[رموز]

وقفة مـع الذات ... أثارت ذكـريات كامنـة في أعـماق روحـي ..

متشـبثة في وجـداني و قلبي .. لن أنـساها ... كيف أنسى ذلك المساء الذي ضمني بإخوة لي في الله في بلاد إسلامية نائية ...

عايشت حالهم ... و أدهشني أحوالهم ... حقا لقد وقفت مذهولا أمام تلك الصور ... و كأننيأقلبها أمام ناظري ..

رباه .. أجساد عارية تحت وطأة الشتاء القارس .. أجسام نحيلة أوقد الجوع نارا في جوفها .. أعين غائرة أنهكها طول البكـاء .. أقدام شتى هنا و هناك .. و لكـل منها حال .. هذه أقدام تحث الخطى على صخور قاسية .. حفرت أخاديد على صفحتها .. مسرعة بين الدروب تنشد الأمان ..

و تلك أقدام أخرى قد تورمت من طول الـوقوف بين مزابل بحثا عن لقمة تسد جوعها ..

آه .. كم فاضت مدامعي و أنا أنظر لأقدام صغيرة لفتاة حديثة عهد بالمعاناة أدماها طول المسير تهرول بين الحقول هربا بعرضها من ذئاب بشرية .. التفتُّ فإذا انا ببقايا أقدام .. بل هي أشـلاء مزقتها لظى الحروب الطاحنة .. و أنا أقلب طرفي هنا و هناك مذهولا من فظاعة الحال برزت أمام ناظري صور أخرى رسمتها الذاكرة ..

لقد تذكـرت أقداما لنسـاء مسلمات في بلاد آمنة .. أقدام ناعمة لم يجد الغبار لها طريقا .. و لم تسلبها الأورام شكلها الجميل .. تذكرت أقداما مزهوة يعلن رنين الخلخال عن حسن خضابها .. و أقدام أخرى آمنة في سربها قادها الهوى و الشيطان لأن تتكـسر في مشيتها ناسية أن النعم لا تدوم .. و تتواى الذكريات في مخيلتي .. فتبرز صور أقدام شباب لأمتي و قد علاها العناء و هدتها الأورام من طول الوقوف في ... ملاعب الكــرة !!

و أقدام أخرى أنهكها ثني الركب في مجالس لعب الورق .. رباه .. شتان بين أقدام و أقدام .. متى سنتذكـر أن النعم لا تدوم و نحن مسؤولون عنها و عن أداء شكـرها .. و من شكرها إغاثة أقدام إخواننا في بلاد المسلمين المتفرقة ...



" مذكرات داعية "

ولكم تحياتي ...