كثير من المحدثين والدعاة يرددون حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي – عليه الصلاة والسلام - , هذا الحديث هو ضعيف في نظري , إذ وردت فيه جملة لا تستقيم وفهم معاذ , ولا يحسن أن تكون من مثله , تلك الجملة عبارة عن سؤال لا أرى له داعٍ البتة , فقد شككت فيه حين علمت خطأ ذلك السؤال .
هذا الحديث هو من رواية الترمذي , وقال إنه حديث حسن صحيح , ولست أدري كيف تأتيه الصحة وهو مرتكز على سؤال لا ينم عن رجل راشد ؟ فكيف بمن أسلم وهو ابن ثمانية عشرة سنة , وشهد بدرًا والمواقع كلها , بل لرجاحة عقله بعثه إلى اليمن داعيًا بعد غزوة تبوك , فلا أرى أن هذا الحديث يصح البتة .
جاء في الحديث قوله : ( . . . قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت بلى يا رسول اللّه ، قال : فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا . فقلت : يا نبي اللّه ؛ وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم ) .
إن معاذًا يعرف أن للسان قيمة , وأن الكلمة تعقد عليها الأمور , ولسان العربي حصانه , يطأ به أو يوطأ به , ويصون النفس إن صانته , ويذلها إن ذلته , فيستحيل أن يسأل معاذ هذا السؤال وهو من هو في نباهته وعلمه .
إن الحديث مكذوب بلا شك وبلا مواربة عندي , فلو كان السائل غير معاذ لصدقت بالحديث .