برودة الجو تحتم عليَّ أن أبقي نوافذ الهاي مغلقة , فلا أستطيع أن أحتمل برودة الرمل وبرودة الطقس وأنا أشم ذلك الهواء البارد , فكأن قدماي هما إطارات سيارتي , برد من وراء برد , وغمارة الهاي دافئة حد التخمة .
في أم عسيب , أو في بريتسة , أو في أي تجمع شبابي ؛ أجد الهاي تقفز بي من طعس إلى طعس كي أصل إليهم , وحين يجنُّ الليل , تبقى غمارة الهاي دافئة , ومن على يمني يقرسه البرد كلما أراد أن يرمي شيئًا من النافذة .
يكاد النعاس يغلبني , فهو أول النوم , وكم مرة كاد النوم أن ينشب أظفاره في عيناي , لكن تلك الطعوس لا تدعه يتمكن مني , فمهما كان الدفء متوهجًا في غمارة الهاي فلا يقدر على أن يغلبني أبدًا .
قد أتعجب من لثام الشماغ حول رأسي رغم ذلك الدفء , لكنه مثلما أخفض رأسي حين تصطدم زجاجة الهاي الأمامية بغصن شجرة , فتراني أخفض رأسي أحسب أن الغصن سيعلو رأسي , ويضرب وجهي .
ذلك الدفء يشعرني بحب المغامرة , فكأنني أسد يعلوه فرو على سائر جسمه , فلا أشعر ببرودة الجو , وإنما أستمر في التطعيس , فسيان عندي البرد والحر , وحسبي أنني دافئ القدمين , فكل ما على المرء قدمه اليمنى , فحبذا ناقل الحركة الآلي , ولكن لا ناقل من ذلك النوع في الهاي , وعزائي تلك الجنوط الكبيرة , وتلك الكفرات التي كأنها كفرات همر .