|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
06-11-2007, 08:03 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2006
البلد: تحت أديم السماء
المشاركات: 313
|
سياسة القمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
سياسة القمع عندما أتحدث عن موضوع كهذا فلا أقصد منه البته ترفاً فكرياً إنما واقعاً جلياً نعيشه في مجتمعاتنا , وهو يؤدي في النهاية إلى كبت المواهب , وتحطيم الشخصيات , وإذلال الأعزاء . ليتضح الموضوع إليكم هذه القصة الواقعية . بالأمس القريب دخلت إلى مكتبة فهالني أن رأيت أباً يعاتب ابنه بشدة أمام محل التصوير في المكتبة ويقول له ( أستأذنكم في أن أذكر ما قال وإن كنت أستحي من ذكرها ولكن لأبين لكم عمق الهوة ) يقول لابنه ( ياحمار ماتعرف تتكلم معه ( أي مع العامل ) أنت في أولى متوسط ولا تعرف تتكلم ) فماكان من الولد إلا أن أطرق رأسه أمام من كان في المكتبة ممن نظر إليه وهو في حالته تلك , وأظنه أسبل دمعة أو دمعتين . دار في خيالي وأنا أشاهد ذلك المشهد كيف سيكون واقع ذلك الابن وهو يستقبل سيلاً من التحطيم والنقد اللاذع الذي لا يوصل إلى نتيجة , كيف سيكون وضعه في المجتمع , هل سيجرؤ على الارتجال ومخاطبة العقول , وهو يتوقع في أي لحظة علقة ساخنة من أبيه الذي لا يريد لابنه التميز أراد ذلك أم لم يرد , ولكن واقع الحال يثبته , الغالب فيمن ينشأ مثل هذه النشأة أن يكون خجولاً انطوائياً لا يستطيع إبداء رأيه لأن أباه قد جنى عليه في صغره , وأي جناية أعظم من هذه . أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أنساً خادمه في حاجة فأبطأ عليه فخرج يطلبه فإذا هو يلعب مع الصبيان أقرانه فقال له يا أنس ألم تذهب إلى ما قلت لك ؟ قال : الآن أذهب يا رسول الله ( انتهى الحوار ) حيث لم يعنف ولم يقمع ولم يضرب , لأنه صلى الله عليه وسلم يبني العقول بمثل هذه الأخلاق . وهذا المثال ( أعني قصة الولد مع أبيه ) ينسحب على كل مسؤول مع من ولاه الله تعالى عليه , فالمعلم في المدرسة أو الحلقة له نصيب من هذا , وكذا الأم مع بناتها , وكذا الأخ الأكبر مع إخوانه . إن رفع المعنويات من أهم ما يسهم في بناء شخصية الأبناء , ومما أذكر أني رأيت رجلاً ألح عليه ابنه الصغير أن يشتري غرضاً ما من محل فأعطى الأب للابن مبلغاً وقال اشتر أنت بنفسك وحاسبه ! يا ترى ما هو شعور هذا الولد وهو يشعر بأن أباه أوكله مسؤولية عظيمة بالنسبة له .؟ بعض الناس لا هم لهم إلا النقد الجارح , ويعرف القارئ قصصاً كثيرة من هذا القبيل , فكم مرة أُكمل خبر في مجلس من غيرك وكنت أنت الذي بدأت به ؟ وكم مرة كفاك غيرك إكمال قصة أنت سقتها فقبلت ذلك على مضض ؟ وكم مرة ألقيت كلمة فتجد أن بعض من أمامك لا هم لهم إلا اختيار بعض الكلمات والتعليق عليها وازدرائها والضحك غير المقبول لأنه في غير محله ؟ إذا أردنا أن نبني جيلاً عصامياً فليس لنا إلا أن نكف عن القمع ونتجه للتشجيع غير المفرط الذي يوصل إلى الكبر والغرور , ماذا لو عودت نفسك أن تشكر من أحسن في أي أمر حسن ؟ قد تصلي مع شخص فيعجبك صوته فماذا لو همست في أذنه وشكرته على صوته العذب ؟ فلن ينسى منك ذلك قد يتكلم شخص بكلمة هادفة فتجد بعضهم يلحق به فيسلم عليه ويشكره , ولن ينسى ذلك منه , وقد يكون محفزاً له للعمل للدعوة فيما بعد , وتجد بعض الناس لا هم له إلا التنقص فمثلاً تجده يقول : لو اختار الوقت المناسب , لو غير الموضوع , لو لم يطل , لو أطال , لو , لو ........ بينما لو طلب منه ذلك لامتنع واعتذر . أنا أرحب بالنقد الهادف الذي توضع معه الأشياء في موازينها الصحيحة , أما النقد الذي اعتاد الناس عليه , وهو التركيز على السلبيات ونسيان الإيجابيات , فهو الخطأ الذي أعنيه في موضوعي . وهناك قاعدة وهي أنك إن أشغلت نفسك في الحياة بالنقد والرد كان ذلك على حساب العمل , وولذلك فإن بعض الدعاة والعلماء لما كان النقد يوجه إليهم دائماً وأبداً لم يكن في حاجة أن يقرأ كل رد ويعقب عليه وإلا لنفد عمره وهو على تلك الحال , فتجده لا يعبأ بما قيل عنه ذماً أو مدحاً لأنه إنسان عملي , وهذا هو الذي يحدد نجاح المسلم في حياته وبعد مماته بإذن الله تعالى . شكراً ....نوح.... الثلاثاء 25/10/1428هـ
__________________
[يمنع وضع الإيميل [/center] نوح سابقاً
|
الإشارات المرجعية |
|
|