[برق1]

تمهيد

تسوية الصفوف وسد خللها في الصلوات مطلب شرعي
قد كثرت الأحاديث الصحيحة فيها كثرة تؤكد عظيم أمرها
وهي في الصلوات الخمس والجمعة واجبة
و جمع من الأئمة رأى أنها سنة
فمن رآها سنة احتج بقوله صلى الله عليه وسلم :
{ سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة }
فتسوية الصفوف بنص هذا الحديث تتمّة للصلاة , لا واجب من واجباتها .
ومدار استنباطهم الاستحباب من الحديث ما أوجزه في شرح الأحكام الصغرى , قال :
" قد يؤخذ منه أنه مستحب غير واجب لأنه لم يذكر أنه من أركانها ولا من واجباتهاوتمام الشيء زائد على وجود حقيقته التي لا يسمى إلا بها في مشهور الاصطلاح وقد يطلق بحسب الوضع على بعض مالا تتم الحقيقة إلا به "

ولعل ذهابهم إلى سنيته كان لظنهم أن وجوبه يجعله من واجبات الصلاة , غافلين عن أنه واجب مستقل عنها وعبادة منفردة .
قد ضنوا أنه لو تُرك عنوة وهو واجب بطلت صلاة تاركه , فاحتجوا على سنيته بأن الحديث يشهد بكون الصلاة صحيحة لا تبطل ولكن التسوية تمام لها فقط .
وهو فهم غريب .
وتردّه أحاديث أخرى فيها الوعيد لمن ترك التسوية .
منها ما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا باديا صدره فقال : { لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم }وما في أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أقيموا صفوفكم وحاذوا بين الأعناق وسددوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفًا وصله الله ومن قطع صفًا قطعه الله }
هذا الوعيد يبطل احتجاج من رأوا سنيتها بحديث { ... فإن تسوية الصف من تمام الصلاة }
فكيف يرِد وعيد من الشارع على ترك أمر مستحب ؟!
ولهذا كان من قواعد الأصول أن ( ما يترتب على تركه وعيد فهو واجب )
والجمع بين وجوبه وبين كونه لا تبطل الصلاة بتركه أنه عبادة منفصلة وواجب مستقل لا من واجبات الصلاة , بل هو للصلاة كالغسل للجمعة على من يرى وجوبه ’ لو ترك لم تبطل الجمعة .

الموضوع

هل فطن الإخوة الكرام إلى سوء حال الصفوف في صلاة العيد ؟
الله تعالى أمرنا بتسوية الصفوف وسدّ الخلل .
فلا نحن سددنا الخلل , ولا سوّينا الصفوف .
فهل لهذا من أسباب ؟
نعم , ومنها :
1- جهل بعضنا بأهمية الأمر - زادهم الله علما -.
2- تهاون البعض على علم بأمر التسوية - هداهم الله - .
3- عدم اهتمام الأئمة بشأن تسوية الصفوف !
وهو بيت القصيد من الموضوع
فكثرة المصلين في الجمع والأعياد , وأكابر مساجد الله كالمسجد الحرام والمسجد النبوي , وكذا عدم وجود ما يشير إلى الصف في مصليات الأعياد , كل هذا يتطلب وقتا أطول لتسوية الصفوف
والملاحظ أن الأئمة في هذه المواسم والمواطن يشرعون مكبرين دونما رعاية لكثرة المصلين وحاجتهم إلى وقت لتسوية صفوفهم وسد خللها

وفي مصليات الأعياد :

ما إن يرى الناس الإمام داخلا حتى يهبّوا ناهضين .
لكن
هل يكفي هذه الجموع أن يقف الإمام عشر ثوان أو ربع دقيقة فيكبّر ؟
صليت خلف الشيخ الدكتور عبد العزيز الشاوي , فما دريت إلا والمصلين يفزون قياما فعرفت قدومه وطفق الناس في التقدم والتراص , لكن
شرع الشيخ بالتكبير من فوره ولم يمهلنا ربع دقيقة !!!
فكنت واصلت التقدم لسد الخلل الواسع ففاتتني ثلاث التكبيرات الأولى !
ولك أن ترى حركات املصلين وفرج الصفوف وإلامام ماض في تكبيراته فتعجب من الحال وتأسى لواجب أو إن قلت سنة مؤكدة لم ترْعَ !
هل ما فعل الشيخ مشروع ؟
لا
فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف ويوجه وجهه للمصلين يسويهم , وكان يستخدم عصا يشير بها ذات اليمين وذات الشمال .
ومن بعده كان الصحابة على نهجه .
ورد عن الفاروق عمر رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد واقيمت الصلاة تأخر بين كل صفين فقال استووا حتى لا يرى خللا ثم يتقدم ويكبر
وورد عنه أنه لا يكبر حتى ينصرف بوجهه للصف الذي يليه فإن رأى رجلا متقدما أو متأخرا ضربه بالدرة .

قال ابن ( رجب ) في مصنفه فتح الباري :
" وقد كان ابن عمر إذا أقيمت الصلاة وقام مقامه
لا يكبر حتى يأتيه الرجل الذي كان وكله بإقامة الصفوف، فيخبره بإقامتها، وأما
إذا لم يكن له حاجة فالأولى المسارعة إلى الدخول في الصلاة عقب الإقامة.
وفي ((تهذيب المدونة)) للبرادعي المالكي: وينتظر الإمام بعد الإقامة قليلاً قدر ما تستوي الصفوف، وليس في سرعة القيام للصلاة بعد الإقامة وقت، وذلك على قدر طاقة الناس. " انتهى

فما بال أئمتنا وفقهم الله يستعجلون التكبير لا يلوون على تسوية الصفوف التي أقل درجاتها أنها سنة مؤكدة .

طرحت الأمر أنا العامي في مجلس فشكا الحضور أمثالي حال أئمتهم كما شكوت , فهي ظاهرة تحتاج من الأئمة سددهم الله مراجعة وعناية .

هذا والله من وراء القصد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .