القرآن كلام الله – سبحانه - , وهو كتاب لا ريب فيه , وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي , لذلك نجد أنه قول ثقيل كما ثقل الدين الذي يدعو إليه ( إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) , فالنفس تركن إلى الهوى وإلى الراحة والدعة , ولا تريد المشاق , فهو دين ثقيل بلا جدال .
حين نتأمل في لغة القرآن وألفاظه نجد أنها تعج بالحدة مع الخصوم المناوئين , فهم ملعونون تارة , ومن أصحاب الجحيم , وسحقًا لأصحاب الجحيم , وأمرنا ألا تأخذنا رأفة في الكفار , وفيه تقريع قوي في قوله ( تبَّت يدا أبي لهب ) , وفي قوله ( الأعراب أشد كفرًا ونفاقًا ) , وفيه آيات كثيرة يصعب حصرها في مقال يسعى إلى الاختزال ما أمكن .
حين يقرأ المسلم تلك الألفاظ الحادة في النمط النقدي ؛ فإنه يتأثر سلبًا في استعمال تلك الألفاظ مع الخصوم , فنراه يقتبس من القرآن تلك الكلمات وأمثالها فيسقطها على خصومه بلا تحفظ , على أن القرآن لم يُرد أن يعلِّم المسلم الحدة في النقد , وإنما أراد أن يلهمه الجدال بالتي هي أحسن , وبالموعظة الحسنة ! !
إن القارئ في القرآن يلحظ شيوع تلك الألفاظ , فإذا هو يتأثر بها من حيث يدري ولا يدري , وقد كان النبي – عليه الصلاة والسلام – خلقه القرآن كما عن عائشة – رضي الله عنها - , فما بال كثير من المسلمين اليوم يعوِّلون على تلك الألفاظ فيسقطونها على غيرهم من المسلمين ؟ !
كل قارئ يتأثر بما يقرأ , وإني لأسأل هنا : ما الحكمة من كثرة تلك الألفاظ في القرآن التي تدل على الحدة في النقد مع الخصوم ؟ ! بينما هو يدعو إلى الجدال بالتي هي أحسن !!