرعية عظيمة. والإنكار على السلطان ونحوه داخل في عموم هذه القاعدة، وهو فرض على المسلمين. والأدلة على ذلك متواترة منها العام ومنها الخاص بالأمراء والحكام. أما العام فالمراد أدلة الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض على المسلمين، بدليل ما لا يُعد ولا يُحصى من النصوص. فمن القرآن الكريم: a قال تعالى حكاية عن لقمان: (يا بني أقم الصلاة، وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر، وأصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور) (لقمان، 71:31). a قال تعالى: (.. ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز a الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة، وأتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور) (الحج، 22: 4 ـ 41). فذكر جل وعلا في الآية إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهما فرض وعدّ معهما في نفس المرتبة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. a قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون a واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون a ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيمa يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم، أكفرتم بعد إيمانكم؟! فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون a وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) (آل عمران، 3: 102 ـ 107). a قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله، ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) (آل عمران، 3: 110). جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببا في الخير، وقريناً للإيمان مساوياً له في المرتبة، فكان ذلك طلباً جازماً للفعل. a قال تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون a كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون a ولو كانوا يؤمنون بالله، والنبي، وما أنزل إليه، ما اتخذوهم أولياء، ولكن كثيراً منهم فاسقون)، (المائدة، 5: 78 ـ 81). جاء في تفسير هذه الآية عن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا، اتق الله ودع ما تصنع به فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حالهن فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون a كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون a ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم… ـ إلى قوله ـ فاسقون}. ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً.." رواه أبو داود واللفظ له، وأحمد والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهاهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وآكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون"، فجلس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وكان متكئاً فقال: "لا، والذي نفسي بيده حتّى تأطروهم على الحق أطراً". ورواه الطبراني عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه بلفظ: "إن من كان قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل العامل منهم الخطيئة فنهاه الناهي تعذيراً، فإذا كان الغد جالسه، وآكله وشاربه، كأنه لم يره على خطيئة، فلما رأى الله تعالى ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، والذي نفس محمد بيده: لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي المسئ ولتأطرنه على الحق أطرا، لو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم". وهذه الآية مع مجموع هذه الأحاديث المفسرة لها حجة قاطعة على فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذه الأمة، كما كان كذلك على بني إسرائيل، وتركه أو التقصير فيه من قبل أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم سبب للعنة والطرد من رحمة الله، وسوء العاقبة كما كان كذلك بالنسبة لبني اسرائيل، أو أشد. a قال تعالى: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض، يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، ويقبضون أيديهم، نسوا الله فنسيهم، إن المنافقين هم الفاسقون a وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها، هي حسبهم، ولعنهم الله، ولهم عذاب مقيم} (التوبة، 9: 67 ـ 68). فجعل الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من الصفات الأصلية المميزة للمنافقين، وكفى بذلك ذماً شديداً. a قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم a وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها، ومساكن طيبة في جنات عدن، ورضوان من الله أكبر، ذلك هو الفوز العظيم}، (التوبة 9: 71 ـ 72) . فجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص صفات المؤمنين، الذين استحقوا بها رضوان الله وجنته، بل قدم ذلك في الذكر على بعض الأركان كالصلاة والزكاة! a قال تعالى: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} (التوبة، 9: 112). ومن السنة المطهرة: a عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". حديث صحيح مجمع على صحته عند أئمة هذا الشأن، بل عند المسلمين جميعاً، رواه مسلم، والترمذي، وابن ماجة، والنسائي، ولفظ النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: "من رأى منكم منكراً فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده، فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ، وذلك أضعاف الإيمان". a وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلاّ كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". حديث صحيح رواه مسلم واللفظ له، وأحمد. وهو شاهد بمعناه، وتأكيد لحديث أبي سعيد الخدري السابق. a وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)، رواه البخاري ومسلم. a وأخرج أحمد عن جابر رضي الله عنه في حديث طويل عن بيعة العقبة الثانية، حتّى قال: [… فقلنا: يا رسول الله! علام نبايعك؟! قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله: لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني: فتمنعوني، إذا قدمت عليكم، مما تمنعون منه أنفسكم، وأزواجكم، وأبنائكم؛ ولكن الجنة!.. الخ]. وقصر الحافظ في "الفتح" حين قال: (إسناده حسن)، والحق أنه صحيح: صححه ابن حبان والحاكم. وفي البداية والنهاية: إسناده جيد على شرط مسلم، ولم يخرجوه. وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح. كما رواه أحمد والبيهقي من طرق أخرى، ورواه البزار بنحوه مع زيادات. a وأخرج البيهقي، بإسناده جيد قوي، عن عبيد الله بن رافع رضي الله عنه قال: قدمت روايا خمر، فأتاها عبادة بن الصامت رضي الله عنه فخرقها، وقال: (إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول في الله: لا تأخذنا فيه لومة لائم، وعلى أن ننصر رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا قدم علينا يثرب مما نمنع به أنفسنا، وأزواجنا، وأبنائنا؛ ولنا الجنة! فهذه بيعة رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، التي بايعناه عليها). وقد رويت هذه البيعة من طرق كثيرة، تفيد القطع واليقين، عن عبادة بن الصامت، رضي الله تعالى عنه. والظاهر أنه رضي الله عنه كان يقولها في مناسبات مختلفة مطولة، أو مختصرة حسب المقام، وبألفاظ مقاربة: ـ ففي البداية والنهاية من طريق يونس عن ابن إسحاق حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن ابيه عن جده رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بيعة الحرب: على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الامر أهله، وأن نقول بالحق أينما كنا: لا نخاف في الله لومة لائم). ـ |
الإشارات المرجعية |
|
|